بقطع النظر عن موقف كل واحد منا من ما يجري بتركيا، فإن ما يثير الانتباه أن بوصلة النخب المغربية مازالت صوب الشرق ومازالت نخبنا لم تستقل بعد بنظرتها وتعبئتها لمواجهة قضايا الداخل.
اليوم نعيش مع نخبتنا المغربية غربة فكرية وسياسية بحكم أن النموذج المعبود عندها هو أردوغان أو غولن أو مرسي أو القرضاوي نتيجة التغليف الأصولي للمشهد العام حاليا مثلما عشنا بالأمس غربة فكرية وسياسية مع عفلق وصدام وجمال عبد الناصر وحافظ الاسد في مرحلة التغليف القومي والبعثي.
وفي كلتا الحالتين يعاني عموم المغاربة، سواء في عهد اليسار بالأمس أو في عهد الخوانجية اليوم، من اليتم بسبب غياب نخب سياسية وحزبية وفكرية مهووسة بوضع أجندة المغاربة على رأس الأوليات وليس الاستيلاب إلى الشرق إلى حد عبادة أصنامه وزعمائه وشيوخه وإلى حد التماهي مع مشاكل الشرق وقضاياه بشكل مذموم.
نعم لتشغيل الرادار لالتقاط كل ما يجري بالعالم ومعرفة التحولات، لكن ليس على حساب تخدير العقل العام المغربي وتعطيل ملكاته الفكرية في التعبئة الداخلية. فحذار من الانبطاح للمشارقة وكأننا إقليم تابع لتركيا أو مصر أو السعودية أو العراق .
فعبر التاريخ -وباستثناء الوحي الإلاهي- لم تأتنا كمغاربة، سوى السموم من الشرق.
فاللهم ارزقنا نخبا سياسية يخفق قلبها بنبض المغرب والمغاربة أولا وثانيا وثالثا وأخيرا. فمن كان يلهث بالأمس وراء الحقائب المالية لجمال عبد الناصر وصدام والأسد وبومدين والقذافي فها هو المغرب حي وأصنام الشرق ماتت.. ومن يلهث اليوم خلف الحقائب المالية للإخوان المسلمين والسلفيين الوهابيين المعمدة بالبيترودولار فإن آبار النفط ستجف غدا وسيبقى المغرب شامخا وطاهرا من هذا التدنيس.
... أما الزبد فسيذهب جفاء.هذا في مقام الاقتباس.أما في مقام الاستشهاد :" فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض".