الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

الأمين مشبال: خمسون سنة مرت على اغتيال المهدي بنبركة.. مازالت الحقيقة عصية على الكشف

الأمين مشبال: خمسون سنة مرت على اغتيال المهدي بنبركة.. مازالت الحقيقة عصية على الكشف

مر نصف قرن من الزمان على اختطاف واغتيال الزعيم الاتحادي المهدي بنبركة، ومازالت الحقيقة عصية على الكشف وموزعة على عدة عواصم عالمية. بنبركة لم يكن أحد رموز المعارضة المغربية الشرسة لحكم الملك الراحل وحسب، بل كان أيضا دينامو لحركات التحرر العالمي المناهضة لسياسة الهيمنة الامريكية. فقبل اختطافه ببضعة شهور فقط، وتحديدا في ماي 1965 بغانا، تم انتخابه رئيسا للجنة التحضيرية لمؤتمر القارات الثلاث الذي حدد تاريخ انعقاده في يناير 1966 بكوبا.

من هنا نستحضر المناخ الدولي المتميز بالحرب الباردة بين المعسكر الشرقي والغربي، وكان من الطبيعي أن تلتقي مصالح أطراف مغربية وأجنبية  في الإجهاز على الزعيم والمعارض المغربي.

مرت خمسون سنة وأسرة الفقيد، ومعها عائلته السياسية، ما انفكت تطالب الدولة المغربية الكشف عن الحقيقة وبقبر لزيارته والترحم عليه. خمسون سنة كانت كافية ليتغير فيها العالم لدرجة مذهلة، لدرجة أنه لو نهض فيها ماركس ولينين وغيفارا وبنبركة من قبورهم، لهالهم كيف أكلت الثورات أبناءها، وكيف انتقلت الاشتراكية من مشروع مجتمع لاطبقي تسوده المساواة والإخاء إلى أنظمة توتاليتارية تسيرها بيروقراطيات حزبية لا علاقة لها بالبروليتاريا التي تزعم الحكم باسمها، لجعلتهم تلك التحولات يعيدون النظر في فلسفتهم  السياسية ويبحثون عن طريق مغاير نحو التغيير.

خمسون سنة، تغير فيها الشيء الكثير في ثقافتنا السياسية المغربية، حيث أصبح اختيار الحزب الوحيد المعبر عن إرادة الجماهير، الممتلك الوحيد والأوحد للحقيقة، يقبع في متحف النظريات السياسية.

خمسون سنة من التراكمات السياسية جعلت أغلبية النخب والقادة السياسيين يقرون بالتعددية وبالحق في الاختلاف دون نبذ وإقصاء من جهة، ومن جهة ثانية، بألا يكون مصير المعارضين للسلطة الاكتواء بجحيم دار المقري أو درب مولاي الشريف أو غيرها من أقبية التعذيب الرهيبة التي ذاع صيتها خلال سنوات الرصاص ببلادنا.

وإذا كانت خمسون سنة من الصراعات السياسية العنيفة أحيانا، والنضالات ومراكمة التجارب في بلادنا، قد جعلت التغيير بالنضال السلمي والتوافقات ومراكمة المكتسبات وتحصينها لبناء مغرب أفضل ممكنا، فإن المشروع الأصولي الذي يجسده الحزب الحاكم بمعية باقي دعاة وتيارات الإسلام السياسي، المبني على فهم نصي متشدد للدين، وحلم طوباوي بإرجاع عقارب التاريخ 14 قصد إقامة نظام تيوقراطي يشكل خطرا محدقا بالمكتسبات الاقتصادية والديمقراطية والحقوقية التي حققها المغاربة عبر نضالاتهم المريرة خلال ستين سنة بعد الاستقلال، وبالتالي الرجوع لنقطة الصفر.