الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

سيرة رجل سلطة:الحسن مختبر ..من لاعب كرة قدم إلى التنظيم السري المسلح(الحلقة 14)

سيرة رجل سلطة:الحسن مختبر ..من لاعب كرة قدم إلى التنظيم السري المسلح(الحلقة 14) الحسن مختبر
في سياق توثيق الذاكرة السياسية لمغرب الستينيات والسبعينيات، واحتفاء بالأسماء التي أدت ضريبة النضال من أجل التقدم والديمقراطية، نستعيد في هذه الصفحات مقاطع من سيرة المناضل مختبر الحسن، المحامي ورجل السلطة، الذي فرح بالحكم عليه بالمؤبد لأن قبله تناثرت أحكام الإعدام ونفذت بعد ذلك.
انطلاقا من مرحلة النشأة والتكوين بدرب الكبير بالدارالبيضاء، مرورا بالتحاقه بالدرس الجامعي، وتحديدا بخلايا الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم لاحقا بالعمل كقائد بمنطقة واد لاو بشمال المغرب، السيرة تبرز التفاصيل: لقاء الحسن الثاني- لقاء عمر دهكون- الفقيه البصري- اغتيال الجنرال أوفقير - زيارة الشهيد عمر بنجلون في السجن وبعد الطرد الملغوم، ويروي لنا قصة باخرة السلاح التي لم تتمكن من دخول بحر شمال المغرب لأسباب لوجيستية، وقائع الاعتقالات والمحاكمات، اغتيال الشهيد المهدي بنبركة، النقاشات داخل الحقل الطلابي وما ترتب عنه من جدل بين مكونات اليسار المغربي وتفاعلات الانقلاب العسكري وانتهاء باستراتيجية النضال الديمقراطي التي آمن بها أشد الإيمان ومازال لم يبدل تبديلا عنها داخل صفوف الاتحاد الاشتراكي بكل تواضع وإيمان ... عضو نشيط في التنظيم السري المسلح، واضع خرائط قيادة ومحيطها بالجنوب... رجل يحب الفن والثقافة ولاعب كرة القدم الذي تغير مساره للكفاح المسلح:
اعتقلت بعد رجوعي من الخارج مع زوجتي التي أكلت ورقة تصميم نزول باخرة السلاح
سيرافقك الأستاذ محمد كرم من الجمعية والجامعة وستتشاركوا الزنزانة ؟
حكى لي محمد كرم، الذي كان يتقاسم معي الزنزانة، في سنة 1972، أنه لما كان يترافع مع عمر بنجلون عن عبد اللطيف اللعبي وأنيس بلافريج ابن المرحوم المناضل الاستقلالي أحمد بلافريج ومجموعة "إلى الأمام" بعد اعتقال أفرادها بالدار البيضاء، وكانوا يشكلون مجموعة ماركسية لينينية، طلبوا من المحامي كرم باعتباره ناطقا رسميا باسم المجموعة،أن " لا تترك بنجلون ينوب عنا ". كانت للمجموعة ثقة كبيرة في المحامي محمد كرم، ولم تكن تثق في عمر بنجلون كما فهمت وقد أكون خاطئا .
لماذا تم اعتقال محمد كرم بالرغم من عدم انخراطه في التنظيم السري ؟
تم اعتقال محمد كرم بناء على تصريحات عمر دهكون، وللإشارة فقد كانت زوجته هي أخت زوجتي المتواجدة معي في الديار الإيطالية، من عائلة ملوك التي استقصت الأخبار، وكانت لهما أخت أخرى متزوجة بشخص اسمه الحاج رضوان يشتغل إطارا بنكيا. بعد موجة الاعتقالات أرسلوا إلي زوج أخت زوجتي رضوان إلى الخزيرات قبل أن أتوجه إلى تطوان بعد دخولي إلى المغرب، حيث كنت عائدا إلى عملي كقائد بواد لاو بعد العطلة التي قضيتها في الديار الإيطالية.
بماذا أخبرك ؟
أخبرني المبعوث أن محمد كرم اعتقل، فسألته كيف ؟ قال إن عمر دهكون اعتقل هو أيضا، فقلت له بأنه لم تكن هناك علاقة تجمع محمد كرم بدهكون .
في تلك الفترة أخذت الاعتقالات تشمل اليساريين أيضا، مجموعة " أ " و " ب " . فقال لي إن دهكون هو الذي ذكر جميع الأسماء بمن فيهم أنت . بدأت في التساؤل ما السبيل ؟ هل أبقى في الخارج برغم معرفتي أن المنفى صعب، كما كنت أقول لنفسي إن عمر دهكون لا يمكنه أن يذكر اسمي، وكنت واثقا من ذلك مئة في المئة.
ولماذا ذكر دهكون اسمك ؟
تأكدت في ما بعد أن ثقتي كانت خاطئة وأن علي التخلي عن الاعتبارات الإنسانية الزائدة عن اللزوم .
دخلنا إلى تطوان، كان رجال البوليس يعرفونني لأنهم كانوا يزورون واد لاو للتبضع. سألوني بادئ الأمر: السي مختبر ماذا فعلت ؟ لم يطلعهم البوليس السياسي عن أسباب الاعتقال، اكتفى بإخبارهم أنه مطلوب اعتقالي.
تم اعتقالك بمدينة تطوان بعد رجوعك من الخارج ؟
ذهبنا إلى الكوميسارية المركزية لتطوان، أنا وزوجتي، وكان المفروض تفتيشي في القيادة، أي إدارة العمل التي كنت تابعا لها، لأنه كان هناك أشخاص يحملون بطائق تعريف مزورة، لم أترك أي أثر يدل على أنني أنا الذي زورت تلك البطائق، لم يجدوا شيئا في الإدارة. لكنهم فكروا في السكن الذي أقطن به في واد لاو، وبما أنه كان واسعا وكبيرا فقد اعتقدوا أن أسلحة ربما تكون مخبأة به. تذكرت وقتها الفقيه البصري الذي كان طلب مني بواسطة دهكون وضع خريطة المنطقة لنزول باخرة محملة بالسلاح كانت ستدخل المغرب . لم أحرقها، كنت وضعتها بين حلي زوجتي. همست لها في أذنها أن تحاول أن تسبقنا وأن تسحب ورقة من صندوق الحلي. لذلك، حاولت أن أشغلهم قليلا، وقد تمكنت زوجتي فعلا من الوصول إلى الورقة وأكلتها " أكلت الباخرة " أي الرسالة السرية .