الجمعة 29 مارس 2024
مجتمع

البكارة.. هل صحيح هي ما لا يمكن أن تمنحه النساء إلا مرة في العمر أم "الريح للي جا يدينا"؟

البكارة.. هل صحيح هي ما لا يمكن أن تمنحه النساء إلا مرة في العمر أم "الريح للي جا يدينا"؟ صورة من الأرشيف

ربما لم يعد تداول العبارة التالي ذكرها كثيرا في أيامنا هاته، إنما الأكيد يعلمها جيدا، جيل الثمانينات وما قبله. الأمر يتعلق بـ "فلانة خْسّْرْها صاحبها"، والمقصود أنه افتض بكارتها. مما يفيد وكأن الموضوع مرتبط بعطب أصاب جهازا، فانتهت صلاحيته ولم يبق له نفع إن لوجوده أو لغيره.

وإن دل هذا على شيء فلن يكون سوى القيمة الكبيرة التي طالما يوليها المجتمع لذلك الغشاء كضامن اعتباري رئيسي للوجود الأنثوي، وبدونه فالفتاة مجرد كائن بشكل كتلة لحمية وهيكل عظام، حتى لا نقول مصدر خزي وعار لها ولأسرتها.

اليوم، وبعد محاولات يصعب معها العد لتغيير هذا المفهوم على الصعيد المحلي من طرف جمعيات ومنظمات حقوقية ونسائية بالخصوص، طلع تقرير دولي، وباسم حقوق الإنسان، يعتبر مجرد اختبار تلك العذرية فيه مساس بكرامة المرأة، وإهانة لكيوننتها كعنصر من المفترض أن يكون على قدم المساواة مع الرجل؛ وذلك بناء على عدم جدوى قياس الشرف بالحفاظ على البكارة، كما أن فقدانها لا يعني في كل الأحوال إساءة.

وكما هي العادة، انطلقت ردود الفعل بوطننا لتؤكد أن "الريح اللي جا يدينا"، وتم تجاهل مجموعة حقائق يستحيل القفز عليها في بناء هذا المجتمع، أبى من أبى ورغب من رغب. بل وحتى عدم اعتبار أن ولايات في أمريكا مازالت تعتبر الحفاظ على البكارة شرطا جوهريا لتقييم سمعة البنت، وما الفستان الأبيض الذي ترتديه يوم زفافها إلا ترجمة لوفائها بالعهد الذي قطعته مع والدها من أجل صيانة ما لا يمكن أن تمنحه سوى مرة العمر.

وإذا كان شأن الكرامة والإهانة وما يأتي من قبيلهما قد هيج المنساقين وراء النقاش من منطلق الحرية الشخصية للنساء، فإن ليس هناك استصغار وتقزيم لرأيهن أكثر من تفعيل وكالة عليهن، والأدهى دولية لتحدد ما يليق بهن وما لا يليق. مع أن الأجدر انفراد كل امرأة بما تراه يناسب قناعاتها دون تحريض أو توجيه من أي كان.

وعلى ذكر أمريكا، صاحبة الحل والعقد، في شؤون العالم، يسجل التاريخ أنه وقعت في بداية اختراع السيارات حادثة سير. لكن المثير ليس الحادثة في حد ذاتها، وإنما الجواب عن سؤال: "كم سائقا كان في تلك الولاية؟". كان فقط اثنين. وقتها وأمام انعدام ضوابط القيام بإجراءات "الكوصطا وقيمة البروصي" تم اللجوء إلى تبادل السيارتين، بحيث منح مرتكب الخطأ سيارته السليمة للضحية، والعكس صحيح. مما جر على مقترف الضرر نعوت الاستهزاء ومن بينها "فاقد بكارته".