الأربعاء 27 نوفمبر 2024
منبر أنفاس

محمد الفرسيوي:بُشرى لتعليمنا.."البوابة العجيبة" قريباً؟

محمد الفرسيوي:بُشرى لتعليمنا.."البوابة العجيبة" قريباً؟ محمد الفرسيوي
رحمَ الله البروفسور أحمد عراقي... وأنا إلى جانبه، لما كان كاتباً للدولة في البيئة، خلال النسخة الأولى لحكومة الأستاذ عبد لرحمان اليوسفي -أطال الله عمره - اِطلعتُ عن قربٍ على الملف الموصولِ بالبرامجِ والمشاريعِ الموحى بها أو المنجزةِ من لَدُنِ ما يُسمى بمكاتبِ الدراسات أو الخبرة، الأجنبية منها وغير الأجنبية.
لقد اطلعتُ بالملموسِ، على "الطريقِ السهل" الذي تسلكه الملايين من أموال الدولةِ والشعب، عبر "الوصفةِ السحرية" المُشار إليها أعلاه. كما اطلعتُ على نوعِ الدراسات المُنجزةِ في هذا السياق، والتي غايةُ وحصيلةُ مُعظمها إبانَ التنفيذ وبعده؛ تحويلٌ المشكلِ المطروحِ إلى مُعضلةٍ دائمة؟
ومما لا شك فيه، أن من بين أسبابِ إعفاءِ الراحل أحمد عراقي من "التوْزِيرِتْ" - كما كان يُسميها- المعركة التي فتحها مع هذه الفصيلةِ من المكاتب، وخصوصاً الفرنسية منها أو "المدعومةِ من فوق"...
يحتاجُ هذا الملف إلى وقفةٍ خاصة، وسأعودُ إليه في سطورٍ مقبلةٍ إن شاء الله، خصوصاً وأنه استفحل كثيراً منذ بدايةِ هذا العقد... أما مناسبةُ هذا الحديث، فمرتبطٌ بعزمِ وزارةِ التعليم، أول فبراير 2018، على إنشاءِ بوابة إلكترونية، تُوضعُ عليها معطياتٌ إحصائيةٌ مرتبطة بعددِ المراحيضِ والغسالاتِ والخدماتِ الإلكترونية والوسائطِ التواصلية، وكذا ما يُعرفُ بالوُلُوجِيات، وهلمجرا(...)، تتعلقُ بكل مؤسسةٍ تعليميةٍ عموميةٍ ببلادنا على حِدة، مع تحديدِ المخصصِ منها حصرياً للإناثِ وكذا للذكور...
لا أعرف حتى الآن، أي فصيلةٍ من مكاتب الدراسات قد تكون من وراء هذه "البوابةِ المُزمعة". كما لا أعرف حجم الأموالِ التي قد تسيلُ سهلةً من خزينةِ الدولة جراء هذه البوابة، نحو الجيوبِ المحظوظة. لكني أعرف، أن السادة مديري ومديرات مؤسساتنا التعليمية في كل ربوع الوطن، وهم يملؤون الاستمارةَ التي وُضعتْ رهن إشارتهم... أعرفُ أن الضحكَ سيسبقهم، وهم يجيبون على أسئلة الاستمارة، خصوصاً وأن المراحيضَ أو ما شابهها من الحفرِ مثلاً، ناهيك عن الغسالاتِ إنْ وُجِدَتْ، تكادُ تكون بمعدل واحدة لكل 200 تلميذ وتلميذة.
كل شيءٍ مختلطٍ في مؤسساتنا التعليمية، لا فرق بين ذكرٍ وأنثى ولا بين المرضى والسالمين أو الأسوياء، من أشباه المراحيض إلى ما يُسمى ظلماً وعدواناً بالغسالاتِ والأقسامِ في أحيان كثيرة. أما ما يندرجُ ضمن الخدماتِ الأخرى كالأنترنيت مثلاً، فلا شك أن الوزارة ومصالحها الجهوية والإقليمية على علمٍ بانقطاعِ خدمات "الويفي" على المديرين والمديرات بمؤسساتٍ توجد بقلبِ عاصمةِ المملكةِ والمدنِ اللصيقةِ بها، من كثرةِ شكاياتهم ومراسلاتهم في الموضوع !. لقد عانى الطاقم الإداري والتربوي التأهيلي مثلاً (أكثر من شهرين حتى الآن؟)، الأمَريْن مع بوابةِ "مسار" وانقطاع الأنترنيت أو عدمه، بخصوص إدخال نقط الدورة الأولى وإعلان نتائجها.
ولما كنا لا نعرف الغايةَ من هذا الإحصاء ومن ذي "البوابة العجيبة" المُزمعِ إطلاقها، ولا حجمَ الميزانية التي قد تسيلُ من أجلها... فقد نُخمن فقط، أن المسألةَ موصولةٌ ببدايةِ الإعدادِ والتحضيرِ المادييْن لإقبارِ المجانيةِ في مراحلِ التعليم ما بعد الأولي، إذْ ينبغي "التحليق على الشكل" وتبييض الصورة الخارجية لمؤسساتنا التعليمية التي لن تبقى عمومية، من أجل هذا الغرض العزيز على الحاكمين؟ من السبورات البيضاء إلى المراحيض والغسالات البيضاء في الأفق، وبعضِ الحواسبِ الذكية مثلاً؟... ليدخلَ تعليمنا ما بعد الأولي، في 2020، نادي "التعليم فقط، لغير المُفَقرين والفقراء" مِنَ المغربياتِ والمغاربة.
هذه الحكومة، أرْخَتْ بالفعلِ لِحْيَتَها واختياراتها التفقيرية... وها هي تُغَوْفِلُ على الوطن والشعب، للمرة الثانية... فأما مِنْ يقظةٍ عارمة، تُسقطُ هذا المسخ المبين؟