للأحزاب المغربية خرجتان: في الانتخابات الجماعية والتشريعية. ما دون هذين الاستحقاقين الدستوريين تغط أغلب الأحزاب في «بيات شتوي» و"نوم عميق".
تعود المغاربة أن يرتفع مستوى الأدرينالين في عروق الأحزاب مع بداية موسم «التزاوج» مع المقاعد البرلمانية وتوزيع «كعكة» المقاطعات والجماعات الترابية. وهي حمّى جماعية تصيب معظم الأحزاب المغربية التي كانت تغلق على نفسها داخل شرنقة.
الحزب الذي ينبغي أن يكون هو الدرع الواقي لحماية مصالح المواطنين والناطق بلسان الشعب في المؤسست التشريعية، يقدم استقالته من هذه المهمة بعد اقتسام المناصب في المجالس الترابية والبرلمان والحكومة.
وظيفة رقابة عمل الحكومة التي يمنحها الدستور للأحزاب -في شخص برلمانييها- تقوم الحكومة بتعطيلها، وبدل أن تُفعّل الأحزاب الدستور (خاصة الفصل 82) نراها تختار أن تنكمش داخل قواقعها مثل «حلزونات» تدبّ الأرض بتثاقل مملّ. لذا تجد الحكومة نفسها بلا منافس يزعجها في تمرير مشاريع قوانين ظالمة لا يخدم معظمها مصلحة المواطن.
اختيار الأحزاب أن تفكّ ارتباطها بالشعب، ببناء جدار عازل وكاتم للأصوات، والعيش في عزلة قاتلة بجرعات أوكسجين صناعي، هو ما يخلق البيئة للتسطيح وإشاعة ثقافة التضبيع في مواقع التواصل الاجتماعي، كما أن فكّ الأحزاب لارتباطها مع المجتمع يرفع من احتقان الشارع واندلاع الاحتجاجات العشوائية وغير المؤطرة التي تصبح هي المدافع «الشرعي» عن مصلحة المواطن أمام «تغوّل» الحكومة واستبدادها.
تنازل الأحزاب عن القَسَم الذي قطعته لناخبيها وتمزيقها لميثاق «الشرف» الذي التزمت به، يساهم في «تسمين» أحزاب الأغلبية الحكومية التي تقوم بوظيفة «القُرَدِيّات» التي تتغذّى بامتصاص دماء ضحاياها!!
تسع سنوات والمغاربة تتلقى صدورهم «الرّصاص» من مدافع حكومة «البيجيدي» أمام اختفاء تام لأحزاب المعارضة، في غياب توازن يحفظ للممارسة الديمقراطية ماء وجهها، وما شاهدناه هو اندلاع حرب «المصالح» وتفكّك أنسجة الأحزاب الحديثة النشأة، وانزواء الأحزاب الوطنية في مكان قصي تسمع من أبراجها العاجية هدير «طاحونة» حكومة البيجيدي وهي تعصر الشعب.
هذا الواقع السياسي البئيس يجعل من مقرات الأحزاب مثل «ثلاّجات» موتى لا حياة فيها لمن تنادي.. واقع مثل هذا يفرض على المغاربة قراءة صلاة «الغائب» على الأحزاب.. واسألوا أهل الذكر لعلكم تعقلون!!