يشتغل المخرج المغربي المقيم بالديار البلجيكية، حسن البوحروتي، حاليا، على إنجاز فيلم وثائقي بعنوان "الثروات الطبيعية وقضية حقوق الإنسان في الصحراء". وهو العمل الذي أكد على أن سبب نزوله يعود إلى الرغبة في محاولة فضح زيف المغالطات التي يروج لها خصوم الوحدة الترابية حول هذا الموضوع. مضيفا في تصريح مطول خص به أسبوعية "الوطن الآن" في عددها الأخير، كونه ومنذ نحو عامين، بدأت تقتحمه الاتهامات التي تلحق بالمغرب على أساس أنه مستغل للثروات الطبيعية الصحراوية بصفة غير قانونية، وما يرتبط بذلك من اغتصاب لحقوق الإنسان. لهذا، توصل إلى أنه من اللازم ضحد كل تلك المزاعم المغرضة، بما يتطلبه من إظهار للحقائق كما هي على أرض الواقع.
وأشار إلى أن من آخر ما قرأه عن سفير ما يسمى بـ"البوليساريو" في الجزائر قوله بأن الصحراء غنية بالفوسفاط، في حين أن الأخير لا يشكل سوى أقل من 1 في المائة من مجموع معاملات البلد، نظير أزيد من 90 في المائة الموجودة في مدينة خريبكة. فمثل هذه المغالطات، يستنكر البوحروتي، لا يجب أن تترك للتداول الملغوم، مع العلم أن الإسبان أنفسهم كانوا شركاء مع المغرب في استغلال الفوسفاط قبل أن يتراجعوا في سنة 2001 أو 2002 لسبب الكلفة الباهظة التي أرهقت كاهلهم.
ومن جهة أخرى، شدد مخرج "البوليساريو هوية جبهة"، وسابقه "المسيرة الخضراء عودة الجذور إلى الأغصان"، على أن هذه القضية وبما أنها صارت تفرض نفسها على الساحة الإعلامية والمحافل الدولية، أصبحت تطرح بالمقابل ضرورة "التسلح" بكل ما تقضيه لوازم المواجهة. وذلك على أساس أن الأخيرة لا يمكن أن تفضي إلى مؤداها المأمول دون العلم بتاريخ وخلفيات الملف. بمعنى، يوضح البوحروتي، الوقوف على من يتستر وراء "هؤلاء الذين يحاربوننا في اللقاءات العالمية"، مصادر تمويلهم، وأيضا الكيفية التي يستغلون بها قضية الصحراء لخدمة أغراض سياسية. ومن أجل ذلك، يعد المخرج المتفرج من خلال فيلمه المنتظر إتمام جاهزيته شهر نونبر المقبل، بقراءة دقيقة تتغيى الوصول وبتدرج كرونولوجي سلس إلى أن ما يجري من تفاعلات هو مجرد صدى لحرب اقتصادية ممنهجة من قبل البوليساريو وحليفتها الجزائر، لغايات خارجة عن النطاق السياسي. بحيث سيخلص المتتبع إلى أن تلك الأطراف لا مسعى لها يسبق هدف تركيع المغرب.
ومن ثمة، يسجل محاور "أنفاس بريس"، يجد المغرب نفسه أمام خيار وحيد لا ثان له، وهو حشد التعبئة الشاملة، بما تضمه من إعلام عارف بأن ليس هناك في القضية منطق، فضلا على أن ليست صحراء المغرب هي المستهدفة في نهاية المطاف، وإنما الوطن بأكمله.
وفي رد على سر توجهه نحو الاهتمام بقضية الصحراء المغربية وهو الريفي الأصل، علما أن مسقط رأسه (إقليم الدريوش) أيضا لا يقل غنى بالأحداث المستحقة للإثارة ونفض غبار التعتيم عنها، لم يخف المخرج البوحروتي منطقية الملاحظة، معترفا بأنه صادف العديد من الآراء التي تصب في هذا المنحى، غير أنه برر توجهه بأن المغرب، من شماله إلى جنوبه، ومن شرقه إلى غربه يحسب للمغاربة جميعا. وعليه، لا يرى حرجا في أن يهتم شخص ريفي بالعمل على شأن صحراوي أو العكس. ومن هذا المنطلق كان اقتناعه بالخوض في التجربة. بل الأكثر من ذلك، يعتبر بأن ذلك يشجعه ويزيده فخرا لأن يكون نموذجا ريفيا ينشغل بالقضية الصحراوية ويدافع عنها بطريقته.
هذا، وأقر البوحروتي في اللقاء ذاته بمدى الاستغراب الذي ينتابه جراء التقصير الذي يعانيه المغرب على مستوى ما أسماه "معضلة تقدير الذاكرة"، خاصة عند وضعه على كفتي المقارنة مع دول أخرى، تمجد محطاتها البطولية من خلال تراكمات فنية لأعمال سينمائية وتلفزية. ويذكر، كما أردف، بأنه لما طرح فيلمه الوثائقي السابق "المسيرة الخضراء" بعد أن قرأ عنها الكثير، وكيف صنفت حدثا تاريخيا عالميا في مسار الإنسانية، حتى أنها تدرس بجامعة "هارفرد"، تساءل بحسرة عما يحول دون الاشتغال على فيلم كبير لها، يشارك فيه أشهر الممثلين العالميين، ولما لا يخصص له غلاف 100 مليون دولار لإنجازه، مع العلم أن لو كان هذا الحدث لدى دول أخرى، يتوقع بيقين، لأخرجو منه ما لا ينتظر من الإبداعات الفنية.
تفاصيل أخرى تجدونها في العدد الأخير من "الوطن الآن"