سلاسة الاستحقاق التشريعي لسابع أكتوبر2016، وما ترتب عنه من نتائج غير متنازع حولها، وما استتبع ذلك من تكليف ملكي تلاه بدء المشاورات حول الحكومة القادمة، لا يمكن أن يحجب عنا عسر وسواد المشهد الاجتماعي الذي ينتظر المغاربة خلال الخمس السنوات القادمة.
ليس الأمر توقعا أو تخمينا أو رغبة ذاتية في تسويد صورة المستقبل المشترك. ولكنه الاستنتاج الموضوعي لما قبل 7 أكتوبر وما بعده من إفراز ظاهرة مقلقة جدا، ألا وهي استغلال الدين والاتجار به في السياسة من طرف حزب «البيجيدي». وهو الاستغلال الذي يجعل الحزب الحاكم لا يسير الشأن بمنطق تجويد رغد عيش المواطنين، بل لتسويد المعيشة، التي يغلب عليها السواد أصلا بشكل يجعل المرء يتساءل: هل الإسلام ديننا جميعا أم دين حزب سياسي لوحده؟. لنقف أولا عند تخطيطات القانون المالي 2017 الذي أنجزته حكومة بنكيران المنتهية، والذي تحكمت فيها نفس منظورات قوانين المالية منذ 2012. وتقوم هذه المنظورات على معطى ماكرو اقتصادي لا لبس حوله: أولوية التوازنات المالية على حساب التوازنات الاجتماعية. ومعناه استمرار حكومة بنكيران القادمة في الانصياع الأعمى لتعليمات صندوق النقد الدولي. في هذا الإطار ننتظر استمرار الهجمة الشرسة على الطاقة الشرائية للمواطنين، وتأكيد استقالة الدولة عن دورها في الخدمات العمومية باتجاه خوصصة هذه الخدمة كما في قطاعي التعليم والصحة على نحو خاص، مع الاستمرار في توقيف التوظيف، وفي ربط قدرات الحبيب المغربي مع أهواء السوق البترولية الدولية.
إذا أضفنا إلى هذه المعطيات ما يتعلق بالآثار المادية والاجتماعية لما سمي إجراءات إصلاحات صندوق التقاعد التي كلفت موظفي القطاع العمومي تكلفة إضافية، وإجراءات إصلاح صندوق المقاصة، فمعنى ذلك أن باب جهنم مفتوح في وجه المغاربة الذين يحسب على بعضهم ظلما أنهم صوتوا على العدالة والتنمية، وأنهم «ثمنوا عاليا» التجربة الحكومية السابقة. والحال أن مليون ونصف المليون فقط هم من اختاروا مصباح عبد الإلاه بنكيران من أصل 28 مليون مغربي راشد انتخابيا (أي أن حزب بنكيران لم يحظ سوى بنسبة 5 في المائة من مجموع الناخبين).
هذا الواقع الجهنمي بعيد طرح سؤال ما العمل؟
- ما العمل بعد أن التف ما سميت تقليديا بالأحزاب الوطنية الديمقراطية (نقصد تحديدا الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وحزب الاستقلال وحزب التقدم والاشتراكية) حول مشروع بنكيران الحكومي القادم، متناسية اتهاماتها السابقة الموجهة نحو حزب «البيجيدي»، وما يمثله من أخطار على الديمقراطية المغربية (؟!)؟ ومتاجرته بالدين.
- ما العمل حين يبين ما قد نسميه «اليمين» السياسي الآخر (الملقب تاريخيا بالإداري) عجزه تجاه قلب المعادلة القائمة ليمنح المغاربة حظا آخر على الأقل؟
- ما العمل حين يتأكد أن فيدرالية اليسار الديمقراطي قد تقدمت إلى الانتخابات برأس كبير، وبجسد صغير غير منغرس في العمق المغربي، غير متجاوب مع الهواجس اليومية للمواطنين، ومع النبض العام للقطاعات الشعبية الواسعة ؟
أمام هذا «اللاعمل» المأساوي يستمر الرهان فقط على تلك القوى التقدمية والديمقراطية مهما كبر رأسها، وصغر جسدها، وذلك فقط مع الإيمان بجدل أن تتدارك أعطابها، وتسوي نقصانها الفيزيقي والذهني. لأن قدرالقوى التقدمية والديمقراطية الوحيد التاريخي أن تتساوى مع نبض المغاربة الذين رأوا فيها البديل الممكن بعد تأكد فشل المشروع الإخواني المغربي ممثلا في حزب العدالة والتنمية ، وبعد خذلان سياسات الاتحاد الاشتراكي وحزب الاستقلال.
أمام القوى الديمقراطية المغربية في هذه اللحظة القاسية من تطور السياسة المغربية مهام مستعجلة طالما نبهنا إليها في سياق متابعتنا للاستحقاق التشريعي الماضي.
من هذه المهام:
إنجاز فعلي لوحدة اليسار بكل روافده، بتبني برنامج قريب المدى ومتوسطه وبعيده، وبتحديد العدو الطبقي، والحليف والصديق، وقد تعمدنا إدراج مفردات المعجم الماركسي لإنعاش الذاكرة فقط من أجل المراجعة والتجاوز.
مصالحة اليسار مع اليسار ذاته، بتجاوز أمراض الطفولة اليسارية التي هي عقد يساريي المغرب منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي،
إجراء النقد والنقد الذاتي، وتخطي أنصاف الحلول نحو ابتكار الحلول برمتها.
دون ذلك سيظل ظهر المغاربة عاريا أمام صهد نار جهنم، وبسبب الإمعان في استغلال الدين في السياسة وهو ما يعزز مسلسل اليأس من السياسة والسياسيين، وما يهيئ كل الشروط الموضوعية لغضب مجتمعي لا مفر منه.
لهذه الاعتبارات نقول دائما إن نتائج 7 أكتوبر الماضي ليست نهاية التاريخ. بل هي فقط شوط من أشواط حرب مستمرة بطابع ديموقراطي، في أفق الوصول إلى محطة 2021 التشريعية. في غياب استحضار هذا المعطى سنكون كمغرب وكمغاربة أمام سيناريو تراجيدي لا يخرج عن أحد التوقعين التاليين:
- استمرار تغلغل المشروع الأصولي بما يعنيه ذلك مغربيا من خسارات فادحة، على مستوى عمقنا الهوياتي، وسيادتنا المذهبية ووحدة نسيجينا الوطني.
- أو انتهاء زمن السياسة بالمغرب، عبر استمرار مسلسل استقالة المواطنين من التفكير في التعاطي مع الشأن العام.
إن نتائج الاقتراع التشريعي السابق لا ينبغي أن تقرأ أحاديا. أي بالتركيز فقط على نسبة ما حصلت عليه الأحزاب من أصوات، ولكن أساسا بالتركيز على من لم يتسجل في اللوائح أصلا. ومن قاطع مكاتب التصويت، ومن صوت بورقة ملغاة .
في هذا السياق تكون قراءة ما هو فارغ في الكأس أبلغ من قراءة ما هو ممتلئ.
عبد الوهاب البقالي، عضو المكتب السياسي للحزب الإشتراكي الموحد
عانينا كثيرا من توظيف الدين في الصراع السياسي
يطالب عبد الوهاب البقالي (عضو المكتب السياسي للحزب الإشتراكي الموحد) القوى الديمقراطية بالقيام بنقد ذاتي لتجربتها السياسية ولتحالفاتها ولمآلها السياسي من قوى تدور حولها باقي المكونات إلى قوى تابعة لأحزاب التحكم والإدارة، مؤكدا أن الحكومة الجديدة لا ينتظر منها إلا الاستمرار في نفس السياسة اللاشعبية واللاديمقراطية السابقة، كما أن استفحال الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية قد تكون له مآلات وخيمة على الحياة السياسية المغربية وعلى البناء الديمقراطي بالمغرب
* اجتمعتم أخيرا داخل الهيئة التنفيذية لفيدرالية اليسار الديمقراطي، ما هي القراءة التي خرجتم بها للمشهد السياسي بعد 7 أكتوبر؟
- فيدرالية اليسار معتزة في البداية بالالتفاف الواسع للعديد من النخب و المثقفين والشباب الجامعي والنساء حول مشروعها، وقد تميزت الفيدرالية في المشهد السياسي بوضوح خطابها السياسي والبرنامجي ونظافة حملتها الانتخابية..غير أن النتائج في واقع الأمر لم تعكس قوتها السياسية بل عكست حقيقة الواقع الانتخابي الفاسد والمفسد، حيث رجعت السلطات المحلية وبشكل سافر وواضح لدعم بارونات الإنتخابات والأعيان، وساد المال بقوة كبيرة جدا في المدن والقرى لإفساد وتمييع الانتخابات من طرف أحزاب الإدارة وفي مقدمتها حزب الأصالة والمعاصرة وأشقاؤه من أحزاب الخردة المخزنية، كما تم استغلال الدين بشكل خفي وعلني من طرف حزب العدالة والتنمية. هاته الوضعية أدت بالعديدين للتواري للخلف. وهو ما وسم الانتخابات بنسبة مشاركة ضعيفة لم تتعد 30 بالمائة في المدن الكبرى.
ويمكن القول إنه بعد الانتخابات التشريعية نحن أمام استمرار للتيار المحافظ والأصولي في تدبير المرحلة بصلاحيات ضعيفة بعد أن طبع مع الفساد والإفساد وأضعف العديد من مكتسبات الشعب المغربي من رفع للأسعار وضرب للقدرة الشرائية وتجميد للاستثمار والتغاضي عن المفسدين وضرب صندوق المقاصة وغياب فرص الشغل...الخ، مع الانصياع لتعليمات صندوق النقد الدولي التي جرت على المغرب العديد من الالتزامات المرهقة بفعل سياسة الاقتراض من الخارج.. وفي نفس الوقت فإن العديد من القوى السياسية تعرف ضعفا بينا نتيجة انحرافها عن خطها السياسي الديمقراطي، وهو ما جعل الساحة السياسية تعرف فراغا بينا.. وأصبحت معه ضرورة إعادة بناء اليسار والنضال من أجل الديمقراطية ضرورة ملحة.
* على ضوء نتائج الإنتخابات وما أفرزته من تحالفات أربكت المشهد السياسي والقوى الديمقراطية، هل يمكن القول إن المغرب سقط في ديكتاتورية الأقلية؟
- أعتقد بأن الأقلية تغطي على ديكتاتورية حكومة الظل الحقيقية وتطبق البرنامج القار ولا برنامج لها سوى الرضوخ للإملاءات، هاته الحكومة فعلا أصبحت تمارس ديكتاتورية عبر الوكالة. ولا يمكن لحكومة لا تحكم أن تمارس سياسة مستقلة ويكون لها برنامجها الخاص، بل إن الصلاحيات الهامشية للحكومة تجعلها تنتظر الإشارات التي تتعلق بالبرامج التي يتم تنزيلها من حين لآخر. وبخصوص المشهد السياسي فهو فعلا يعاني الإرباك السياسي منذ مدة طويلة نتيجة تضييع النخب السياسية للحظات التغيير الديمقراطي السلمية التي تعرفها الساحة السياسية من حين لآخر. فمن لحظات التناوب المجهض عبر التصويت على دستور 1996، إلى تضييع لحظة حركة 20 فبراير.. يظل المغرب يئن تحت رحمة اللوبيات المتحكمة في الإقتصاد والسياسة.. وسماسرة السياسة ومستغلي المشترك الروحي، لذلك فالديكتاتورية التي يعاني منها المغرب هي أعمق وأشمل من أن تكون لحكومة فاقدة للصلاحيات والمبادرة السياسية و للاستقلال عن الإملاءات.
* ما هو المطلوب من القوى الديمقراطية والتقدمية في المرحلة المقبلة أمام ما شهدته البلاد من تراجعات في قطاعات حيوية؟ وهل ستتركون ظهر المغاربة يتعرض للجلد على يد الأغلبية الحكومية الجديدة التي لا يستبعد أن تستمر في نفس السياسات السابقة؟
- أعتقد بأن الوضع السياسي صعب ومعقد، ويتطلب من القوى المؤمنة بالبناء الديمقراطي بدل مجهودات إضافية. ونحن في الحزب الاشتراكي الموحد وفيدرالية اليسار الديمقراطي، نتواجد في مختلف مستويات حقول النضال الجماهيري، ونعتز بالإلتفاف الواسع لكل الفئات التي لها مصلحة في التغيير الديمقراطي، وهو ما تمت ترجمته في النتائج المشرفة التي حصلت عليها الفيدرالية بمختلف المدن والحواضر، وهو يعد مؤشرا حقيقيا لالتفاف الطبقة المتوسطة و كتلة انتخابية مهمة مع مشروع اليسار.
على القوى الديمقراطية القيام بنقد ذاتي لتجربتها السياسية ولتحالفاتها ولمآلها السياسي من قوى تدور حولها باقي المكونات إلى قوى تابعة لأحزاب التحكم و الإدارة. إن هذا الوضع الصعب يتطلب انتفاضة نضالية من قواعد هاته الأحزاب من أجل إعادة القطار لسكته أو الالتحاق بمشروع اليسار المستقل عن الدولة والإدارة.. فقط هاته الرؤية وهاته الوصفة بإمكانها تجنيب هاته القوى للسكتة القلبية. وبخصوص الحكومة الجديدة فلا ينتظر منها إلا الاستمرار في نفس السياسة اللاشعبية واللاديمقراطية السابقة، كما أن استفحال الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية قد تكون له مآلات وخيمة على الحياة السياسية المغربية وعلى البناء الديمقراطي بالمغرب.
* ماذا بخصوص تصوركم للتعاطي مع مسألة توظيف الدين، والتي تجعل المعارك السياسية غير متكافئة بين قوى توظف سلاح الدين وقوى ترفض ذلك؟
- هاته المسألة قديمة، ونحن كيسار عانينا من توظيف الدين في الصراع السياسي. ففي الوقت الذي يعتبر الجميع أن المشترك الروحي هو ملك لكل المغاربة، نجد القوى السياسية الأصولية تستغل الدين في ممارسة السياسة، ونحن نعتمد على تأطير الناس واستعمال آليات التحليل العلمية وتربية الشباب على استخدام العقل والمعرفة العلمية لتحليل مختلف الظواهر، مع انفتاحنا على مختلف اجتهادات الفكر البشري بغية الوصول لمجتمع الحرية والكرامة و العدالة والاجتماعية، كما أننا نعتز بهويتنا العربية الإسلامية الأمازيغية ونبتعد عن توظيفها في مجال السياسة، لما لذلك من مخاطر على تحقيق التنمية و التقدم لمجتمع ودولة ووطن يئن تحت القهر والاستغلال والتخلف.
علي كريمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالبيضاء
الدولة المدنية لا ينبغي أن يستخدم فيها الدين من أجل الوصول إلى السلطة
يرى علي كريمي (أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالبيضاء) أن القوى الديمقراطية بحاجة إلى التكتل، وخاصة قوى اليسار، لخلق قوة حقيقية لليسار، ملحا على إعادة النظر في العديد من القضايا على المستوى السياسي بما في ذلك الإصلاح السياسي والدستوري، حتى تتمكن من تنزيل ماهو وارد في دستور 2011. كما طالب بالفصل بين السياسة الدين، فنحن نعيش في ظل دولة مدنية لا ينبغي أن نجمع فيها ما هو سياسي بالديني ولا ينبغي أن يستخدم الدين فيها من أجل الوصول الى السلطة
* كيف تقرأ المشهد السياسي بعد 7 انتخابات أكتوبر؟ وهل نحن أمام مشهد آخر في ظل احتمال مشاركة أحزاب الكثلة في حكومة بنكيران الجديدة؟
- المشهد السياسي بالمغرب لم يتغير في تقديري، وستبقى الأمور على ماهي عليه، وهناك مؤشرات لهذا الذي أقول. أولا في جانب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي لم يحصل فيها تغيير، وفي الجانب المتعلق بالدستور الذي لا يسمح بأن نسير أبعد من ما سرنا إليه، والواقع الاقتصادي لا يبشر بالخير.. هناك اختناقات اجتماعية.. وبالتالي لا أتصور أن يكون هناك مشهد سياسي مخالف. وحينما أتحدث عن المشهد السياسي، فأنا أتحدث أيضا عن المشهد الإقتصادي والإجتماعي الذي لن يكون مخالفا عن المشهد الذي كان قبل هذه اللحظة، ودخول جزء من الأحزاب الوطنية والديمقراطية إلى الحكومة الحالية في تقديري لن تكون له إضافة جديدة، ذلك لأن «البيجيدي» هو الذي ستكون له الكلمة العليا، وهو الذي سيدبر الشأن الحكومي بقوة وصرامة، وبالتالي سيسير في ذات الاتجاه الذي كان عليه. ربما قد تحصل بعض التغييرات في الممارسة، ومع ذلك فهذه التغييرات لن تكون لها أهمية كبرى، وسيظل المشهد السياسي كما هو عليه حتى مع دخول الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي ضعف، علما أن حزب الاستقلال وكذا حزب التقدم والاشتراكية شاركا في الحكومة السابقة ولم يحصل أي تغيير، ستبقى الأمور راكدة كما كانت في السابق.
* هناك من يقول بأننا نسير في اتجاه تحالفات هجينة بين أحزاب وعدت الناخبين بإعادة النظر في إصلاح صندوق المقاصة وإصلاح صندوق التقاعد، مؤكدة أن برنامجها الانتخابي يستحضر التوازنات الإجتماعية وبين «البيجيدي» الذي جاء بهذه الإصلاحات باعتباره الحزب الذي يطبق السياسات نيوليبرالية الأكثر توحشا، مارأيك؟
- في الواقع هي تحالفات إن تمت بهذا الشكل ستكون تحالفات هجينة (يضحك...) وهذا من دون شك، لا يمكن تصور أن حزب التقدم والإشتراكية والاتحاد الاشتراكي داخل حكومة يقودها حزب العدالة والتنمية يمكن أن تؤدي إلى تطبيق بعض الإجراءات ذات الطابع الإقتصادي والإجتماعي، والتي تنسجم مع خلاصات تفكير هذين الحزبين. ولذلك أنا أقول إن البرنامج الذي سيطبق هو برنامج حزب العدالة والتنمية. أما هؤلاء فسيكونون مجرد مساندين ومدعمين ومشاركين مؤثثين للمشهد، هذا جانب، من جانب آخر حينما ترفع هذه الشعارات المتعلقة بإعادة النظر في إصلاح صندوق التقاعد وصندوق المقاصة.. فأشير إلى أن «البيجيدي» ما جاء إلا ليقوم بهذا الدور، أي القيام بهذه الإصلاحات التي عجزت حكومة عباس الفاسي والحكومات السابقة عن القيام بها، وبالتالي فدور «البيجيدي» بالأساس هو إصلاح هذه الصناديق. وستتم الإستمرارية في اتخاذ هذه الإجراءات القاسية مستقبليا، وإصلاح صندوق المقاصة لم يكتمل فهناك مواد أخرى في الطريق الى رفع الدعم منها وما يحصل اليوم من حديث حول رفع الدعم عن غاز البوتان وغير ذلك دليل على استمرارية ذاك البرنامج الليبرالي المتوحش الذي تطبقه الحكومة السابقة، والذي ستطبقه هذه المرة أيضا بعنف، والتي ستؤدي الى انفلات - لا قدر الله - وإلى ما لا تحمد عقباه، لأن الواقع الاقتصادي والاجتماعي ضاغط جدا، ولابد من التفكير في كيفية الخروج من الواقع السابق ومن تصورات البرنامج الحكومي السابق ذي الطابع اللاجتماعي، اللااقتصادي في اتجاه أن يكون هناك برنامج متوازن. ولكن هل يمكن أن يكون ذلك في ظل الشروط السياسية الحالية؟ لا أتصور ذلك. وبالتالي ما رفعته هذه الأحزاب من شعارات تتعلق بإعادة النظر في إصلاح صندوق المقاصة وصندوق التقاعد هي شعارات للحملة الإنتخابية ليس إلا.. مجرد وعود لن تتحقق.
* البعض يقول إنه في ظل ما ستشهده المرحلة المقبلة من احتداد للصراع على مستويات متعددة وضمنها الصراع من أجل البناء الديمقراطي الحقيقي والدفاع عن المكتسبات الإجتماعية، ألا ترى من الضروري على القوى الديمقراطية في البلاد توضيح مشروعها السياسي وربطه أكثر بالمعيش اليومي للمواطنين بعيدا عن الشعارات والوعود التي لا تتحقق؟
- اليوم في تقديري القوى الديمقراطية بحاجة إلى التكتل، وخاصة قوى اليسار، لخلق قوة حقيقية لليسار، آنذاك يمكن البحث عن مداخل للتغيير الحقيقي، مداخل للتغيير على المستوى الإقتصادي والاجتماعي، وأيضا حتى على المستوى السياسي، وإعادة النظر في العديد من القضايا على المستوى السياسي بما في ذلك الإصلاح السياسي والدستوري. لابد من إعادة النظر في دستور 2011 حتى يعطى للحكومة دورها الأساسي أو على الأقل السماح بوجود حكومة قوية حتى تتمكن من تنزيل ماهو وارد في دستور 2011. إذن نحن في حاجة إلى كتل سياسية حقيقية: يمين/ يسار ويمين / وسط، وهذا غير موجود في البلاد، ولذلك ستبقى الأمور كما هي وبرامج «البيجيدي» ستطبق وفق إملاءات الجهات المهيمنة.
* لكن، حتى ولو افترضنا نجاح القوى الديمقراطية والتقدمية في توحيد صفوفها والتكتل لتحقيق الإصلاحات التي تحدتث عنها في مواجهة التراجعات، فهذا سيصطدم بصخرة توظيف الدين في الصراع السياسي وهو ما يجعل المعركة غير متكافئة، فما هو المطلوب في نظرك؟
- الدين والوطن للجميع، صحيح أن الشعب المغربي شعب مسلم حتى النخاع، لكن توظيف الدين ودغدغة مشاعر المواطنين بالعزف على وتر الدين في الصراع السياسي أمر غير محبذ، ومن الضروري إبعاد الدين عن السياسة لأن مجال الدين مجال مقدس ومجال السياسة مجال مدنس ولابد من إبعاد المقدس عن المدنس، والنقاشات السابقة التي كانت تدور حول الكتلة التاريخية في تسعينيات القرن الماضي ما هي إلا عبارة عن تجمع للعلمانيين والإشتراكيين والليبراليين والقوميين والإسلاميين، فهذا الخليط كله ولكن فيه دفع وطني، فيه روح وطنية ورغبة في بناء تكثل ديمقراطي يدفع بالبلاد الى الأمام.
* هل المطلوب تعديل قانون الأحزاب السياسية أم نص دستوري لوقف توظيف الدين في الصراع السياسي، لأننا شاهدنا خلال الحملة الإنتخابية فيديوهات وصور لأتباع «البيجيدي» تدعو الى حماية الدين ومحاربة العلمانيين؟
- القانون يأتي إما لتسوية أوضاع أو لتنظيم ظواهر، وأنا لا أتصور أن القانون يمكن أن يجدي في هذه الحالة. الذي سيفيد في هذه الحالة ربما هو اللجوء الى نوع من الإصطفاف الواضح، والأحزاب السياسية التي ترفع شعارات دينية عليها أن تتخلى عن هذا الجانب، لأنها تريد أن تعمل في الحقل السياسي بالدين. فالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية هي ناتجة عن السياسة والحديث عن حماية الدين ومحاربة العلمانيين أو محاربة التطرف كلام زائد ومضر سواء من هذا الجانب أو ذاك، وبالتالي ينبغي أن نسير في خط متوازن. والسياسة يجب أن تبتعد عن الدين فنحن نعيش في ظل دولة مدنية لا ينبغي أن نجمع فيها ما هو سياسي بالديني ولا ينبغي أن يستخدم الدين فيها من أجل الوصول الى السلطة.
صافي الدين بدالي، عضو الكتابة الوطنية لحزب الطليعة االديمقراطي الإشتراكي
استغلال الدين سياسيا سيؤدي حتما إلى تصدع المجتمع المغربي وتخلفه
يرى صافي الدين بدالي، عضو الكتابة الوطنية لحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، أن المشهد السياسي في معالمه الأولى بعد 7 أكتوبر يظل متناقضا بين الواقع وما تراه الحكومة مستقبلا، مؤكدا أن موازين القوى في يد «حزب غير المسجلين» الذي يشكل نسبة 57 في المئة، أي ما يعادل 17 مليون مواطن ومواطنة دون احتساب الذين لهم الحق في التصويت ولم يتم تسجيلهم. ورهان فيدرالية اليسار هو تأطير هذه الكتلة الناخبة من خلال مشروع شمولي سيجهض المخطط المخزني وسيضع حدا لسياسة الريع الاقتصادي والتسول السياسي وإقصاء الجماهير من المشاركة السياسية مع الاستمرار في محاربة الفساد ونهب أموال الشعب.
* ماهي أبرز مميزات المشهد السياسي بعد 7 أكتوبر في نظرك؟
- ما يميز المشهد السياسي بعد انتخابات 7 اكتوبر 2016 هو ظهور ثلاث كتل:
الكتلة المخزنية التي ظلت مرتبطة في تصويتها على الأحزاب المخزنية وتتشكل من الأعيان ومن أصحاب الريع وذوي الامتيازات والمستفيدين من رخص النقل ورخص الصيد البحري والمقالع الرملية والمخبرين السريين، وهي كتلة ظلت ولا تزال طيعة وتحت الطلب المادي أو النفوذ السلطوي، وهي لا تتجاوز 30 في المائة.
الكتلة الثانية، وتتكون من نخب بالمدن وبعضها في القرى، والتي ارتبطت ببرنامج فيدرالية اليسار الديمقراطي المكونة من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، حزب المؤتمر الوطني الاتحادي وحزب الاشتراكي الموحد، وهي كتلة أعلنت عن ارتباطها بفيدرالية اليسار وطالب بالعمل داخله.
الكتلة الثالثة، وهي التي لم تصل صناديق الاقتراع وتشكل 57 في المائة، أي ما يعادل 17 مليون مواطن ومواطنة دون احتساب الذين لهم الحق في التصويت ولم يتم تسجيلهم، وهذه الكتلة هي مؤشر قد يؤدي إلى تكريس العزوف السياسي، وهو أمر لن يساعد على إفراز قوى فاعلة في الحقل السياسي، بل هي ظاهرة ستساعد على سيطرة ديكتاتورية الأقلية، الشيء الذي ينذر ببلقنة المجتمع المغربي ليصبح قابلا للاختراق وإلي انتاج آلية تطرف داخلية وليست خارجية على غرار آلية التنظيم «الداعشي». ذلك أن أي قراءة لهذه الكتلة تجدها متعددة القناعات ولكن ليست ذات نفس الأهداف، إذ أن البعض ظل يشكك في الانتخابات وفي نزاهتها منذ القدم والبعض يرى أن المقاطعة يمكن أن تشكل أزمة سياسية للنظام الحاكم والبعض الآخر يظل رافضا من أجل الرفض.
إذن فالمشهد السياسي في معالمه الأولى بعد 7 أكتوبر يظل متناقضا بين الواقع وما تراه الحكومة مستقبلا.
* في ظل هذا الوضع الذي تفضلت بشرحه، ما هو المطلوب من القوى الديمقراطية والتقدمية في المرحلة المقبلة؟ هل ستديرون ظهركم لمطالب المغاربة في الإصلاح، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية؟
- في ظل هذه الأوضاع التي خلفتها انتخابات 7 أكتوبر أصبحت القوى الديمقراطية أمام عدة مسؤوليات:
1 ـ مسؤولية تأطير وتكوين وتنظيم 24 مليون لهم حق التصويت بعد 5 سنوات. وهذه المسؤولية تتطلب من هذه القوى التخلص من الرواسب السلبية التي خلفها التشرذم منذ بداية الستينات من القرن الماضي.
2 ـ المصالحة مع الذات ومع الجماهير الشعبية من خلال التعبير عن همومها والوقوف إلى جانبيها في مطالبها المشروعة باستمرار و بكل وضوح.
3 ـ إعادة النظر في الأشكال التنظيمية وفي العمل النقابي والعمل الجماهيري.
4 ـ التصدي بكل قوة لكل القرارات الحكومية المجحفة في حق الجماهير الشعبية.
* لكن، هناك من يرى أن كفة الصراع ستظل غير متكافئة بالنظر لوجود طرف سياسي يرفض التخلي عن توظيف الدين في الصراع مقابل طرف آخر يطالب بفصل الدين عن السياسية، مارأيك؟
- من مطالب فيدرالية اليسار فصل الدين عن السياسة في انسجام تام مع مطلب بناء الدولة الحداثية على اعتبار أن استغلال الدين سياسيا سيؤدي حتما إلى التصدع داخل المجتمع وإلى تخلفه. وتعمل الفيدرالية على بلورة برنامج يستجيب لمتطلبات المرحلة لصالح الشعب، وهو المشروع الذي سيجهض المخطط المخزني وسيضع حدا لسياسة الريع الاقتصادي والتسول السياسي وإقصاء الجماهير من المشاركة السياسية مع الاستمرار في محاربة الفساد ونهب أموال الشعب.
يونس فيراشين، عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر الوطني الإتحادي
القادم أسوأ وهذا تصورنا لحماية ظهر المغاربة من الجلد على يد بنكيران
يرى يونس فيراشين (عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر الوطني الإتحادي) أن انتخابات 07 أكتوبر 2016 أفرزت نسخة أكثر رداءة من سابقتها للمشهد السياسي، وأفرزت امتدادا وتقدما غير طبيعي لحزب العدالة والتنمية الذي كان على رأس تجربة حكومية تفننت واجتهدت في القضاء على مجموعة من المكتسبات الاجتماعية لفئات واسعة من المجتمع تحت مسمى الإصلاح، مؤكدا أن مواجهة ما هو قادم يقتضي توحيد الجهود وتشكيل جبهة للنضال الديمقراطي تستوعب كافة القوى الديمقراطية والتقدمية
* ماهي قراءتك للمشهد السياسي بعد 7 أكتوبر، وهل نحن أمام مشهد آخر في ظل احتمال مشاركة أحزاب الكثلة في حكومة بنكيران الجديدة؟
- انتخابات 07 أكتوبر 2016 أفرزت نسخة أكثر رداءة من سابقتها للمشهد السياسي. لابد من القول أولا إن هذه الإنتخابات كانت الأسوء في تاريخ المغرب، وذلك لما عرفته من فساد وإفساد بآليات مختلفة، منها على الخصوص استعمال المال بشكل كبير جدا وغير مسبوق والضغط على الناخبين وتوجيه اختياراتهم من طرف بعض رجال السلطة، كذلك تم تكييف أذهان الناس مع قطبية وهمية تم الترويج لها بشكل ممنهج فأصبحوا أمام اختيارين إما حزب المخزن أو حزب الأصولية الدينية.
فنتائج انتخابات 07 أكتوبر 2016 أفرزت امتدادا وتقدما غير طبيعي لحزب العدالة والتنمية الذي كان على رأس تجربة حكومية تفننت واجتهدت في القضاء على مجموعة من المكتسبات الاجتماعية لفئات واسعة من المجتمع تحت مسمى الاصلاح، فأجهزت على صندوق المقاصة ورفعت معدلات الضريبة على القيمة المضافة لمجموعة من المواد، مما أدى إلى ضرب متصاعد للقدرة الشرائية للمواطنين، كما فرضت إصلاحا جزئيا وظرفيا لصندوق التقاعد على حساب جيوب الموظفين، وحررت أسعار المحروقات وغيرها من الإجراءات كتخفيض ميزانية التعليم وفتح قطاع الصحة للرأسمال وتمرير قانون الشراكة قطاع عام قطاع خاص، بالإضافة إلى ارتفاع معدات البطالة وانخفاض نسبة النمو وإغراق البلاد في المديونية بشكل غير مسبوق.
باختصار، يمكن القول إن الحصيلة الحكومية كانت كارثية بالنسبة للشرائح الاجتماعية الفقيرة والمتوسطة والفقيرة وعلى الاقتصاد الوطني بشكل عام.
وأنا أذكر هنا بالحصيلة لأقول بأن النتائج التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية تجعل المتتبع والفاعل السياسي لا يجد تفسيرا للسلوك الانتخابي في المغرب باستعمال علوم السياسة، بل يمكن أن نجد تفسيرا لهذه النتائج التي حققها هذا الحزب في علوم أخرى كالسوسيولوجيا أو الأنتروبولوجيا. لهذا سميت هذا التقدم أو الإمتداد بغير الطبيعي، خاصة عندما نرى أن حلفاء العدالة والتنمية في التدبير الحكومي قد تراجعت نتائجهم تراجعا مهولا مقارنة بالانتخابات السابقة. وحتى من جهة المعارضة، فكل الأحزاب عرفت نتائجها تراجعا كبيرا باستثناء الأصالة والمعاصرة الذي تقدم كثيرا.
* وما رأيك بخصوص التحالفات التي تمت بعد الانتخابات التي لا يربط بينها أي خيط ناظم حسب المتتبعين؟
- التحالفات بعد الانتخابات من المفروض أن يحكمها منطق تقارب المرجعيات السياسية. وبالتالي تقارب المرجعيات السياسية، لكن للأسف فكل المؤشرات التي تظهر من خلال مشاورات رئيس الحكومة المكلف والأحزاب السياسية تؤكد أننا نسير في اتجاه تحالفات هجينة، بين من وعد الناخبين مثلا بإعادة النظر في إصلاحات صندوق التقاعد وبين حزب العدالة والتنمية الذي جاء بهذه الإصلاحات. بين من كان يقول بأن برنامجه الانتخابي يستحضر التوازنات الاجتماعية كأولوية وبين حزب يطبق السياسات النيوليبرالة في شكلها الأكثر توحشا، بين من يدعي الحداثة وبين المحافظ حد الانغلاق. وهو الأمر الذي يزيد من نفور فئات واسعة من مشهد سياسي أقرب إلى السوريالية.
* في هذا الإطار هل يمكن القول ان المغرب سقط في ديكتاتورية الأقلية؟
- لقد قلنا مرارا كفيدرالية اليسار الديمقراطي إن الديمقراطية ليست آلية تقنية تفرز أغلبية ومعارضة، بل هي إطار عام لتدبير الاختلاف والصراع بين مختلف الفئات والطبقات الاجتماعية وتعبيراتها السياسية والاجتماعية والثقافية. وهو ما يقتضي الحوار الوطني والتشاور حول كل القرارات الاستراتيجية التي تحكم مستقبل الغرب. لكن للأسف فالحكومة السابقة برئاسة حزب العدالة والتنمية لم تستوعب هذا المعنى العميق للديمقراطية، واستمرت في اتخاذ القرارات خارج كل مؤسسات الحوار والتشاور. وأكيد أن الحكومة المقبلة ستستمر في نفس النهج وربما بشكل أكثر حدة، بمبرر الشرعية الانتخابية. لذا نحن نتوقع من الحكومة المقبلة هجمة أكثر شراسة على ما تبقى من المكتسبات الاجتماعية وعلى القدرة الشرائية لعموم المواطنين ومزيدا من تفويت الخدمات العمومية للقطاع الخاص. وهو ما سنواجهه في الشارع بالاحتجاج والتظاهر وسنعمل كحزب المؤتمر الوطني الاتحادي و كفيدرالية اليسار الديمقراطي في كل الواجهات النقابية والحقوقية و الثقافية وغيرها من أجل وقف هذه الهجمة ومواجهة كل السياسات التي تضرب التوازنات الاجتماعية بمبرر الشرعية الانتخابية.
* في ظل الوضع الذي تفضلت بتشريحه، ما هو المطلوب من القوى الديمقراطية والتقدمية في المرحلة المقبلة؟ وهل ستتركون ظهر المغاربة يتعرض للجلد على يد حكومة بنكيران الجديدة؟
- إن مواجهة ما هو قادم يقتضي بالطبع توحيد الجهود، وقد أكدنا داخل حزب المؤتمر الوطني الاتحادي في آخر بلاغ للمكتب السياسي عن إرادتنا في تشكيل جبهة للنضال الديمقراطي تستوعب كافة القوى الديمقراطية والتقدمية، وهو نفس الموقف الذي تؤكده الورقة السياسية وبيانات فيدرالية اليسار الديمقراطي، فالصراع اليوم أصبح وسيصبح أكثر حدة على عدة مستويات:
أولا من اجل البناء الديمقراطي الحقيقي من داخل المؤسسات وفي الشارع، وهو ما يقتضي منا توضيح مشروعنا السياسي وربطه بالمعيش اليومي للمواطنين بعيدا عن شعارات «التياسر» وبلورة ذلك في تنظيمات حزبية وطنية ومحلية قادرة على تعبئة الجماهير صاحبة المصلحة في التغيير.
ثانيا من أجل الدفاع عن المكتسبات الاجتماعية للمغاربة والدفاع عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، وهو المستوى الذي يقتضي الارتباط بكل الفئات المهمشة والطبقة العاملة والحركات الاحتجاجية المطلبية والحركات الاجتماعية وتعبئتها من أجل خوض الصراع من موقعها الاجتماعي بوعي سياسي.
* هناك من يرى أن المعارك السياسية ستظل غير متكافئة بالنظر لكون طرف سياسي معين متشبث بتوظيف سلاح الدين في الصراع الإيديولوجي عكس القوى السياسية الأخرى التي لا تتلاعب بالمشترك الجمعي للمغاربة، ما هو ردك؟
- مسألة توظيف الدين هي المستوى الأهم في نظري والأكثر صعوبة هو الصراع الايديولوجي، وأنا هنا دائما استشهد بمقولة لصاحب كتاب: «ما العمل؟»، يقول فيها: «إن التطور العفوي لحركة الجماهير لن يقود إلا في اتجاه الخضوع للبنيات السياسية والمادية القائمة وإعادة إنتاج أنظمة حكم شمولية». لابد من تنزيل الوعي الصحيح وإزالة الغشاوة من عقول الناس. فالدين للجميع وهو مجال للمقدس والسياسة مجال لاختلاف الأفكار والتصورات، لقد رأيت مجموعة من الفيديوهات في مواقع التواصل الاجتماعي لعناصر من العدالة والتنمية بعضهم مرشح وكانوا أثناء الحملة الانتخابية يقولون للناس بأنهم جاؤوا كحزب لحماية الدين و محاربة العلمانيين، وهو ما اعتبر لعبا بالنار يهدد مستقبل المغرب.