لست ممن يستبقون أحكام القضاء للحكم على تصرفات الأشخاص ، و لا ممن يتشفون فيهم لمجرد الاختلاف معهم ، إلا أن حالة سعد المجرد أكبر من كونها قضية تجري وقائعها الآن بفرنسا ، و جرت مثلها قبل ذلك بأمريكا .
إنها قضية دولة و حكومة تملأ عقول و وجدان شبابنا بالتافه و المبتذل من الكلام الذي يسمونه غناء و طربا ، و تضرب حصارا شديدا على الفن الراقي الجميل و على الفكر المتنور الذي يدفع المجتمع إلى التقدم .
قضية سعد لمجرد عنوان مرحلة مطبوعة بالفراغ الثقافي و بتراجع الذوق الفني ، و النتيجة ما نراه اليوم و نسمعه من أغاني يسمونها شبابية و يطبلون لها صباح مساء ، في حين أنها لا تستحق كل هذا التطبيل بسبب سطحية كلماتها و فراغ محتواها و ضعفها الفني . أكثر من هذا أنها لا تحمل أية رسالة لمجتمعنا و لشبابنا على الخصوص ، علما أن الفن ، كما الفكر و الثقافة عموما ، هو رسالة تتطلب من حاملها أن يقدم مشروعا فكريا و ثقافيا و فنيا ، و أن يكون على قدر من الوعي و من الإدراك لأهداف مشروعه حتى يجد صداه و تأثيره في المجتمع .
إن خطورة قضية سعد لمجرد ، مهما تكن نتائجها ، هي أنه أصبح " رمزا " لجيل يعاني الفراغ ، و يعاني الضياع ، و كان عليه أن يأخذ ذلك في الحسبان بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معه فنيا .
لكن ، و كما قلت في البداية ، هو نتاج مرحلة تراجعت فيها كثير من القيم بفعل فاعل و كنتيجة لسياسة ممهجة تشترك فيها عدة قطاعات كالتعليم و الإعلام و الثقافة ...
إنها قضية تفرض علينا أن نعيد تفكيرنا في حالة مجتمعنا و حالة شبابنا على الخصوص .
فلننتبه قبل أن يفوت الأوان و يغرق شبابنا أكثر في بحر الفراغ القاتل و الضياع الهدام .