ظلت جمعية المخيمات الصيفية ومازالت تخضع لمنطق تدبير وتسيير يستمد مشروعيته من مبدأ مركزة هذا النشاط الاجتماعي التربوي بين أيدي مسؤولين إداريين يرأسون مصالح مركزية وخارجية تابعة لوزارة التربية الوطنية ( مديرون و نواب ورؤساء مصالح ..) استنادا على قانون أساسي صيغ على المقاس وبشكل حال ويحول دون تسرب العناصر النشيطة التي تمتلك الخبرة التربوية والمهارات التدبيرية ، وهو توجه يخدم العقليات البيروقراطية الأوتوقراطية التي خططت للاستحواذ على الجمعيات ذات الاشعاع وظلت ترفض وتعارض مطلب دمقرطتها، متمترسة خلف قوانين وأنظمة متحجرة تعكس نظرة انتهازية يحكمها مبدأ الحفاظ على المواقع بعيدا عن الاهداف التي أنشئت من أجلها هذه الجمعية التربوية . ولعل من أبرز نتائج هذا التدبير التحكمي أنه أفرز تجربة خلاسية وتراكما لن يجد له الباحثون أو المهتمون أثرا في ذاكرتنا المكتوبة ، ذلك أن نشاط التخييم بالنسبة للجمعية أو بالأحرى لمن يدبرونها ظل اختيارا محكوما بقاعدة " النشاط الموسمي " الذي لا يتعدى إشعاعه فترة الصيف واستثناء عطلتي الشتاء والربيع .
وإذا كان مسار الجمعية قد عرف طفرات نوعية لا يمكن تجاهلها ، مكنت من توسيع قاعدة المستفيدين مع ما يتطلب ذلك من اصلاح للمراكز وتجهيزها ، فإن السنوات الاخيرة شهدت تراجعا على مستوى إعداد المؤطرين وتراجع إشعاع الجمعية وصعوبة استمرار التنسيق مع جمعية تنمية التعاون المدرسي في بعض النيابات الاقليمية بالرغم من كل المحاولات الجادة التي أبدتها بعض العناصر النشيطة والمؤثرة في الجمعية، ولعل ذلك راجع إلى عدم فعالية أجهزة الجمعية القائمة على الأوراق فقط والضبابية التي تغشى تسيير دواليبها وتحكم الهاجس المادي في تدبيرها مع الاعتماد الكلي على ما تقدمه الوزارة من منحة سنوية أصبح الحصول عليها دونه المستحيل وما يقتطع للأسف من مداخيل بيع بطاقة جمعية تنمية التعاون المدرسي ( وهو الامر الذي لم يعد ممكنا في غياب رؤى واضحة تؤطر العلاقة بين الجمعيتين لأن العمل الجمعوي لم يعد محكوما بالتعليمات ...)
وإذا كان ( البعض ) قد استغل أجواء الانفتاح التي صاحبت فترة حكومة التناوب وعمل على تغيير قانون الجمعية على مقاسه فإن الظروف التي نعيشها راهنا في ظل دستور يكفل للجميع حق ممارسة العمل الجمعوي ويحول دون تحول الجمعيات إلى كيانات مغلقة وخصوصا إذا كان الامر يتعلق بجمعية يفترض فيها أن تلعب دورا رياديا وطلائعيا في تصريف كل مبادرات التغيير والاصلاح التي تطال المنظومة التربوية من خلال أنشطتها استنادا على الاشارات الدالة الواردة في الميثاق الوطني للتربية والتكوين والذي جعل من الانشطة المدرسية والتخييم دعامتين أساسيتين للعملية التعليمية التعلمية .. أين الجمعية من كل هذا في ظل مسؤولين قياديين محالين على التقاعد لم يعودوا فاعلين في مجال التربية الوطنية كما ينص على ذلك القانون الاساسي للجمعية في باب العضوية ومسؤولين لا تسمح لهم ظروف اشتغالهم بتخصيص حيز زمني للاشتغال على برامج الجمعية ورسم استراتيجيتها.
لقد أصبح من المفروض أن تتخذ وزارة التربية الوطنية باعتبارها القطاع الوصي ( على الأقل أدبيا ) والمانح والواضع لمقراته ومؤسساته رهن إشارة جمعية المخيمات الصيفية المدرسية أن تتخذ كل الإجراءات التي من شأنها أن تحد من هذا النزيف الذي يطال الجمعية وذلك من خلال :
الدعوة إلى عقد الجمع العام للجمعية قبل انطلاق موسم التخييم ( صيف 2016 ) لاستيفاء المكتب الحالي صلاحيته القانونية.
تعديل القانون الاساسي للجمعية بما يسمح بدمقرطة الجمعية وإدخال نظام الجهوية لهياكلها.
العمل على تقوية الجمعية إقليميا وجهويا إسوة بجمعية تنمية التعاون المدرسي.
جعل الجمعية إطارا لتجميع الفعاليات العاملة في ميدان التخييم التربوي وتكوين أطره وقياداته مع مراعاة شرط التخصص بما يحفظ للجمعية تميزها.
جعل الجمعية إطارا لتنظيم الفعل التربوي الموجه للتلميذ المغربي دون تمييز.
تنويع أنشطة الجمعية وتسخيرها لخدمة أهداف التكوين في مجال التدرب على الطرق الحية للتنشيط في مراكز مهن التربية والتكوين .
إعادة تجسير العلاقة مع وزارة التربية الوطنية بشكل يضمن فعالية الجمعية ويمكنها من تحقيق أهدافها.
إن مطلب دمقرطة جمعية المخيمات الصيفية المدرسية أضحى خيارا يستمد مشروعيته وراهنيته من نبل مقصده ومن إرادة التغيير والاصلاح والتصحيح والاجتهاد المعلن عنها باعتبارها خيارات استراتيجية في إطار دينامية الإصلاح التي تعرفها المنظومة التربوية والتي تستمد أسسها من ميثاق التربية والتكوين معززة بالبرنامج الإستعجالي و التدابير ذات الأولوية لإصلاح المدرسة المغربية إذ لم يعد مقبولا أن ترصد الوزارة إمكانيات هامة لجمعية تسيرها الأهواء الشخصية بعيدا عن منطق التسيير العقلاني .