الجمعة 19 إبريل 2024
سياسة

الدكتور تدموري:النخبة الحاكمة ونظرية المؤامرة(4)

الدكتور تدموري:النخبة الحاكمة ونظرية المؤامرة(4) د.عبد الوهاب تدمري
تشرع جريدة "أنفاس بريس" نشر أجزاء من المقال التأملي للفاعل الحقوقي د. عبد الوهاب تدمري، وهو مقاربة سياسية لمحاولة الغوص في طريقة تفكير النخب الحاكمة بعد أن فشلت في تقديم نفسها بديلا للرعيل القديم، ليس كوجوه جديدة، بل بأفكار وتصورات سياسية، وغير مدركة لما يشهده المجتمع المغربي والعالم من حولنا من ارتجاجات وذلك من خلال الوقوف عند عنصرين يبدوان لي مهمين لفهم طريقة التفكير عندها.
ت/النخب وتدبيرها للشأن الانتخابي:
صحيح أن الانتخابات هي من العناصر المؤثثة للعملية الديمقراطية شريطة أن تكون حرة ونزيهة، وتتسم بالتنافسية بين الفرقاء السياسيين على أساس البرامج. هذا في الوقت الذي على الدولة أن تقف موقف الحياد والمراقب لضامن نزاهتها. لكن عندما نستحضر التجارب الانتخابية السابقة وما اتسمت به من تدخل للدولة من أجل التأثير في نتائجها لصالح حزب الأصالة والمعاصرة، وكذلك ما يطبخ الآن من سيناريوهات في الغرف المغلقة للانتخابات المقبلة ،التي يبدو أن النخب الحاكمة الجديدة قد حسمت أمرها بالرجوع إلى التركة القديمة لعهد الملك الراحل الحسن الثاني، بمنح الصدارة لحزب الأحرار في الاستحقاقات التشريعية لسنة 2021 وذلك في إشارة واضحة لفشل الرهان على حزب الأصالة والمعاصرة الذي تأسس بإيعاز منها بعد فشله في تصدر نتائج الانتخابات التشريعية السابقة لسنة 2016، والذي يعكس فشلا ذريعا لطريقة تفكير النخبة السياسية الحاكمة، وليس فقط لحزب الأصالة والمعاصرة الذي وقع كل اللوم عليه، وذلك في إشارة واضحة على نيتها الاستمرار في نفس النهج القديم، وعلى عزمها التدخل في شان الاستحقاقات التشريعية المقبلة ،متناسية ان تدبير الشأن السياسي لا يمكن اختزاله في العملية الانتخابية أو وما تستلزمه من مكائد لضمان تحكمها في المؤسسات حسب فهمها التقليدي للممارسة السياسية. وانها بفهمها هذا، واستمرارها على هذا النهج و رهانها عليه، ستفشل حيث فشلت مع حزب الأصالة والمعاصرة. وأن حزب العدالة والتنمية ومعها باقي أطياف حركات الإسلام السياسي ستتصدر من جديد أي استحقاق انتخابي مستقبلي، ليس لكونها تحظى بثقة عموم الشعب، او لنجاعة برامجها من داخل مسؤوليتها الحكومية، بل لثبات قاعدتها الانتخابية التي تزداد توسعا من خلال تحكمها في مؤسسات الحقل الديني، ومؤسسات اجتماعية أخرى، في مقابل التدني المضطرد لنسب المشاركة الشعبية في الانتخابات التي فقدت جدواها عند غالبية الشعب المغربي الذي فقد الثقة في الدولة والأحزاب والمؤسسات. وبالتالي كان على الممارس للسياسة في الوضع الحالي من النخب المتحكمة في دوائر صنع القرار، ان يعالج الأسباب الحقيقية الكامنة وراء فقدان ثقة المجتمع من العملية السياسية، عبر إطلاق النقاشات العمومية حول الاوراش الكبرى التي تهم الشعب المغربي في أفق إصلاحات سياسية ودستورية تؤسس لانتقال ديمقراطي حقيقي، والعمل على إطلاق سراح نشطاء الحراك الشعبي بالريف وجرادة وزاكورة وما تبقي من معتقلي حركة 20 فبراير. أما الاستمرار في المقارب التقليدية لتدبير أمور الدولة والمجتمع، فلن يزيد الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية إلا تأزما وفي الأزمة تنتعش كل أشكال التطرف ويتوسع مجال فعل حركات الإسلام السياسي التي يبدو لي أنها ستتصدر المشهد السياسي في المرحلة المقبلة.
انتهى