الخميس 25 إبريل 2024
مجتمع

محكمة الاستئناف بتازة: قرار جريء يصوب أخطاء النيابة العامة في الاعتقالات التعسفية

محكمة الاستئناف بتازة: قرار جريء يصوب أخطاء النيابة العامة في الاعتقالات التعسفية بوعزة كريم

في سابقة بالمغرب، أصدرت محكمة الاستئناف بتازة قرارا يعزز من حماية الحرية الشخصية في المتابعات القضائية، جاء فيه أن إحالة المتهم إلى القضاء من طرف النيابة العامة بعد انصرام الآجال القانونية المحددة في ثلاث أيام، يعد تعسفا ويمكن رده استنادا إلى الدستور المغربي والمعاهدات الدولية التي صادق عليها المغرب.

وقبلت المحكمة إثارة الدفع قبل كل دفاع في جوهر الإحالة وقبل استنطاق المتهم خلال المرحلتين معا طبقا للمادة 323 من قانون المسطرة الجنائية، شكلا، مفسرة ذلك بالرجوع إلى الشرعة الدولية لحقوق الانسان التي صادق عليها المغرب وقام بنشرها، والفصلين 23 و71 من الدستور، فإنه لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله أو متابعته أو إدانته، إلا في الحالات، وطبقا للإجراءات التي ينص عليها القانون، والذي له الاختصاص الحصري في التشريع في ميدان المسطرة الجنائية والحقوق والحريات الأساسية.

وعللت المحكمة قرارها، بالرجوع إلى المادتين 47 و74 من قانون المسطرة الجنائية، حيث إذا أصدر وكيل الملك أمرا بالإيداع في السجن، فإن القضية تحال إلى أول جلسة مناسبة تعقدها المحكمة الابتدائية حسب الشروط المنصوص عليها في المادة 385 من نفس القانون، وهي المادة التي تنص على أنه يقدم المتهم الى الجلسة في الحالة المنصوص عليها في المادة 74 من نفس القانون بدون استدعاء (الإحالة الفورية)، وفي كل الأحوال داخل أجل ثلاثة أيام... وأنه يترتب البطلان عن مخالفة هذه المقتضيات، وهو جزاء تشريعي صريح لا لبس فيه.

وبالرجوع إلى المادة 750 من قانون المسطرة الجنائية، فإن جميع الآجال المنصوص عليها في نفس القانون، آجال كاملة لا تشمل اليوم الأول ولا اليوم الأخير، واذا صادف اليوم الأخير يوم عطلة امتد الأجل إلى أول يوم عمل بعده، وهو اليوم الذي صادف يوم الجمعة 24 غشت 2018، وليس يوم الاثنين 27 غشت 2018، باعتبار أن وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتازة استنطق المتهم وأمر بإيداعه السجن يوم السبت 18 غشت 201، وقرر متابعته من أجل الجنح المرتكبة إلى جلسة يوم الاثنين 27 غشت 2018 باعتبارها الجلسة الأولى.. والحال أنه كان يتعين احتساب الأجل ابتداء من يوم الأحد 19 غشت 2018، إذ صادف اليوم الثاني والثالث أيام عطلة (ثورة الملك والشعب، وعيد الشباب الاثنين والثلاثاء 20 و21 غشت2018)، وتزامن يوم الأربعاء والخميس 22 و23 غشت 2018 عطلة عيد الأضحى، فإنه كان على وكيل الملك إحالة القضية وتقديم المتهم للمحاكمة أول يوم عمل بعد العطلة، وهو يوم الجمعة 24 غشت 2018، وليس يوم الاثنين 27 غشت 2018.

ويبقى هذا القرار، من بين الاجتهادات القضائية الرائدة لقضاتنا النزهاء الذي يدافعون عن احترام سيادة القانون وإرجاع الثقة للمواطنين في المؤسسة القضائية، كما سيحد من غلو سلطات النيابة العامة في التفسيرات والتأويلات الخاطئة التي تدخل العديد من المتهمين السجن دون احترام مواد وبنود القانون الذي يبقى كأسمى تعبير عن إرادة الأمة وعلى الجميع الامتثال له.