الخميس 28 مارس 2024
خارج الحدود

هل تعيد خارطة طريق باريس السلم إلى ليبيا؟

هل تعيد خارطة طريق باريس السلم إلى ليبيا؟ من لقاء باريس حول الأزمة الليبية

نظم قصر الإليزي بباريس لقاء حول الأزمة الليبية، بإشراف الأمم المتحدة وحضور 20 دولة من البلدان المجاورة أو القوى الإقليمية أو الدولية المعنية بالأزمة الليبية. والتساؤل المطروح: هل ستتمكن باريس من خلال ساعات من حل أزمة مستمرة منذ 2011، تاريخ سقوط نظام معمر القدافي؟ خاصة في وضع تضارب المصالح وتدخل الجيران وتعدد المليشيات المسلحة؟ والتساؤل المطروح أيضا: هل اتفاق باريس سيحقق ما عجز عنه اتفاق الصخيرات؟ هذا الاتفاق الذي لم تفلح الأمم المتحدة في  تنفيذه على أرض الواقع بسبب تعقيدات المشهد السياسي الداخلي الليبي، وهو ما عبر عنه  المغرب من كون تعدد المبادرات لن يفضي إلى توحيد الجهود لحل الأزمة الليبية. فهل ستتحقق  دعوة  المغرب بتوحيد الجهود لحل هذه الأزمة، وهل ستساير كل الأطراف مبادرة باريس من أجل تحقيق السلام بهذا البلد الذي أصبحت الأزمة به تهدد كل بلدان الجوار والمنطقة المتوسطية، بما فيها أوروبا، بفعل تزايد التهديد الإرهابي؟؟

المجهود الفرنسي ينضاف إلى المجهود المغربي من أجل إيجاد مخرج للأزمة الليبية التي استمرت طويلا، منذ انهيار نظام القدافي.. وحسب قصر الإليزي فإن هذا الجمود بليبيا لا يمكن أن يستمر، لأن اللاستقرار بليبيا هو تهديد مباشر  لأوروبا، وشمال إفريقيا ومنطقة الساحل.

وفي محاولة لبلوغ الهدف استقبل الرئيس الفرنسي، الثلاثاء الماضي، أهم القيادات المتنافسة في ليبيا وهم، رئيس حكومة الوفاق الوطني فائز السراج، والرجل القوي في الشرق المشير خليفة حفتر، ورئيس البرلمان عقيلة صالح عيسى، ورئيس مجلس الدولة خالد المشري.

ووافق هؤلاء على توقيع إعلان "يحدد إطار عملية سياسية" تنص على تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في إذا أمكن قبل من ديسمبر المقبل من سنة 2018، وفق الرئاسة الفرنسية 10

وتم قطع هذا التعهد بحضور ممثلي 20 دولة معنية بالملف وهي دول الجوار (تونس والجزائر ومصر وتشاد)، وأخرى من المنطقة (المغرب والسعودية والكويت والإمارات وقطر وتركيا)، وإيطاليا (القوة الاستعمارية سابقا)، والدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن (روسيا والصين وفرنسا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة)، إضافة إلى ألمانيا.

كما شارك في الاجتماع رئيس الكونغو دنيس ساسو نغيسو، بوصفه رئيسا للجنة العليا للاتحاد الإفريقي حول ليبيا، وكذلك رئيس بعثة الأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة، المكلف الإشراف على العملية.

وتم بالمناسبة تفعيل "مسؤولية المجتمع الدولي" بشأن مستقبل ليبيا، حيث لا يزال التهديد الجهادي قائما وسط تفشي تهريب السلاح والمخدرات والبشر في غياب لسلطة الدولة.

هذا اللقاء الذي تشرف عليه الأمم المتحدة، كما أشرفت على لقاء الصخيرات، يجمع لأول مرة أغلب أطراف الصراع بليبيا، هؤلاء الفرقاء الذين وصلوا إلى باريس، حسب مصادر فرنسية. وباريس تراهن على نجاح هذا اللقاء وعدم تكرار تجربة السنة الماضية، حيث تم تنظيم لقاء في يوليوز خلف ردود فعل غاضبة، ليست فقط من إيطاليا الدولة المستعمرة سابقا، بل في ليبيا ومن بعض الجيران أيضا.

باريس وضعت خريطة طريق لهذا اللقاء من أجل أن يتفق عليها كل أطراف الصراع الليبي بحضور حولي 20 دولة ومشاركة جامعة الدول العربية والاتحاد الافريقي والأمم المتحدة.

وستكون القضية الأمنية والهجرة من أهم نقط هذه الخريطة، وإذا تم الوصول إلى اتفاق اليوم سيكون مرحلة مفصلية في هذه الأزمة.

وفي تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية حذرت "مجموعة الأزمات الدولية" من "النتائج العكسية" التي قد يتسبب فيها هذا المؤتمر الدولي، الذي تنظمه باريس تحت إشراف الأمم المتحدة، والذي شارك فيه أبرز المسؤولين الليبيين، من أجل التمهيد لتنظيم انتخابات قبل نهاية سنة 2018، في هذا البلد الغارق في الفوضى منذ 2011.

وأعلنت الرئاسة الفرنسية مساء يوم الاثنين الماضي أنها سوف تسعى خلال هذا الاجتماع إلى انتزاع التزام جماعي من أجل تنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية قبل نهاية سنة 2018.

وحذر "مركز مجموعة الأزمات الدولية" إلى غياب بعض أطراف هذا الصراع، منهم مجموعة مصراتة التي تعتبر مجموعتها المسلحة من بين الأقوى في غرب ليبيا وساستها من بين الأكثر نفوذا. والذي رفض المشاركة بعد علم أنه لن يعامل مثل الوفود الأربعة المشاركة في لقاء باريس. كما أن إجراء انتخابات هذا العام هو إجراء غير واقعي من وجهة نظر تقنية بحثة، بالإضافة إلى عدم توفر الاطار القانوني أو الدستوري غير متوفرين.

لهذا اعتبرت بعض الأطراف أن اتفاق باريس غلب عليه التسرع، لعدم نضج الأوضاع بليبيا على مستوى المؤسسات، وكذلك غاب دور إيطاليا المستعمر السابق لهذا البلد.. ففي ظل الأزمة السياسية التي تشهدها روما لم يشارك إلا سفير إيطاليا بباريس في هذا اللقاء. فهل يمكن تجاوزها في هذه الأزمة الليبية؟

أحد الأطراف الأساسية هو مجلس الدولة يتشبث بالاتفاق السياسي الذي رعته الأمم المتحدة بالصخيرات سنة 2015، والذي ترفضه فصائل شرق ليبيا، ليبيا التي تنتظر من لقاء باريس إيجاد خريطة طريق تلتزم بها كل الأطراف السياسية والعسكرية ودول الجوار، فإنها مازالت تعيش حالة الفوضى واللاستقرار وكل الاتفاقات الدولية لا تطبق في الواقع، في عند العودة إلى ليبيا تتكلم لغة السلاح بدل الاتفاقات السلمية  التي تم التوصل إليها.

في الخارج حكومة الوفاق الوطني، وهي حكومة لم تحظ بإجماع في ليبيا، خاصة في شرق البلد، حيث توجد قوة منافسة تدعمها قوات المشير خليفة حفتر المدعومة من أطراف خارجية، والتي يثير توجهها العسكري مخاوف الأطراف المدنية في الاتفاق. بباريس حضر شرق ليبيا بقوة  لكن جزء من الغرب الليبي متخوف منه، هل سيجد هذا الاتفاق صعوبة هو الآخر في التحقق على أرض الواقع، كما حدث لاتفاق الصخيرات؟ وهل التقارب الكبير بين الرباط وباريس سيكون حلا لإقناع كل أطراف الصراع بضرورة توافق وطني بليبيا. هذا ما ستكشف عنه الأيام المقبلة.