كنت أكثر تتبعا للانتخابات الخاصة بمدينة اسطمبول التركية، ليس لأن تركيا موطن الأممية الإخوانية فحسب (بعد أفول الحركة بمصر)، بل لأن مدينة اسطمبول تعد من الحواضر الإقليمية المهمة لوزنها الديمغرافي والاستراتيجي والمالي.
وبعد الاعلان الرسمي عن فوز مرشح المعارضة إمام أوغلو (حزب الشعب الجمهوري) ب 4.741.000 صوت ضد خصمه بنعلي يلدريم (حزب العدالة والتنمية) بفارق مهم بلغ 800.000صوت (بعد أن كان الفارق هو 13 ألف صوت فقط في انتخابات 31 مارس 2019، المطعون فيها من طرف أردوغان)، بدون أن يطعن في هذه النتائج لا حزب العدالة التركي او المراقبون الأجانب الموفدون لتتبع الوضع، أمكن للمرء أن يقدم قرائته للحدث.
لن أناقش الوضع الداخلي باسطمبول وتداعيات الانتخابات على الوضع السياسي العام بتركيا، لأن الأتراك "فران وكادين بحومتهم"، ولكن ما يهمني في انتخابات اسطمبول هو مشروعية العمدة المنتخب.
فسكان الميتروبول التركي يصل إلى 15 مليون نسمة، والكتلة الناخبة تصل إلى 10.560.000 ناخب. وبلغت المشاركة في انتخابات 23 يونيو 2019 رقما قياسيا، قارب 85 في المائة( تحديدا بلغ عدد المصوتين لاختيار عمدة اسطمبول 8.925.000 ناخب)، أي أن العمدة الحالي "إمام أوغلو" صعد لكرسي المسؤولية مسنودا ب 54 في المائة من ناخبي اسطمبول.
وهنا بيت القصيد. إذ للمقارنة نجد "ربيب" الحركة الإخوانية بالدارالبيضاء، العمدة عبد العزيز العماري، وصل لكرسي المسؤولية برقم مخجل ومخزي ومذل. فحسب اقتراع 2015 الخاص بالانتخابات الجماعية بالمغرب، نجح العمدة العماري ب 7121 صوت فقط، أي ما يمثل 0،3 في المائة من الناخبين بالدارالبيضاء (يا للشوهة!!).
ولا نحتاج للوقوف على دلالات الفرق بين عمدة وصل للقرار ب 54 في المائة من سكان المدينة (اسطمبول) وآخر وصل لمركز القرار ب 0،3 في المائة من أصوات سكان المدينة(البيضاء) !
ورغم النسبة الهزيلة جدا للذين صوتوا عليه، نجد العمدة العماري يتحكم في رقاب 4 ملايين من السكان بدون مشروعية وبدون امتداد مجتمعي !!
قد ينهض أحد ما ويقول أن العمدة العماري لم يصل لمنصب العمدة لشخصه، بل لأن حزبه(البيجيدي) كان هو الفائز في الانتخابات البلدية. وهذا قول مردود وغير مسنود، بحكم أن الأحزاب الفائزة في اقتراع 2015 بالبيضاء بلغت 26 حزبا حصلت مجتمعة على 315.000 صوت بما فيها حزب البيجيدي ! أي ان هذه الأحزاب مجتمعة (26 حزب بما فيها الأصوليون) لم تحصل إلا على 15 في المائة من أصوات سكان الدارالبيضاء ومع ذلك نرى ممثلي هذه الأحزاب "يطحنون" في بيضاوة "طحنا" كل يوم ويبذرون ضرائب السكان في "لخوا الخاوي"، عكس أسيادهم الأتراك الذين جعلوا من اسطنبول عاصمة مالية إقليمة محورية!
فهل يستوي العمدة إمام أوغلو مع العمدة العماري؟
فطوبى لسكان اسطمبول الذين اختاروا عمدة يساوي 666 مرة الوزن الانتخابي لعمدة الدارالبيضاء !!