السبت 18 مايو 2024
مجتمع

"أنفاس بريس" تطرح: "تصور لو لم تكن المقاهي بالمغرب".. فكانت الردود

 
 
"أنفاس بريس" تطرح: "تصور لو لم تكن المقاهي بالمغرب".. فكانت الردود

احتمال واحد وجوهري طرحته مجموعة من مرتادي المقاهي وهي تتلقى سؤال "أنفاس بريس" عن مفهومها للمقهى في المغرب، وهو "تصور لو لم تكن المقاهي بالبلد". الحقيقة وإن كان هذا الأخير مجرد احتمال فإنه أطلق العنان للخيالات كي تستحضر مشاهد غريبة وبعضها لا يصدق، كما قال عبد الرحمن، البالغ 47 سنة، وحجته في ذلك الكم الغفير الذي تحتويه هذه المقاهي على مدار اليوم لمواطنين لو وجدوا ملاجئ أفضل لما ترددوا في التوجه إليها، لكن في ظل انعدام الأخيرة أو على الأقل توفرها بقلة وبشروط نخبوية لولوجها، تبقى المقهى بمثابة الإسفنج الممتص لرغابتهم والملاذ الملبي لميولاتهم بتعدد أنواعها.

وفي هذا الصدد، نبه عبد الرحمن، موظف، إلى أنه ليس العاطلين أو "اللي ماعندو مايدار" من يقصد المقاهي كما يشاع، وإنما هناك نماذج من خيرة قشدة المجتمع ولو تعلق الأمر بمقاهي الأحياء الشعبية "أنا كنعرف أطباء كيجيو هنا وبوليس وفنانين كيبانو فالتلفزة". ومن ثمة، يضيف المتحدث، لا يعقل أن يكون جميع هؤلاء مخطئون في اختيارهم أو يحضرون لإرضاء طرف معين على حساب راحتهم النفسية "حتى واحد ماكيضربهم على يديهم باش يجيو للقهوة".

ومن جهته، أشار نور الدين، البالغ 34 سنة، إلى أنه من الصعب جدا حصر الخدمات التي تقدمها المقهى باعتبارها تجمع ما لا يجتمع في الكثير من المواقع، بل صار بعضها يتميز بصفة التخصص من حيث نوعية المرتادين، وضرب لذلك مثلا بـ"فهاد الشارع كاينة قهوة الصفاقجية وقهوة المعلمين وقهوة الحرافية، وفالشارع الآخر كاينة قهوة الحرايفية وقهوة لوكازيون وقهوة المشاكل وزيد وزيد..".

وفي توضيحه لأكثر هذه التخصصات إثارة للفضول وهي مقهى المشاكل، قال نور الدين بأن هذا الفضاء يأمه كل من وقع في ورطة ما وكان في حاجة إلى استشارة قانونية، إذ يجد رهن إشارته محامين ومستشارين قانونيين، بعضهم من المجازين العاطلين الذين يقدمون مساعداتهم بمقابل في متناول الجميع، فضلا على أنهم متواجدون بعين المكان من الساعة السابعة صباحا إلى العاشرة ليلا "سون زاغي" ودون التقيد بحدود التوقيت الإداري المعمول به أو حتى بأيام العطل أحيانا. فهم جاهزون في كل وقت وحين لتقديم خبرتهم ويد العون إلى من يعيشون خلافات أسرية تحديدا كأمور الطلاق والنفقة والإرث، ناهيك عن نزاعات الجوار بين الجيران أو بين المكري والمكتري، إلى غير ذلك من القضايا الأكثر استأناسا بحياة المواطنين المغاربة.

أما مقهى "الصفاقجية"، يضيف مجالسنا، فتغنيك عن التجوال للبحث عما يخص تنشيط حفل من المحافل، انطلاقا من الفرقة الموسيقية وإلى "مول الهوندا"، مرورا بالدقايقية والسرباية والنكافة والتريتور، وحتى قاعات الحفلات  تجد قائمة بمواقعها وأثمنتها ومساحاتها ومرافقها لدى الوسطاء المعنيين.

وأضيف لك معلومة، يقول نور الدين، هي أن نادل تلك المقهى خضع قبل نحو سنتين لتكوين في تقنية "لانفوغرافي" وأصبح هو من يتولى تجهيز دعوات الأعراس و"ليزانفيطاسيون ديال جميع المناسبات"، بمعنى أنك "تدخل لديك القهوة تخرج مجوج من طاق طاق حتى للسلام وعليكم". وكما تدل عليها أسماؤها المفروضة بقوة صفات مرتاديها، لا تلك التي اختارها المالكون والمسجلة لدى السلطات، لا تصادف في مقهى "لوكازيون" مثلا إلا أحاديث البيع والشراء ومصطلحات المساومة لماركات السيارات المستعملة في علاقتها بـ"فاش خارجة. واش مازوط ولا إيصانص. وعدد الخيل والديوانة". في حين لا تحتاج لمجهود، يؤكد نور الدين، لتجد في مقهى "الحرافية" كل ما تحتاجه من رجال "البريكولاج" سواء كان القصد "بناي" أو "تريسيان" أو "بلومبي" أو "جلايجي" أو "جباص" أو "مصلح البارابولات".

وبذلك فهذه المقاهي، يخلص المتحدث، تعد دليلا مجانيا لشتى الخدمات ورقما أخضرا لتفريغ مجمل الشحنات. ومن الناس من يجد بها متنفسا ومحلا يقوم محل المدعم النفساني لتقوية معنوياته أمام تحديات الحياة اليومية. ونزولا عند قاعدة "عود على بدء" تجرنا جميع هذه الإفادات إلى إعادة طرح الاحتمال الذي سيق في البداية على لسان المرتادين "ماذا لو لم تكن المقاهي في البلد؟"، ليبلور سؤالا مفتوحا بصدر رحب لتقبل ما لانهاية من الإجابات.