الجمعة 29 مارس 2024
سياسة

ألقاها العزيز في لقاء العيون: فيدرالية اليسار تطرح كناش تحملات للرد على استفزاز الجزائر والبوليزاريو

ألقاها العزيز في لقاء العيون: فيدرالية اليسار تطرح كناش تحملات للرد على استفزاز الجزائر والبوليزاريو عبد السلام العزيز

ضمن إطار اللقاء الوطني التعبوي الذي دعت له الأحزاب السياسية المغربية يوم الاثنين 09 أبريل 2018 بمدينة العيون، وذلك لمواجهات استفزازات الجزائر والبوليزاريو، ألقى عبد السلام العزيز، منسق فيدرالية اليسار الديمقراطي، كلمة بهذا الخصوص تنشرها "أنفاس بريس" كاملة:

"السيد رئيس الحكومة

السيدات والسادة الوزراء

السيدات والسادة الأمناء العامون للأحزاب السياسية

أحييكم تحية التقدير والاحترام باسمي وباسم مناضلات ومناضلي فيدرالية اليسار الديمقراطي، في هذا اللقاء الذي يجمعنا حول قضية وحدتنا الترابية، التي تعتبر، بالنسبة لنا في الفيدرالية، قضية محورية تحتل صدارة أولوياتنا، ومكونا أساسيا من عناصر هويتنا النضالية.

إن فيدرالية اليسار الديمقراطي تجدد اليوم التأكيد على موقفها المبدئي والثابت من القضية الوطنية، حيث نعتبر أن أي حل سياسي للنزاع المفتعل لابد أن يكون في إطار السيادة المغربية، وأن ملف الوحدة الترابية لبلادنا شأن وطني عام يقتضي إشراك كل تنظيمات المجتمع في التفاعل معه وبشكل دائم، كما أننا على قناعة مبدئية بضرورة الربط الجدلي بين تحرير الأرض وتحصين الوحدة الترابية والبناء الديمقراطي، فالكفاح الوطني من أجل التحرر والوحدة، ظل مرتبطا عضويا بالنضال من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وبناء المغرب القوي القادر على مواجهة تحديات العصر بما يحصن الوحدة الوطنية في أبعادها الإنسانية والترابية والحضارية.

ولا بد من التذكير هنا  بأن المغرب من الدول القلائل التي تركت لها الفترة الاستعمارية بعض الثغور المحتلة، لذا فإننا كنا دائما وما زلنا نلح على ضرورة فتح ملف تحرير مدينتي سبتة ومليلية والجزر التابعة لهما من أجل استكمال تحرير كافة التراب الوطني.

أيها الحضور الكريم

لقد شكلت المسيرة الخضراء سنة 1975 لحظة وطنية بامتياز أجمعت من خلالها كافة مكونات المجتمع وتنظيماته على ضرورة استكمال التحرير واسترجاع أراضينا الصحراوية، وجاءت مقرونة بمرحلة انفتاح سياسي خلق شروط تقوية الجبهة الداخلية وتعبئة شعبية استثنائية توجت بتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب. لكن خصوم المغرب ما فتئوا أن تجندوا لمعاكسة حق المغرب في وحدته، فتعددت مناوراتهم التي واجهها المغرب بالحزم اللازم، إلى أن جاء اتفاق وقف إطلاق النار سنة 1991 والقرارات الأممية الملزمة لجميع الأطراف والقاضية بضرورة إيجاد حل سياسي متفاوض عليه. وفي هذا الإطار قدم المغرب مقترح الحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية، والذي اعتبرته الأمم المتحدة وأغلبية المنتظم الدولي مقترحا جديا ومتقدما ومنسجما مع المعايير الدولية، وهو ما اعتبرناه، في فيدرالية اليسار الديمقراطي، أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب كحل نهائي وواقعي لهذا المشكل المفتعل. لكن الطرف الأخر لم يتفاعل بشكل ايجابي مع المقترح المغربي، وتأكد أن خصوم وحدتنا الترابية ليست لهم الإرادة الحقيقية لحل هذا النزاع المفتعل، واستمرت ما يسمى بجبهة البوليساريو ومن يقف خلفها بسلك طريق المناورات، وافتعال الأزمات، واستعمال كل الأساليب والأوراق المختلفة لمحاولة إضعاف موقف المغرب وتأبيد النزاع، بدءا من اللجوء إلى ورقة حقوق الإنسان التي تم استنفاذها ثم لعب ورقة الثروات والخيرات بالأقاليم الصحراوية، كل ذلك للتهرب من الحل السياسي كما أوصى به المنتظم الدولي.

السيدات والسادة

إن انسداد أفق الطرح الانفصالي يفسر جزئيا الاستفزازات الأخيرة لأعداء وحدتنا الترابية، والتي عرفتها المنطقة العازلة المحددة بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، منطقة كان الهدف منها استتباب الأمن والسلم، لكن الانفصاليين استغلوها منذ مدة ومازالوا يستغلونها لإيهام إخواننا في المخيمات وبعض الأطراف في المجتمع الدولي بوهم الأراضي المحررة، إن ممارسات ما يسمى بجبهة البوليساريو في المنطقة العازلة يعتبر خرقا سافرا للقانون الدولي واستخفافا بمنظمة الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتهديدا للأمن والاستقرار بالمنطقة كلها، والتي أصبح جزء منها مرتعا للجماعات المتطرفة. وهو ما يقتضي من بلادنا التعامل بالصرامة والجدية اللازمتين وبمسؤولية وطنية لمواجهة هذه الاستفزازات، بالاعتماد على الذات الوطنية أولا، لأن اصطفافات ومواقف القوى الدولية تتغير بتغير مصالحها واستراتيجياتها.

غير أن قوة الذات الوطنية تكمن في قوة وتماسك مكوناتها، فالصورة التي يجب أن نرسخها ونقدمها للعالم، هي أننا رغم اختلافاتنا وصراعاتنا وتعارض أهدافنا لاختلاف مصالح الفئات الاجتماعية التي نعبر عنها، فنحن نحتج ونتظاهر ونضرب عن العمل ونناضل من أجل تحقيق ما نؤمن به، لكن تبقى وحدتنا الترابية نقطة التقاء توحدنا جميعا.

لذلك فنحن في فيدرالية اليسار الديمقراطي، نعتبر أن هذه التطورات التي تعرفها قضيتنا الوطنية اليوم، هي مناسبة لتمتين أسس التعبئة الوطنية وتقوية الجبهة الداخلية، من خلال تنقية الأجواء وخلق انفراج سياسي بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية الحراكات الاجتماعية وكافة المعتقلين السياسيين. وتقوية اللحمة الوطنية من خلال القيام بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الضرورية لتحقيق العدالة الاجتماعية، وضمان شروط العيش الكريم لكافة المغاربة، فتأمين الوحدة الترابية يرتكز أولا وأخيرا على المواطن المغربي/ الإنسان المستعد للتضحية من أجل الوطن، و الوطن ليس فقط حدودا وجغرافيا، بل أيضا حقوقا سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية.

إن الضرورة الموضوعية تقتضي فتح حوار وطني حول الوضع السياسي والنموذج التنموي والمسألة الاجتماعية وإعادة النظر في السياسات العمومية ومجموع القضايا التي ترهن حاضر ومستقبل المغرب، بهدف إعادة الاعتبار لقيم المواطنة وتمتين عرى الانتماء للوطن، وتقوية الذات الوطنية في كل أبعادها، وبناء المغرب الديمقراطي القوي لمواجهة كل التحديات، وتحصين وحدتنا الترابية واستكمال التحرير مهما كانت الظروف والتطورات.

أيتها السيدات أيها السادة

من مدينة العيون، من هذا الجزء الغالي من تراب وطننا، أود أن أوجه نداء لإخوان لنا في مخيمات تندوف، وأقول لهم إن الاعتبارات التي حكمت الصراع في السبعينات لم يعد لها وجود، وأن مصلحتهم تقتضي التحرر من المتحكمين في قرارهم، وأن مستقبلهم ومستقبل أبنائهم هو في وطنهم المغرب، والمساهمة في بنائه .

كما أوجه النداء كذلك للرأي العام الجزائري وقواه الديمقراطية الحية، لتملك الوعي التاريخي الموضوعي وتجاوز أعطاب التاريخ، بالعمل المشترك، بحكم الجوار والروابط التاريخية والحضارية بين شعبينا ونضالنا المشترك من أجل التحرر، وبحكم المصير المشترك الذي يحتم علينا العمل المشترك من أجل بناء المغرب الكبير، وجعله فضاء مغاربيا للحرية والديمقراطية والتنمية الشاملة، والتنافس على ضمان الكرامة والعدالة الاجتماعية لأبنائه".