Tuesday 13 May 2025
سياسة

رشيد لبكر: مصطلح "التحكم" و"خدام الدولة" آليات لغوية مرحلية سينتهي مفعولها بعد 7 أكتوبر

رشيد لبكر: مصطلح "التحكم" و"خدام الدولة" آليات لغوية مرحلية سينتهي مفعولها بعد 7 أكتوبر

ونحن على  مشارف الإنتخابات التشريعية المقبلة ينبغي أن تكون البرامج هي قوام المرحلة الجديدة وليس التنابز وصراعات المصالح الخاصة أو الأهداف الحزبية الضيقة، ولعل أهم شكل للتنابز الحالي بين الأحزاب أو قطبي الأغلبية والمعارضة هو مفهوم"التحكم" الذي تتراشق الأحزاب به بعضها البعض. هل هو فقط ممارسة تسلطية تسعى إلى السطو على القرار السياسي؟ ومن يقف وراء هذا التسلط؟. لقد دخل هذا المفهوم  القاموس السياسي المغريي الحديث من دون حتى تعريف مضبوط له ولمحتواه ليبقى لغزه في سره. "أنفاس بريس" ناقشت التباس مفهوم "التحكم " هذا مع الدكتور رشيد لبكر، أستاذ العلوم السياسية بكلية الحقوق بسلا، ووافاها بالورقة التالية:

"بداية وقبل الحديث عن "التحكم" أرى من الضروري أن أوضح بأن الحقل السياسي المغربي أضحى يعج بالعديد من المصطلحات والمفاهيم الجديدة، اكتسبت قوتها من حجم التداول المتزايد بها وكثافة الإستعمال لها من طرف المهتمين بهذا الحقل سواء كانوا ممارسين للعمل السياسي ذاته أو مشتغلين على الظاهرة السياسية من  زوايا متعددة، سواء من الهم الفكري أو من المتابعة الإعلامية أو من الرصد المدني. لكن الملاحظة التي أود إثارتها في هذا الباب تتعلق بالباحثين والمهتمين بالسياسة كمادة علمية لها آلياتها المنهجية ومقارباتها الصارمة، إذ نجد  بعضا من هؤلاء ومع كامل الأسف يعمدون إلى استعمال هذه المصطلحات بسهولة كبيرة وبلا أدنى تحفظ، وهذه إشكالية، إذ أن اللغة تبقى غير بريئة ولا يمكن إقحام مصطلح إلى حقل السياسة كعلم وليس السياسة كممارسة إلا بعد اشتغال على المصطلح ذاته ونزال تنظيري قبل إمكانية القبول بشرعية وجوده في قاموس عالم السياسة من عدمه، ولابد لرجل العلم من الحذر إزاء الإنسياق وراء مثل هذه التوظيفات اللغوية. فالساسة والإعلاميون يعمدون إلى صنع بعض المصطلحات لغايات متعددة  كـ"الإثارة" مثلا بالنسبة لرجل الإعلام أو "التقية" بالنسبة لرجل السياسة، وهذا الأخير كثيرا ما يعمد إلى توظيف مصطلحات لتمرير رسائل مشفرة ليست بالضرورة ذات نوايا حسنة خصوصا عند المحطات الإنتخابية.

لذلك أعتقد أن مصطلح "التحكم" وكغيره من المصطلحات الأخرى كـ"خدام الدولة "، وغيره هي آليات لغوية مرحلية سينتهي مفعولها بعد 7 أكتوبر المقبل وتستعمل في النزاع الإنتخابي الراهن بحمولة غير بريئة.

وبعد هذا التوضيح، أطن بأن التحكم يعبر الآن عن هواجس بعض الأحزاب من الوافد الجديد أي حزب الأصالة والمعاصرة بالنظر إلى قوته التنظيمية وإمكاناته المالية واللوجستيكية الهائلة، وكذلك ادعاءات هذه الأحزاب حول نفوذه الكبير اعتقادا منها بأن حزب "البام" بالنظر إلى هذه القوة قادر على فرض الهيمنة المطلقة وقد يسحب منها البساط. وهذه الأحزاب، إذ تعمد إلى الترويج لهذا المصطلح فإنها تريد  توصيل أو تبليغ رسائل معينة أعتقد أن ملك البلاد التقطها واستوعبها وكان رده اعتبارا لمسؤولياته الدستورية مفصليا في خطاب العرش الأخير، ولا أرى حاجة الآن للتذكير بما جاء فيه. ولحد الساعة ما زال النقاش بين الأحزاب  المتنافسة غير مفيد، فهو لا يركز على قضايا ذات الإهتمام العام، بل كل ما يوجد  تنابز وضرب تحت الحزام وركاكة واتهامات متبادلة ونبش وتخفي، وكل ذلك تستعمل فيه اللغة ويوظف من أجله الإعلام. لذا أرى أن خطاب المرحلة بمصطلحاته الراهنة مجرد فقاعات صابون أثرها لن يدوم، بل هي جزء من النزال الإنتخابي البئيس، وإفراز لجانب من معاركتا السياسية المفتعلة".