بداية نود أن ندرك أن ما نقصده بالإرهاب هنا ليس كمفهومه السائد في العالم وهو التنظيمات الإرهابية التي تقوم بأعمال عنف وتفجيرات إلخ.. وإنما مفهومنا للإرهاب أوسع من ذلك ... فالسياسات القمعية التي تمارسها الأنظمة الاستبدادية أيضا تنضوي تحت هذا المسمى والتي ينبغي أن تضع على رأس قائمة الإرهاب، وأيضا ما تعلمه بعض الدول وبعض الجماعات في مناهجها الدراسية وهذا يطلق عليه الإرهاب الفكري، إذن الإرهاب ذو وجوه وقليل من دول العالم التي لا تمارسه بطريقة أو بأخرى.
وقد بدأ الإرهاب بالظهور في منطقة جنوب الصحراء الكبرى منذ عام 2000 على يد تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي .. والتي تعود أصولها إلى الاستخبارات الجزائرية ويتزعمها جزائريين بعضهم شارك في حرب تحرير الجزائر من الاستعمار الفرنسي، وبدأت بأولى تنفيذ عملياتها باختطافها رهائن أجانب كانوا في رحلة سياحية عام 2003... وتلتها عمليات كثيرة منها عملية خطف أيضا 2006 وشاركت مالي في عملية الوساطة بين تنظيم القاعدة و دول المختطفين... بهذه الطريقة وبطريقة تهريب المخدرات ودعم استخباراتي كسبت القاعدة المال الكثير واستغلت به أصحاب المصالح من أهل المنطقة.
أولا: استهداف استخباراتي عن طريق دولة مالي والقاعدة لقادة الثورة الأزوادية، وهذه العمليات بدأت بتصفية قادة الثورة الأزوادية من قبل الاستخبارات المالية.
هنا يمكنني أن أتأكد على شيء واحد وهو أن هذه التنظيمات تلعب دور الجزائر الذي كانت في السابق تلعبه بدون أي تنكر، كما يتذكر الأزواديون جميعا عملية تسليم الجزائر أربعة من قادة ثورة 63 لمالي، كما سجن العديد من الثوار الشباب إبان ثورة 1980-1990 في السجون الجزائرية، وبعد تلك السنين لم تجد الجزائر حرية لتنفيذ عملياتها وخاصة التي تنفذ بطريقة مباشرة لم تغطى بأي غطاء كما ذكرنا آنفا.
ثانيا: وهو الجانب الديني الذي لم يلعب فيه علمائنا بل علماء المنطقة برمتها دورهم كما ينبغي بل البعض منهم انضم إلى هذا المنهج المنحرف فما بالك بالشباب الجهلة.
يعلم الجميع أن شعبنا يستسلم للدين وهو شعب مطيع ولا يجادل فيه وهذا ما عرفته الاستخبارات العالمية وجعلت منه منهجا تتبعه لتضلل الشباب المسلم، كما رأينا ما حدث للشباب الأزوادي من ضياع بسبب تلك الاعتقادات المنحرفة، وسكوت المثقفين وأهل العلم عن هذه الظاهرة مساهم بتعقيد الأمور أكثر.
يرى الكثير من المحللين أن ما جعل القاعدة في الساحل أقوى من ذي قبل هو انضمام الطوارق إليها، وقد تكون هذه النظرية صحيحة نوعا ما، ودليل على ذلك القدرات التي تمكنت بها القاعدة في الآونة الأخيرة وهذه القدرات كل تماشق من جلبها إليها.
ثالثا: ظواهر الإرهاب...
إسقاط الأنظمة وإضعاف الشعوب ونزع الثقة بين الحاكم والمحكوم، لنا المثل عندما تم الإعلان عن استقلال أزواد، رأينا كيف تطاولت على هذا الاستقلال أيدي المؤامرة لإفشال هذا المشروع الشعبوي وقد نجحوا، والآن بدأوا في عملية كيف يجعلون هذا الشعب يفشل نفسيا ومعنويا، وهذه من وجهة نظري بدأت بالظهور، كيف ذلك؟؟؟؟
رأيت ظاهرة الإرهاب النفسي تظهر بشكل رهيب في مجتمعنا، ومن هذه الظاهرة عدم الثقة والشعور بالمؤامرة ومن هنا أصبحت المغامرة معدومة في وسط المجتمع والمغامرة اعتبرها من أساسيات السعي وراء النجاح، والمجتمع الذي لا يتحلى بروح المغامرة والمثابرة لا أدري كيف يأتي بالجديد وكيف يتطور، وبالمناسبة هذه الظاهرة وليدة سابقتها.
هنا جاء دور محاربة الإرهاب، ويرى الكثير من الأزواديين بأنها حرب العالم وحرب قوات الأمم المتحدة وليست حربهم وكثير من أعضاء الحركة الوطنية لتحرير أزواد يتبنى هذه النظرية، ولكن بالمقابل نرى أن أكثر من تضرر بتنظيم القاعدة هو الحركة نفسها وقد أعلنت تنظيم القاعدة الحرب على الحركة أكثر من مرة وأعلنت استهداف أعضاء الحركة ووصفتهم بالعملاء لفرنسا والكفار إلخ..
رابعا: الجانب التعليمي والأخطر..
وهذا من أخطر تلك الجوانب ولا يمكن نزع فكرة استعمارية زرعها الاستعمار في عقول الناس إلا بفكرة أخرى أقوى منها برهانا ووضوحا، وهذه قد واجهتنا كثيرا فأكثر المتعلمين منا زرع منهم المستعمر أفكار مسمومة سريعة الانتشار، سواء كان هذا الإستعمار الفرنسي الذي بقي فكره الآن في أفريقيا السوداء سائدا او استعمار الأنظمة العروبية، وقد صنفت الأنظمة العروبية باستعمارية ﻷن أكثرها استبدادية وخاصة في شمال إفريقيا، وجرائم الحكومات العروبية بحق شعبهن أولى بأن توصف بالإرهاب من غيرها.
وقد قلت أن الإرهاب التعليمي أخطر أنواع الإرهاب، وما رأيناه في المناهج التعليمية لتلك الدول أكثر ما تركز عليه هو تعليم الكراهية ونشرها في أوساط المجتمع، وهذا جلي وله مؤثراته في المجتمع وسلبياته وقد يتحول إلى جرائم لم تجعل البشرية قوانين تعاقب مرتكبيها بعد..