السبت 4 مايو 2024
سياسة

قراءة في الخطاب الملكي: كلنا معنيون بالنقد الذاتي

قراءة في الخطاب الملكي: كلنا معنيون بالنقد الذاتي

لطالما أكدنا على أنه فيما يتعلق بالطعن لأسباب تتعلق باستعمال المال والمناورات التدليسية ، ينبغي تكليف اللجان الحزبية الخاصة داخل كل حزب بالقيام بالمطلوب أمام الهيئات المختصة وخاصة مؤسسة القضاء ، ويبقى الأمناء العامون أو من ينوب عنهم في منآى عن الخوض بمقتضى تصريحات إعلامية وبلاغات شخصية ، في الطعن ، فكلامهم يصنف مباشرة ضمن الطعن الرسمي والسياسي في العملية الانتخابية ، والحال أنه لا يكفي الحياد السلبي للهيئات المشرفة مؤسساتيا علي العمليات الانتخابية ، للقول بأن العملية برمتها مطعون فيها سياسيا ، وبالتالي لم يكن من الداعي والمفيد أن يعطي بعض الزعماء فرصة الرد عليهم وعلى تصرفهم بدروس في أبجديات التفريق بين الاحتجاج السياسي على خروقات وحالات معينة ومحددة بعينها وبين الطعن « سياسيا » في العملية برمتها ، وقد شاءت الأقدار أن يكون المقصود في الخطاب الملكي ثلاثة أحزاب ، لا زال الزمن الاجتماعي يمنحها نوع التميز عن الأحزاب التي كانت الدولة مصدرا أو مساعدا في تشكيلها ، وفي رأيي الأمر لا يتعلق بعتاب أو توبيخ وانما هناك إشارة إلى أهمية الاحتكام للحقيقة القضائية بدل الحقيقة الإعلامية ، من هنا ، وفي إطار المزيد من استيعاب الدروس ، علينا أن نربط بين خطاب غشت ، الذي استأنفه الملك بتمجيد الذكرى وبالحسم بأن لكل زمان رجالاته ، وبين خطاب الافتتاح التشريعي ، الذي كانت فيها عبارة كفاية البكاء على الأطلال وضرورة تقديم نقد ذاتي رنانة وصادحة ، لكي نستنتج بأن « مياه كثيرة جرت تحت الجسر » و أن القوة الحقيقية ، من أجل الضغط والتفاوض وانتزاع الحقوق ، إن كان لها محل ، لا يمكن أن تتبلور في التاريخ الماضي ولكن في الجغرافيا الحاضرة والمستقبلة ، وما دمنا بصدد استخلاص الدروس ، ومطلوب من « الأحزاب التاريخية » تقديم نقد ذاتي ، فإنه بنفس الحماس والإرادة والصدق ، مطلوب من جميع المؤسسات أن تكرس لمبدأ فصل السلطات والمؤسسات ، بما يعنيه الحرص على استقلال بعضها البعض ، حتى تلعب الأحزاب السياسية دورها الدستوري ، وهذا لن يتأتى سوى باحترام المسافات الضرورية لصون السيادة الحزبية واستقلال القرار والتفكير الحزبيين ، فالناس يصيرون أكثر نضجا كلما تقدموا في السن ، وما أحوجنا إلى ايجابية شيخوختهم إذا كانت منتجة للحكمة والتبصر ، خاصة في قضايا المصير الوطني والكينونة المشتركين ، أما النفس الديموقراطي الداخلي ، فلا محل له سوى بالتشبيب وتجديد النخب أفقيا وعموديا ، ما دامت الانتخابات وسيلة وليست غاية ، ومادام الهدف هو دمقرطة الدولة والمجتمع اقترانا وتوازيا.