Friday 16 May 2025
مجتمع

لكي لا ينجر المغاربة لطلب اللجوء في بحار الغرب...

لكي لا ينجر المغاربة لطلب اللجوء في بحار الغرب...

منذ سنوات استطاعت شرطية تونسية باستعلائها وغبائها أن تحول منطقتنا العربية وربوعها الخضراء إلي صحراء قاحلة لا تتوفر على أدنى سبل العيش ساعدها على ذلك انجرار المواطن العربي وراء عاطفته، مع استغلال كل ذلك من قبل جهات خارجية لديها رغبة جامحة في تدمير مقدرات الأمة العربية وسلب ونهب مواردها وتجديد هيمنتها على المنطقة من خلال سايكس بيكو جديد. فبعد أن تشعل تلك الأيدي الفتنة في أوطاننا بأدواتها المتعددة والتي منها عاطفتنا وحاجتنا للعدالة والتغيير تأتي وتمد نفس اليد للعون من خلال تقديمها مبادرات مسمومة وآلتها العسكرية الحاقدة، وبفضل ذلك تحولت ليبيا الهادئة إلي مناطق مقسمة تحكمها ميليشيات عسكرية متطرفة ومن دولة نفطية إلي دولة لا تستطيع أن تدفع مرتبات موظفيها. وبفعل الفتنة أصبحت سوريا مركزا لأعتى الجماعات الإرهابية المتطرفة وسوق عسكري تمكنت من خلاله الدول الغربية من التخلص من صناعاتها العسكرية المكدسة في مخازنها والفاتورة تدفع لاحقا. والعملة المعتمدة في ذلك هي تفتيت تلك البلدان وتدمير كل مقدراتها وسلب مواردها، ناهيك عن حمام الدم وحالة الإقتتال الداخلي الذي تشهده الحالة اليمنية. ولعل حالة الكساد الإقتصادي والمالي والإجتماعي والسياسي الذي تعيشه مصر تؤكد على أن المصريين على قناعة تامة بأن مليون عام في حكم مبارك ولا يوما واحدا تحت ظل السيسي.

لقد ناضل المغاربة شعبا وملكا منذ فجر التاريخ وحتى يومنا هذا من أجل مغرب واحد موحد آمن مستقر. ولعل هذه نعمة لا يدركها إلا من فقدها ولقد كانت هنالك محاولات عديدة للنيل من المغرب إلا أنه بفضل حكمة وعظمة المغاربة شعبا وملكا باءت كل تلك المحاولات بالفشل.

واليوم يقف المغرب على أعتاب منعطف خطير وخطير جدا، فإن لم يتم تغليب الحكمة والعقل على التعصب والعاطفة سيصل الخريف العربي ولهيبه إلي المغرب وسيحرق الأخضر واليابس فيه، وستتحول الدولة الموحدة إلي دويلات ممزقة تحكمها عصابات ستحول هناء ونعيم الحياة إلي جحيم سيعض فيه المغاربة الأصابع، ولكن سيكون الوقت قد مضى إلي حيث لا ينفع الندم ويصبح من المستحيل العودة إلي الوراء.

إن تغييب القانون وأخذه باليد من قبل بعض الأفراد الذين ينتمون إلي المؤسسة الأمنية ولا يمثلونها لهو أمر مرفوض جملة وتفصيلا، ويعتبر بمثابة إشعالا لشرارة الفتنة. وعليه فإن الحادث المؤسف الذي أودى بحياة المواطن "محسن فكري" يعتبر فعلا غير شرعي من الناحية الإنسانية والقانونية وذلك مع الافتراض جدلا بأن تصرفه كان غير قانوني، فلا يمكن مكافحة الأعمال الخارجة عن القانون بطرق وأساليب غير قانونية لا من المواطن ولا من المؤسسات القانونية "الشرطية والأمنية.  فكما لا يحق لرجل الأمن مصادرة سلعة بائع ومصدر رزقه بأسلوب غير قانوني ودون اتباع الإجراءات القانونية الواجب اتباعها في مثل هذه الحالة لا يمكن أيضا أن يكون الرد الشعبي بأفعال غير قانونية وفي نفس الوقت الجميع يطالب بتنفيذ القانون، فكيف ذلك والجميع لا يلتزم بالقانون.

نؤكد على أن الطريقة التي تم التعامل بها من قبل بعض أفراد الأمن مع هذه الحادثة هي طريقة مرفوضة جملة وتفصيلا ولكن في ذات الوقت لا يمكن أن تكون ردة الفعل بتصرفات لا مسئولة يقوم بها البعض تعبيرا عن غضبهم. فحرق سيارات الشرطة وإغلاق المحلات التجارية وترديد الهتافات اللا مشروعة والتي لا علاقة لها بطبيعة الحادث المؤسف، إذن لا يمكن كب الزيت على الدقيق وخلط الأمور وتطوير دائرة الأحداث. فلا مطالبات الثأر منطقية ولا نشر الفوضى تحت أي مبرر كان أمرا مقبولا، فاليوم بفعل تجاوز القانون وأخذه باليد وبقصد أو دون قصد أزهقت روح مواطن مسكين وغدا بمزيد من الفوضى ستزهق أرواح مئات الألوف من المغاربة وصولا إلي إزهاق روح الدولة وهذا ما يسعى إليه الأعداء المتربصون بالمغرب.

الاحتجاجات والمظاهرات حق كفلته كل الأعراف المحلية والدولية طالما أنها لا زالت في إطار القانون، فإن الذي سيدفع الثمن هو كل من هو مسئول عن مقتل "محسن فكري" وسيكونون عبرة لغيرهم، أما الإنتقال بها إلي دائرة الفوضى المقصودة والتحريض على الأعمال الإنتقامية والإنصياع لإرادة الظلاميين من أعداء الوطن فإن الذي سيدفع الثمن هو الشعب والتراب المغربي الذي سيغرق في بحر من الدماء، وعليه وجب على الجميع الوقوف عند مسئولياته فلا الدعوة لإضرابات وحرق المركبات والإعتداء على المؤسسات سيحد من ما يسمى بـ"الحقرة" وإيقاف بعض التصرفات اللا مسئولة من قبل بعض رجالات الأمن بل سيزيد الطين بلة وستأخذ تلك التصرفات الجميع إلي نتائج لا يحمد عقباها.

ثمة أوامر ملكية بإجراء تحقيق جدي وجاد وقانوني في الحادثة وتقديم المسئولين عن ذلك للعدالة. فلنعطي الفرصة لإجراء ذلك التحقيق وننتظر نتائجه ثم نحكم على الأمور، فليس من العقل المطالبة بمحاسبة المسئولين أو القصاص دون معرفة الأسباب والأشخاص المسئولين عن ذلك.

أيها المغاربة العظماء حكموا لغة العقل ومصلحة الوطن وهيبته على لغة العاطفة والإنجرار وراء الأصوات التي لا نسمعها إلا في بؤر الفتن، لا تحولوا بأيديكم البلد الجميل الهادئ إلي سوريا وليبيا واليمن، إبقوا وعوائلكم في سكينة وهدوء بجوار بعضكم البعض. فلا تشتتوا شملكم بأيديكم ولا تتحولوا إلي لاجئين بعضكم تلتهمه أمواج البحر ومن نجا منكم واقفا على الإشارات الضوئية في بلاد الظلم ينتظر نفس اليد لتعطيه لقمة عيشه.

دام المغرب شعبا عظيما عقلانيا وحكيما حرا كريما بوحدة ترابه وعظمة ملكه.