الثلاثاء 26 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

مصطفى بن يحي: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بأكادير آفاق في الأمام وريوع خلفية..!

مصطفى بن يحي: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بأكادير آفاق في الأمام وريوع خلفية..! مصطفى بن يحي

من أهم ما جاء في التوجهات الملكية لجلالة الملك نصره الله من خلال عدّة خطابات أنّ: "التطبيق الفعلي للجهوية مبنية على اقتصاد جهوي واستهداف المستهدفين الجهويين.. في العمل على النهوض بالجهات اقتصاديا اجتماعيا".. فالمتأمل في كل الخطابات الملكية يجب الاستناد النظري والتطبيقي لهياكل الجهة ودورها العملياتي في التنمية.. وهو ما جاء مؤكدا في كلمة جلالته في "المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بأكادير"، حيث يأتي في إطار رؤية متطورة جديد للسلطة والإدارة، كما تضمنه دستور البلاد في الحفاظ على المؤسسات وعدم تضارب المهام لتكون التنمية هي البوابة الاساسية وتصور نابع من المعنيين ببرامج تراعي خصوصيات الجهة، وفي ذات اللحظة تضمن التكامل والانسجام بين الوحدات الترابية مع باقي الجهات، وهذا التطلع يمنح مجال وآفاق منفتحة ومتعددة، وهذا ما أكدته دولة "البارغواي" اليوم في دعم مشروع الحكم الذاتي الذي يتضمن فلسفة "الجهوية المتقدمة".

 

لكن من غرائب الأمور أن الجهات المنظمة لـ "لمناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة بأكادير" راعت مصالحها المركزية والمسالك التي تنتهجها مخالفة بذلك فلسفة المناظرة والتوجهات الملكية السامية في اشراك الجهات في التنمية، فلقد كان من الأجدى إشراك وإحداث لجنة تشرف عليها جهة "سوس ماسة" لمواكبة اللوجستيك من: الأمن والحاجيات الهائلة للإعداد لهذه المناظرة لتكون موازية بالعمل التوجهي لجلالة الملك خاصة لهذه الجهة، بل تمت برمجة هذا اللقاء الكبير بمقاييس لا يمكن القول عنها سوى أنها ريعية باستمرار على المنهج القديم وفق عمليات الاعداد مضبوطة مركزيا على مستوى "الرباط" وإقصاء كل الفاعلين.. فحتى الشوكة والخيام والصحون والشركة الأمنية الخاصة بالحماية والتغذية وغيرها الكثير مستقدم من دائرة "الرباط/ الدار البيضاء" في إقصاء تام منهجي مشبوه، مما يظهر بشكل فعلي أن كل المبادرات الملكية الانسانية في رقي شموليتها تتبدد بفعل هذا الواقع الريعي المظلم.. لكن ما يخيف هي الإشارات التي ترسلها هذه الجهات النافذة مركزيا وأدواتها الاقتصادية الريعية الفاسدة: أن الجهات والفاعل الوطني غير مؤهل وبأن الكفاءة الوحيدة! المتواجدة هي في الدائرة أعلاه "المركز" تحت عنوان عريض: تقسيم الفساد و الريع بشكل عادل .

 

ولعل تنظيم مثل هذه المناظرات الوطنية الكبرى وإقصاء الجهة الترابية المنظمة وكل فاعليها الاقتصاديين والإعلاميين والمثقفين... يزيد الطين بلة، خاصة أننا نجد أن المركز والجهات المنظمة واللوبي المهيمن على صفقات التنظيم والتجهيز والإعداد تلغي الأقطاب الروحية الترابية المنظمة، متجاهلة بذلك "لا مركزية" في كل المناحي والاحتياجات بحيث تضفي الشرعية على فسادها وريعها، فتضرب بذلك كل جوهر أو مشروع وطني هادف؛ وقد تعزز هذا التوجه في حذف كل الممونين والمنظمين والشركات بجهة "سوس ماسة" عبر الاستعانة بالمنظومة التي تشتغل معها بجميع تراب المملكة.. أليس هذا هو الغبن والسخط ورفع الاحتقان واستعمال شعارات فضفاضة في التكافؤ؟ ألا يعد هذا تقويض لكل توجه ملكي سامي والتهافت على كل مشروع نبيل من طرف الريوع في المؤسسات الرسمية وأذيالها؟ 

 

آه يا وطني... هنا يمكن القول بأن كل مؤسسات الدولة باستثناء المؤسسة الملكية التي تسعى بكل جهدها لمواكبة التغيرات العالمية والوطنية، سواء في التنمية والتقدم، فإن هذه السفينة تشرف عليها مؤسسات يجب معاودة انضاجها في حقل سياسي فوضوي ولوبي ريعي متداخل، لا نجد فيها للجهوية المتقدمة في وصفها "تنمية" سوى هذه الأشكال الإعلامية وتقاريرها المتضخمة المحتشمة.

 

خلاصة القول إن تصور "الجهوية المتقدمة" يحتاج إلى تصور حقيقي في برمجته وليس إثقال كاهل خزينة الدولة بملتقيات تستفيد منها اقلية ريعية فاسدة مرتبطة بها، بعبارة أخرى أن التنسيق مع الجهات والفاعلين في الجهات هي ضرورة للتنمية ومبرر حقيقي للتطبيق العادل للمشروع الوطني الكبير بدل هذه الأدوار السلبية، فلإضفاء النجاعة والفعالية هي في معالجة الامور التقنية من صفقات وإشراك الجهات المعنية وتفاعل المركز مع الفاعلين بدل حاضنتها الريعية، ثم تكريس الصدق للنهوض بالجهات والوطن والقطع مع الأطماع الانفصالية التي تزكها بعض الأطراف الخارجية وتحقيق تطلع التنمية التي ينتظرها المواطنين في المشروع الكبير الوطني بكل حكمة وتبصر  .

 

لكن، كل الآمال معقودة على الاشارات والتوجيهات السامية لصاحب الجلالة محمد السادس نصره الله، وحمى الله المغرب.

 

- مصطفى بن يحي، رئس جهة "سوس ماسة" والنائب الأول للجمعية الوطنية لمهنيي قطاع تموين وتنظيم الحفلات والتظاهرات