سبعة أشهر مرت ونحن ننتظر نتائج التحقيق في فاجعة القطار بطنجة الذي قتل فيه ستة أفراد بمقاطعة بني مكادة. وعوض أن يتوصل الرأي العام ببيان حول مآل ذاك التحقيق، إذا به يقصف بخبر صادم بشأن فاجعة أخرى ببوقنادل بسبب حادث جديد للقطار أودى (ويا للصدفة) بحياة ستة أفراد آخرين. حسب حصيلة أولية.
فيوم 16 فبراير 2018 وعلى إثر فاجعة بني مكادة بطنجة، نومت وزارتا الداخلية والتجهيز الرأي العام ببلاغ صادر يوم 19 فبراير 2018 تلتزم فيه بإحداث لجنة مشتركة تضم المفتشية العامة للوزارتين معا: «لإجراء بحث إداري شامل..واتخاذ التدابير القانونية والإدارية اللازمة ضد كل من ثبت في حقه تقصير أو إخلال في القيام بمهامه».
وبتاريخ 16 أكتوبر 2018 (ويالسخرية الصدفة مرة ثانية)، هرول مسؤولو وزارتي الداخلية والتجهيز إلى بوقنادل وأتخمونا بتصريحات تروم إجراء البحث ومتابعة المتسببين في تشويه سمعة قطارات المغرب.
في الدول المتمدنة التي تحترم ذكاء مواطنيها، تتم على الفور- في مثل هذه الحالات - إقالة المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية والوزير الوصي على القطاع، هذا إن لم تقع ملاحقة قضائية ضدهما بسبب التقصير في أداء المهام. في حين نجد ربيع الخليع المدير العام للمكتب الوطني للسكك الحديدية، يتلذذ بتحطيم الأرقام القياسية في قتل الأبرياء وفي شل حركة القطارات ببلادنا وإلحاق الأضرار بمستعملي المكتب وبشركائه.
ربيع الخليع، المدير العام الخالد في منصبه (كان مديرا بالنيابة منذ عام 2002، ولما عين غلاب وزيرا للتجهيز في حكومة جطو، أصبح لخليع مديرا عاما رسميا عام 2004 إلى يومنا هذا)، وهو يعد أحد أسوأ المدراء الذين تعاقبوا على إدارة المكتب الوطني للسكك الحديدة (يمكن أن نضيف لعلج أيضا).
ففي عهد لخليع، لم يعرف المغرب تشبيكا للسكك أو تمطيطا للسكك أو تجويدا في المرفق أو تحطيما لأرقام المعاملات أو لعب دورا في إعداد التراب الوطني والانصاف المجالي، بقدر ماعرف المكتب الوطني للسكك الحديدية تناسلا رهيبا للحوادث المأساوية.
فحسب تصريح لمهندس مطلع على خبايا المكتب (طلب عدم الكشف عن اسمه)، تم تسجيل 20 حادثة خلال 10 سنوات وتم تسجيل 10 حالات حريق في قطارات لخليع في نفس الفترة، بسبب غياب الصيانة في البنية التحتية السككية وغياب الصيانة في القطارات (حقائق المهندس تنشرها أسبوعية "الوطن الآن" في ثلاث صفحات/ عدد 768 الصادر بتاريخ 18 أكتوبر 2018) بشكل أدى إلى تدهور الخدمات وارتفاع مخاطر الحوادث والمآسي التي يتسبب فيها القطار.
إن أحسن عزاء يمكن أن يقدم لشهداء القطار ببوقنادل وطنجة وغيرهما هو إقالة ربيع الخليع من منصبه، على الأقل حماية لسمعة البلاد ووفاء لأبرياء ساقهم القدر إلى مقصلة لخليع، وتفعيلا لمبدأ عدم خلود المسؤولين في مناصبهم السامية لأكثر من أربعة أعوام.
اللهم إذا كان لخليع «يخلع» المسؤولين في الحكومة، وقام بتحفيظ المكتب الوطني للسكك الحديدية باسمه، فهذا أمر آخر، وإن صح ذلك على الحكومة أن تطلعنا على الرسم العقاري حتى نتجنب الخوض مستقبلا في شؤون هذا المكتب.