الجمعة 17 مايو 2024
مجتمع

محمد عطيف:لماذا لا تتحول القاعات السينمائية المغلقة بالدر البيضاء إلى مركبات ثقافية ؟

 
 
محمد عطيف:لماذا لا تتحول القاعات السينمائية المغلقة بالدر البيضاء إلى مركبات ثقافية ؟

وأنت تتجول في مدينة الدار البيضاء ، أكبر مدينة مغربية بتاريخها الكفاحي و النضالي ، قبل الاستقلال و بعده ، و من حيث عدد سكانها و حجم نشاطها في مختلف الميادين الاقتصادية و التجارية و الاجتماعية و الثقافية و غيرها، تستوقفك ملاحظة غياب معالم ثقافية في مستوى هذه المدينة و مستوى تاريخها ، بل حتى القاعات السينمائية الموجودة بها، القليلة نسبيا مقارنة مع عدد السكان، و التي أصبحت جزء من ذاكرة هذه المدينة الثقافية بعروضها المسرحية و السينمائية، و بأمسياتها الغنائية و بأنشطتها الجمعوية و السياسية أيضا ، حتى هذه القاعات طالها الإهمال لدرجة يخجل الإنسان من الاقتراب منها بسبب الروائح الكريهة المنبعثة من جنباتها و الأزبال المتراكمة بأبوابها، فما بالك بالمواطنين الذين شكلت  هذه القاعات وإلى وقت قريب بالنسبة إليهم عنصرا من عناصر التثقيف الأساسية و الترفيه و التكوين الفني كذلك .

بطبيعة الحال هناك من يرجع هذه الوضعية إلى أسباب موضوعية ، و على رأسها تراجع نسبة مرتادي هذه القاعات بشكل كبير و ذلك لعدة عوامل و أسباب ، أهمها التطور التقني الكبير الذي جعل الإنسان اليوم ، يتتبع من بيته و من أي مكان ، عبر القنوات الفضائية و الأقراص المدمجة و الهواتف الذكية ، كل ما يريد مشاهدته من أفلام و مسرحيات و سهرات موسيقية و أنشطة ثقافية مختلفة و غير ذلك .

إلا أن هذا السبب ، و إن بدا مقنعا لبعض الوقت ، فإنه لا يصمد أمام حجم الفراغ المهول الذي تشكو منه الدار البيضاء على مستوى القاعات و المركبات الثقافية ، و انعكاس ذلك على حجم الأنشطة الفنية و الثقافية التي تظل ضعيفة جدا رغم وجود مئات الجمعيات و عديد من الطاقات الشابة و الواعدة التي تفتقد إلى فضاءات لإبراز مواهبها .

إضافة إلى ذلك ، يجب أن نأخذ بعين الإعتبار عنصرين إضافيين على الأقل و هما :

أولا : الحديث المتزايد اليوم عن الرأسمال غير المادي ، و دوره في خلق الثروة و التنمية ، و من ذلك الفن و الفكر و الثقافة التي لم تعد ترفا كما كان يتصور الكثير ، بل أصبحت عنصرا أساسيا في احتساب الثروة و في تنميتها .

ثانيا : من مخاطر الفراغ الثقافي و الفني الذي تعيشه الدار البيضاء اليوم ، و المرتبط بضعف البنيات التحتية و بغياب سياسة ثقافية حقيقية ، إن لم نقل سياسة  مناهضة كل فعل ثقافي جاد ، من هذه المخاطر الضياع الذي يعيشه شبابنا اليوم ، و الذي نلحظه صباح مساء بأحيائنا و شوارعنا ، مع ما يترتب عن ذلك من نتائج يؤدي المجتمع بأكمله ثمنها من خلال تفشي مظاهر الإنحراف بكل أشكاله ، و تدني المستوى الثقافي و الفكري و الفني ، و تراجع الذوق العام إلى أدنى درجاته.

هذا و دون الدخول في مناقشة الأسباب السياسية ، و في تحديد المسؤوليات و المسؤولين عن هذا الوضع بمدينة  في حجم الدار البيضاء ، فإننى أنظر قبل كل شيء إلى المستقبل ، خاصة و نحن أمام مجالس و مجلس مدينة في بداية تحملهم لمسؤولية تدبير شؤون هذه المدينة ، فأقترح على هذه المجالس اقتناء هذه القاعات و تحويلها إلى مركبات ثقافية تكون رهن إشارة الجمعيات و الفرق المسرحية و الموسيقية و غيرها ، خاصة و أنها – أي القاعات – تتوزع على جميع عمالات و مناطق الدار البيضاء تقريبا .

في الأخير أشير إلى أن هذا الإقتراح قابل للتطبيق كذلك ، في حال نجاحك في مدينة الدار البيضاء ، في باقي مدن بلادنا على اعتبار أن ظاهرة وجود قاعات سينمائية مغلقة موجودة كذلك في مدن أخرى عديدة دون شك .

 

 

 

الصور بعدسة: عبد اللطيف نداي