الأحد 24 نوفمبر 2024
كتاب الرأي

العلامة محمد علي الحسيني: من يحرك ويوجه داعش في السعودية؟

العلامة محمد علي الحسيني: من يحرك ويوجه داعش في السعودية؟

الحديث عن الإرهاب والتطرف الديني بصورة عامة، وبعده الطائفي بصورة خاصة، هو حديث لا يمکن أن يکون شافيا ومستوفيا لأغراضه من دون التطرق لنظام ولاية الفقيه، حيث أن التطرف الديني(والطائفي) و الإرهاب بمختلف أشکاله وألوانه قد تبلور وتجسد بمجيء هذا النظام، وهو قد صار للأسف أمرا واقعا في المنطقة والعالم، بفعل دور وتأثير هذا النظام.

الخطأ الکبير الذي قد يقع فيه الکثيرون بتصورهم واعتقادهم من أن الجماعات السنية المتطرفة ليست لها أية علاقة أو ارتباط بطهران، إنما هو تصور ساذج وسطحي ليس له أي أساس أو اعتبار على أرض الواقع.. وإن إعادة الذاکرة إلى الوراء عند الغزو الأمريکي لأفغانستان، والذي لعبت فيه طهران دورا مشبوها لصالح الأمريکيين، فإنها في نفس الوقت ولأغراض وأهداف مشبوهة فقد فتحت أبوابها أمام القاعدة عندما هربوا من أفغانستان. وأبسط دليل على ذلك هو استقبالها لعائلة أسامة بن لادن نفسه، کما أننا يجب أن ننتبه أيضا للدور المشبوه الذي قامت به السلطات الإيرانية عقب الاحتلال الأمريکي للعراق، حيث أشرفت بنفسها على تدريب جماعات سنية متطرفة بأن فتحت لها معسکرات في المدن الإيرانية الحدودية کمدينة (مريوان)، حيث کان المتطرفون يتلقون تدريبات عسکرية وإعدادا وتوجيها عقائديا.

الأحداث والتطورات التي جرت في العراق، ولاسيما في عام 2006، حيث کان ذروة المواجهات الطائفية في العراق، فإن النظام الإيراني کان عراب تلك الأحداث والموجه الرئيسي لها شيعيا وسنيا. فمعظم التنظيمات المتطرفة کانت تتلقى الدعم والعون والمساعدة من قاعدة وأساس الإرهاب والتطرف في المنطقة، أي نظام ولاية الفقيه في إيران، وحتى أن حادثة تفجير مرقدي الإمامين العسکريين في سامراء في عام 2006، وبشهادة الجنرال جورج کيسي قائد القوات الأمريکية في العراق، والذي أکد أن النظام الإيراني کان يقف خلف حادثة التفجير.. کما أن مرحلة ظهور داعش وتطوره قد ارتبط هو الآخر بشکل أساسي بنظام ولاية الفقيه، خصوصا في الأعوام الأولى لانتفاضة الشعب السوري ضد نظام بشار الأسد، حيث کان النظام يترنح ويوشك على السقوط ويواجه معضلات ومشاکل معقدة أهمها توجيه تهمة استخدام الأسلحة الکيميائية ضد الشعب السوري في الغوطة بشکل خاص.. وعندها وبصورة ملفتة للنظر برز تنظيم داعش فجأة وبدأ بالانتشار والتوسع بصورة استثنائية، ومعها تمت أکبر عملية خلط أوراق بشأن استخدام نظام الأسد للأسلحة الکيمياوية في الغوطة عندما تم توجيه التهمة للمعارضة السورية باستخدام الأسلحة الکيميائية.. ولکن في واقع الأمر لم يکن ذلك الطرف إلا تنظيم داعش. ومن يومها تغيرت الکثير من الأمور على الساحة السورية، وکلها کانت لصالح طهران ودمشق!.

اليوم ونحن نشهد حدوث هجمات متفرقة لتنظيم داعش ضد السعودية، والتي جاءت متفقة ومتناسقة مع الخط العام للدور المناط بهذا التنظيم، فإننا يجب أن ننتبه جيدا إلى أن معظم مقاتلي تنظيم داعش قد زاروا إيران أو قد جاءوا من خلالها، حيث ثبت بأن هناك تأشيرات إيرانية على جوازات سفرهم، کما أن التصريحات التي أدلى بها السيد خامنئي وتبعتها تصريحات للسيد حسن نصرالله من أن داعش سوف تهاجم السعودية، قد جاءت بعد ورود معلومات عن لقاءات و نسيقات بين حزب الله الحجاز بقيادة أمينه العام أحمد المغسل -المطلوب، والذي تم توقيفه مٶخرا في لبنان- وبين قيادات داعش، وهو أمر لا يمکن أن يتم أبدا بدون توجيه وعلم نظام ولاية الفقيه وإرشاداته.. والاهم من کل ذلك والذي يجب أن يٶخذ بعين الاعتبار هو أن تزايد نشاطات داعش في السعودية قد جاءت بصورة خاصة بعد عملية "عاصفة الحزم" في اليمن، والتي کانت صفعة سعودية-عربية قوية بوجه دور ونفوذ نظام ولاية الفقيه في اليمن خصوصا والوطن العربي عموما.

نشاط وتحرك داعش في السعودية، والذي جاء مرتبکا ومتعثرا بفعل وفضل يقظة الأجهزة الأمنية السعودية التي أثبتت، وبصورة عملية، جدارتها ومقدرتها عندما أخذت زمام المبادرة منذ اللحظات الأولى لتفعيل المخطط الأسود هذا ضد المملکة، وإن کشف العديد من الأوکار والشبکات لداعش من جانب هذه الأجهزة قد أکد بأن الذين يراهنون على إثارة ورقة الإرهاب والتطرف وتحريکها سعوديا إنما يراهنون على حصان خاسر، وإننا واثقون من أن المستقبل سوف يکشف الکثير من خفايا وخبايا هذا المخطط الخبيث الذي يقبع رأسه المدبر في أقبية ودهاليز نظام ولاية الفقيه في طهران.