الخميس 25 إبريل 2024
سياسة

ابعيصيص: هل يعقل أن يفشل رئيس حكومة رغم إمكانياته في إعداد تصور للإقلاع بالتكوين المهني؟

ابعيصيص: هل يعقل أن يفشل رئيس حكومة رغم إمكانياته في إعداد تصور للإقلاع بالتكوين المهني؟ عبد الإله ابعيصيص (يمينا) ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني

لم يقنع سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، وهو يقدم مشروع التكوين المهني الجديد أمام الملك، كما لم يقنع مولاي حفيظ العلمي كذلك في تبرير تباطئه في تسريع خطة التصنيع، وخاصة بالنسبة لمنطقة سوس ماسة. فهل فشل الحكومة المزدوج هذا يؤشر على زلزال سياسي آخر، على غرار ما وقع بالحسيمة؟ "أنفاس بريس" طرحت السؤال على عبد الإله ابعيصيص، عضو المجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد، فأعد القراءة التالية   :

"ننطلق من مسلمة نعتقد أنها لا تحتاج لكثير عناء لإثباتها. هناك رغبة معلنة لقتل السياسة وتحييد السياسي/ الحزبي واستدعاء التكنوقراط لشغل الفراغ المفترض. هذا أمر لا جدال فيه. تجلياته عديدة. لعل أبرزها هو ما سبق وأن سميته بالانتقاء الذي تمارسه دوائر القرار العليا لكل من له رغبة في التقرب وتقديم الخدمة تحت الطلب.

السيد رئيس الحكومة وحزبه الذي يقود التجربة الحكومية الحالية نموذج واضح. جيئ به على عجل لطي صفحة سلفه. ولم يكن أمامه من خيار إلا أداء القسم. لا حديث اليوم إلا عن فشله في تقديم تصور ومشروع متكامل للنهوض بقطاع التكوين المهني بتكليف من رئيس الدولة؛ ولن نخوض في التفصيل الدستوري لطبيعة الأمر الملكي ولا لغياب مسؤولية البرلمان ممثل الأمة؛ سنتناول الموضوع من جانب واحد وهو اللغة المباشرة التي أصبح يخاطب بها المسؤول الأول عن التدبير الحكومي من طرف أعلى سلطة ومن طرف عموم المواطنين.

وبعيدا عن كلمة "غضبة الملك" التي توحي مما توحي إليه هو الرغبة في طي صفحة العدالة والتنمية فتواتر التقارير الرسمية والدولية والصحفية المتفقة على الفشل الذي حصدته وتحصده حكومة العثماني (تقرير صندوق النقد، تقرير التنمية البشرية، تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إضافة إلى التقارير الصحفية، آخرها تقرير "جون أفريك")، يعطي الانطباع أن هناك رغبة لإنهاء تجربة الحل الذي تم اللجوء إليه للالتفاف على الربيع المغربي.

بكل أسف نقولها لقد انتهت مدة الصلاحية المفترضة. لكن الأمر المؤسف هو أن الدولة لجأت إلى من تعوزهم الكفاءة بغض النظر عن وهم الشعبية الذي اندثر مع توالي الخيبات. فكيف يعقل أن يتم تكليف "رئيس حكومة" له من الإمكانيات والأطر بإعداد تصور للإقلاع بقطاع واحد ويفشل؟؟

أتساءل عن طبيعة المستشارين الذين يحيطون بالسيد العثماني. هل انعدمت الكفاءات في هذا الوطن حتى لا نجد فريق عمل متخصص لإعداد تصور لإصلاح قطاع التكوين المهني؟ أم أنه منطق العشيرة يحجب الرؤيا؟ لابد وأن السيد رئيس الحكومة بدل أن ينفتح على الأطر التي تزخر بها البلاد أنكفأ على أبناء عمومته، فكان الفشل حليفه كالعادة.

وبعيدا عن أي مزايدة، أعيد وأكرر أن الأمر أكبر من فشل في إصلاح قطاع أو "غضبة ملك"، لأن الأصل أن المؤسسات لا تغضب، وإنما هي مؤسسات محايدة تشتغل وفق برامج وحدود مسؤولة. إن ما يجب أن يربط بين الملك والمسؤولين لا علاقة له بالغضب والسخط أو الحب والرضى، وإنما هو مسؤوليات يحددها النص الدستوري الذي هو الوثيقة الناظمة لطبيعة العلاقات بين المؤسسات داخل الدولة التي تحترم قوانينها.

إن من يطالبون الملكية برلمانية يجدون سندهم في مثل هذه الوضعيات، إنهم  يريدون ربط المسؤولية بالمحاسبة، لكن أمام الشعب أولا وأخيرا، لأنه هو مصدر السلطة وواهب الشرعية.

لكن ألا يحق لنا أن نتساءل: أيهما أشد، غضبة ملك أم غضبة شعب؟ الملك وهو رئيس الدولة غاضب والشعب غاضب. فمن المسؤول عن كل هذا الخراب؟"