الجمعة 19 إبريل 2024
كتاب الرأي

عبد الرزاق مصباح: من روسيا إلى الصخيرات.. هنيئا لفوزي لقجع بنجاح الجمع العام

عبد الرزاق مصباح: من روسيا إلى الصخيرات.. هنيئا لفوزي لقجع بنجاح الجمع العام عبد الرزاق مصباح

هنيئا لفوزي لقجع بنجاح الجمع العام للجامعة... هنيئا لأن النجاح كان يطبخ على طريقة هادئة ومستقيمة، على نهج العارفين بلغة الزمان والأرقام، ونستحضر حينها ذلك القول المأثور بأن تشتري الغنم قبل العصا وليس العكس. لذلك نقول للرئيس، هنيئا لأنك في المقام الأول تعرف كيف تحل معادلات الكسور وجدول القسمة، ولما لا الناقص حينما يكون المراد بين وواضح ولا خيار ثان أو ثالث أو رابع أمامك.... سوى بعض التخريجات المحسوبة. ما علينا، يمكن القول إن السيد الرئيس يعتبر من أرفع المهندسين والراسمين لمرحلة ربما قد تطول أو تقصر. لكن عناوينها الكبرى مرسومة بكثير من الدقة. طبعا لا يمكن لأي أحد أن ينكر أن الرئيس الحالي لا يشبهه أحد في تأثيث كل الأمكنة المتاحة وحتى غيرها إن تطلب الأمر ذلك.

فوزي لقجع بالطبع رسم النجاعة وجعلها ملك يديه. والنجاعة في هذا الباب تعني شيئا واحدا ووحيدا. أن ترتب البيت الداخلي يتم قبل أن يعلم الضيوف عنوان البيت الذي سيستضافون فيه. فالجمع العام الذي انعقد بالصخيرات ما هو إلا تلك الحلقة الأخيرة من ذاك المسلسل الذي انطلق من روسيا حين أقل فوزي لقجع قبائل وعشائر الكرة وحشرهم في طائرة أقلتهم إلى بلد العم دوستوفسكي وإلى بلاد القياصرة. ولم تكن نيته أبدا سيئة كما يعتقد أصحاب القراءات السيئة القلائل الذين يكثرون من القراءات السبع.

الشيء الوحيد المعيب في هذه الرحلة أن لقجع لم يطل باله كما يقول المشارقة وكان عليه أن يعقد الجلسة الافتتاحية للجمع العام هناك في سان بطرس بورغ أو ستالينغراد أو أي مدينة أخرى لإبلاغ الحجاج أنهم هم القاعدة الخلفية المهمة والضرورية لإنجاح مشروع التنمية البشرية وليس الكروية على كل حال.

فعلا كان الحساب كما هم مأمول ولو أن عمليات الحساب لا تخضع للتمني وإنما للأرقام حتى لا يقال (لي حسب بوحدو إيشط لي). وبرحلة هكذا وعلى حساب ميزانية الجامعة (من لحيتو لقم ليه). ضمن السيد الرئيس جمعا عاما خطوطه وعناوينه أضحت من المسلمات حتى لا نقول من باب السماء من فوقنا. من هو هذا الشخص أو هذا المسؤول سواء في العصب أو في الأندية أو في العصب التي هي في الأعلى تتوفر لديه الشجاعة الكافية ليرفع حتى أصبعه ليطالب بنقطة نظام حتى. مع العلم أن المرحلة التي تمر منها الكرة الوطنية تتطلب الكثير من التدخلات والكثير من الأفكار والملاحظات. وهنا وجب التذكير انه ليس بالضرورة أن نكون ضد الرئيس أو معه. باعتبار أن الجمع العام هو مرحلة مهمة في سياقات متعددة لمعرفة اين نسير واين يجب أن نتوقف وما هو نوع البطاريات التي يجب الاعتماد عليها لشحن الإمكانيات المتدفقة من كل نحو وصوب. وكيف يجب استثمارها برؤى واضحة وبهندسة مستقيمة بعيدا عن الإسراف وبعيدا عن لغة المال السيب. طبعا أسئلة كثيرة كان من المفروض أن يتم تداولها وإبداء الرأي فيها.

مع الأسف مسؤولينا في جميع المستويات لا يؤمنون إلا بلغة الإجماع المفترى عليه والذي يلبسونه كل مرة قشابة بيضاء ونعال خفيفة لا تستطيع المشي والسير والصمود أمام الاختلاف البناء والقراءات الجادة لواقع يزداد لبسا حتى لا نقول خجلا .

لا يختلف اثنان في كون مرحلة الرئيس الحالي تختلف كثيرا عن المراحل السابقة. أولا من حيث الأوراش المفتوحة ومن حيث النتائج المحققة (بناء على القراءة النمطية وللقراءات المستحبة والمرجوة والتي يتكلف بها بعض صانعي الضجيج الإعلامي) ومن حيث الموارد المالية وكذا الرغبة في هيكلة الهرم الكروي الذي ظل هاجسا ثقيلا فرض نفسه على امتداد أزيد من أربعة عقود. وظل دائما نقطة غير مدرجة في جدول أعمال هذا المكون وكانت تجربة المجموعة الوطنية ومجموعة الهواة تسير في هذا السياق. إلى أن جاء الرئيس السابق الفاسي الفهري الذي اختلط لديه الماء والكهرباء والكرة والعشب. وألغى بجرة قلم الرصاص دون تقييم ودون فتح نقاش واسع حول هذه التجارب التسييرية ومدها بمقومات النجاح ودفع خلاصاتها إلى أبلغ درجة ممكنة. لكن تم رد م هذه المرحلة وكأن صانعيها والذين ساهموا على قدر المستطاع في إبرازها وتشغيل ألياتها. أضحوا يشكلون كابوسا مخيفا وهم في الحقيقة ليسوا إلا بشرا مثلنا قد ينجحون وقد يخلفون الموعد. المهم كانت تجربة مهمة استمرت زهاء العقدين. لكن نهايتها كانت حزينة ومؤثرة حتى لا نقول موجعة في صدر الجسم الكروي. وانطلقت بعدها تجربة جديدة لم تعمر سوى مدة قصيرة وانتهي بها المأل إلى النسيان غير المأسوف عليه.

مع الرئيس الجديد الذي نهنئه مرة أخرى بنجاح الجمع العام. انطلقت تجربة جديدة مع أسماء جديدة وبلوك وسموكينغ جديدين على درب التحديث والشفافية بل ونضيف إليها حتى تلك الكلمة التي أضحت مضحكة اليوم (الكلاسنوست والبرسترويكا).

تجربة الرئيس فوزي لقجع رغم أنه رافقها ضجيج إعلامي كبير انطلق من إذاعة البريهي إلى أن حط بها الرحال بشارع الجيش الملكي وفي التواءات أخري هنا وهناك. لم تتح لها إمكانية قراءتها بنوع من الهدوء وتبدو في المقام الأول انها جديرة بالاهتمام والمتابعة لأنها على الأقل مفتوحة على المستقبل ونأمل أن تظل كذلك مع مزيد من الإشارات الضوئية القادمة من الضفة الشمالية حيث مازالت قدراتنا على قد الحال في صناعة كرة حديثة بمقومات محلية.