لا أحد يجهل أن بريطانيا هي التي صنعت سمّ «الإخوان المسلمين» ونفثته بالعالم العربي. كانت البداية من مصر لخنق جمال عبد الناصر، فتبنت لندن الإخوان المسلمين وسمنتهم واحتضنتهم وفتحت لهم أبوابها للاستقرار بعاصمة الضباب ومولت صحفهم وإذاعاتهم. وفي عام 1982 وظفت بريطانيا «الإخوان المسلمين» في المواجهة المسلحة مع سوريا في عهد الرئيس حافظ الأسد.. وفي تونس اقتنصت بريطانيا راشد الغنوشي ووفرت له منصة لقصف تونس على امتداد 20 سنة. وفي المغرب بنت جسرا مع إخوان بنكيران عبر أحمد الصويان (صديق الوزير الخلفي) وزين العابدين سرور (الملهم الروحي لبنكيران) وكلاهما (الصويان وسرور) صنيعة بريطانية بامتياز.
ولا يخفى على أحد كيف وظفت أمريكا الإخوان المسلمين في سياستها بالعالم العربي، فاستقوى الأصوليون على خصومهم بحماية «إدارة أوباما» وأمعنوا في التحكم والطغيان مع جميع الأطراف، لدرجة أن سعد الدين العثماني سبق وصرح في السويد، في ماي 2016، بصفته رئيسا للمجلس الوطني لحزب «المصباح»، في مؤتمر فلسطينيي أوربا، عن «دعم الولايات المتحدة الأمريكية لحزب العدالة والتنمية»، مضيفا أن «التواصل بين حزب العدالة والتنمية والإدارة الأمريكية قائم وعلاقتنا بمؤسسات الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية قائمة ولم تتقطع»! وهذا ما يفسر كيف أن حزب «المصباح» كان مهادنا لواشنطن في أحلك القرارات التي اتخذتها إدارة أوباما ضد المغرب: نموذج مسودة توسيع اختصاص المينورسو ليشمل مراقبة حقوق الإنسان بالصحراء، إذ لم يسجل الرأي العام موقفا شرسا لقادة المصباح ضد الإدارة الأمريكية على غرار الأحزاب والتنظيمات المدنية الأخرى التي استنكرت بقوة مسودة إدارة أوباما المقدمة لمجلس الأمن آنذاك حول الصحراء.
أما على مستوى تمويل الولايات المتحدة الأمريكية للأصوليين، فهو أمر واضح، إذ استعملت واشنطن عدة طرق لتمويل أذرعها الأصولية بالمغرب، وهي الأذرع التي تم فضحها على هامش انتخابات أكتوبر 2016 حيث تبين أن واشنطن تعتمد طرقا ملتوية لإيصال المال إلى التنظيمات أو الجمعيات التي تدور في فلك الأصوليين، وهي:
أولا: استغلال دور النشر لإدخال أموال تصب في جيوب الأصوليين لتمويل مشاريعهم الدعوية.
ثانيا: استعمال جمعيات الإحسان التي تدعي مساعدة الأشخاص في وضعية إعاقة لتسمين أقطاب هذه الجمعيات قصد توظيفهم في ما بعد من طرف الإدارة الأمريكية لخدمة مصالحها.
ثالثا: استغلال واشنطن للمراكز المسماة «مراكز البحث والدراسات» لإمطار الدائرين في فلك الأصوليين بالأموال من جهة واستغلال أمريكا للمعلومات حول المغرب لتوظيفها عند الحاجة من جهة ثانية.
لا يخفى إذن أن مصدر كل الشرور بالشرق الأوسط والعالم العربي من أمريكا وبريطانيا، القوتان الاستعماريتان اللتان تصنعان «مزامير» الإرهاب، وتضعان «النوتات» والألحان الجنائزية، لتعزفها «أوركسترا» الإخوان المسلمين!!!