في شهر أبريل 2018 احتفل المكتب الوطني للكهرباء بالزبون رقم 15 ألف، بحي الأزهر بمنطقة أهل الغلام التابعة لعمالة سيدي البرنوصي بالدار البيضاء.
الاحتفال تزامن مع تعيين الملك لعبد الرحيم حافيظي مديرا عاما للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب يوم 17 أبريل 2018، بشكل جعل مصالح المكتب تتعبأ للتعجيل بمواكبة هذا الحدث عبر تخصيص أهل الغلام بمقر جديد لوكالة تجارية تليق بهذه الدينامية الحضرية المذهلة التي يشهدها الشمال الشرقي للعاصمة الاقتصادية. إذ أن وصول زبناء المكتب إلى رقم 15 ألف، معناه أن حي الأزهر وأهل الغلام تجاوز عتبة 75 ألف نسمة. أي أن منطقة أهل الغلام، التي لا تتعدى مساحتها في المجموع 1000 هكتار، تضم ساكنة تقارب ساكنة ثلاث مدن من حجم مدن الفقيه بنصالح أو بركان، ويدل ذلك أن ساكنة أهل الغلام والأزهر تساوي ساكنة مدينتين من حجم بوجدور أو شفشاون أو تساوي ساكنة مدينة من حجم الراشيدية.. وبالتالي من غير المنطقي ترك هذا «الشعب» بدون تمكين المنطقة من بناية محترمة تتناسب والحجم الديمغرافي بحي الأزهر وأهلا الغلام.
وإذا كان المكتب الوطني للكهرباء، قد استبق الوضع وبرمج الاعتمادات المالية اللازمة، فإن باقي المتدخلين العموميين (من ولاية البيضاء والبلدية والمقاطعة) ما زالوا يتلذذون بتعذيب 75 ألف مواطن لا منفذ لهم للعبور لحي القدس وللأحياء الأخرى، سوى معبر حقير يربط حي الأزهر بالبرنوصي مرورا بشركة كابلام، وهو المعبر الذي تطلق عليه الساكنة «معبر إيريتز» نسبة إلى العذابات اليومية التي يصلى بنارها الفلسطينيون على يد إسرائيل بالمعابر «الحدودية». ذلك أن معبر كابلام ضيق جيدا لا يستوعب الآلاف من السيارات والحافلات التي تمر من وإلى حي الأزهر لصغر قنطرة كابلام من جهة، ولغياب منافذ نحو الطريق السيار تسمح بانسياب حركية السير من جهة ثانية، ولكون السلطات رخصت بزرع مشاريع سكنية ضخمة بحي الأزهر دون أن تستحضر التخطيط لممرات ولفتح الطرق وإحداث المنافذ، مثلما هو الحال بالدول التي تحترم فيها السلطات حقوق السكان من جهة ثالثة. والنتيجة هي حشر 75 ألف مواطن في صراط «إيريتز» بكابلام بشكل يهين كرامة الإنسان ويفقده الإحساس أنه ينتمي لدولة فيها مؤسسات تسهر على تحسين مستوى عيشه.
والفظيع أن ملف تهيئة معبر "إيريتز" برمج في مشروع التأهيل الحضري الذي قدم للملك في عهد محمد ساجد (العمدة السابق للبيضاء) دون أن ينجز المشروع بحكم أن منطقة أهل الغلام ليست خزانا انتخابيا للعمدة أو لنوابه آنذاك، فتم تهريب الأموال إلى أحياء أخرى، علما أن الحي الصناعي أهل الغلام يتبع لنفوذ الحي الصناعي سيدي البرنوصي الذي يوظف حوالي 65 ألف من اليد العاملة ويعد أحد أكبر الأحياء الصناعية بالمغرب، فضلا عن كونه يساهم بحصة 10 في المائة من الناتج الداخلي الخام من مجموع مساهمة القطاع الصناعي الوطني.
وفي عهد عمدة البيضاء الحالي، عبد العزيز العماري، تم إسناد أوراش التهيئة الحضرية الكبرى لشركة «الدار البيضاء للتهيئة»، لكن تم إقصاء حي الأزهر مرة أخرى من رادار التنمية، بحكم أن شركة «الدار البيضاء للتهيئة» لا تهتم إلا بإنجاز أنفاق أو شوارع تقود إلى مشاريع مستثمرين نافذين ولا تهتم بتهيئة الشوارع أو القناطر بأحياء المهمشين الذين بفضل سواعدهم يتم تشغيل محركات المعامل الصناعية التي تضخ الملايير في الخزينة العامة كضرائب أو كعائد من العملة الصعبة بفضل التصدير.
إن منطقة أهل الغلام والأزهر والقدس ليست بحاجة إلى إرسال عناصر البوليس لتنظيم المرور بالمعبر المشؤوم بقنطرة كابلام، بدليل أن فيالق شرطة المرور التي يتم تسخيرها كل يوم هناك لا تفلح في ضمان انسياب المرور وتنقل المواطنين، لكون المنطقة تحتاج إلى مهندسين ولشركات لإنجاز المشروع المعطل.
وبدل إضاعة وقت شرطة المرور في متاهة «معبر إيريتز»، من الأولى إرسال عناصر «البسيج» لاعتقال المنتخبين ورجال السلطة بالولاية والعمالة والوكالة الحضرية واعتقال مسؤولي «شركة الدار البيضاء للتهيئة»، إذ لا فرق بين الإرهابيين القادمين من أهل الغلام، الذين «فركَعوا» الدار البيضاء في أحداث ماي 2003، وبين مسؤولي البيضاء الذين يمارسون إرهابا عمرانيا وتعميريا يوميا «يفركَعون» به كل يوم أعصاب 75 ألف مواطن بحي الأزهر وأعصاب 4 ملايين مواطن بالبيضاء.