عندما أقسم وزير العدل والحريات، بأنه سيقدم استقالته، إذا ما تم السماح بالجنس خارج الزواج، كنا كثيرين نعتقد بأنه مجرد قسم آخر وتهديد آخر ينضاف إلى ما سبقه عند وزير اشتهر باليمين الغليظ ليس إلا.
ولم نكن ندري أن الوقائع تتصرف بمكر أكبر مما يعتقد الناس، وأنها ستضعه وجها لوجه مع التحقيق في قضية «جنس حقيقي وعملي..» خارج مؤسسة الزواج كما هو متعارف عليها مغربيا.
القصة بدأت بخبر صغير عن وقوع حالة زواج عرفي، بين صحافي الجزيرة المشهور أحمد منصور، وبين مناضلة متطوعة في حزب العدالة والتنمية، تعرف عليها، كما تبينت الوقائع من بعد على هامش المؤتمر الوطني الأخير للحزب..كما يحدث في جميع الأفلام… التركية!
وعلى عكس رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، فإن وزير العدل والحريات، وجد نفسه متورطا شخصيا وبدرجة كبيرة في قسمه، بالارتباط مع الزواج العرفي، الذي يتبين يوما عن يوم أنه حدث، وأن الصحفي أخطأ عندما أراد أن «يغوفل» على المغاربة بالهجوم عليهم، ثم الاعتذار من بعد لكل الذين لم …يسبهم!
وقد يكون ذلك اعتذار عرفي بدوره!
ماذا سيسمي وزير العدل والحريات، الحارس الرسمي لزيجات المغاربة، والذي خرج منذ مدة في غزوة طويلة ضد كل أشكال الجنس الذي لا يتماشي مع تعريفها للزواج وللعلاقات الحلال؟
هل سيقبل بالزواج العرفي وبالجنس ضد مؤسسة الزواج على طريقة أهل المغرب، أم سيتشبث بتعريفه الذي يرافع عنه في كل مجلس، وبالتالي سيكون أمام تحليل للجنس خارج الزواج، عمليا وفعليا حتي قبل أن يكون تشريعا له قانون ومسطريا؟..
ربما لن يجيب الوزيرعن هذه الاسئلة، لأنه اعتاد كلما واجهته معضلة أن يبحث عن حل لا يخطر على البال، وغالبا ما يكون قريبا من الكاريكاتور:
السيد وزير العدل قال على أمواج إذاعة خاصة، في معرض الحديث عن المثلية الجنسية: إذا كان الرجل المثلي يشعر بأنه امرأة، فما عليه سوى أن يجري عملية تحويل جنسي ويتمتع بأنثويته!
وهو ما يعني، بالدارجة تدراجت:» وا ديرو ليه فَرْج وهنيونا ..كاع«!
أما إذا كانت أنثى، فما عليها سوى أن »تجري عملية جراحية وتضع لنفسها ذكرا.. »وتهنينا»!
وهو حل، يبدو منطقيا في نظر الوزير، ويحل معضلة الجنس الحلال و في الجسد الحرام، غير أنه نسي أنه ، كوزير للعدل عليه أن يهيء أولا وقبل كل شيء القانون المنظم للعمليات التحويلية الجنسية!
وهو ما عليه أن يجيده:فهو ليس جراحا ولا عالم نفس، إنه وزير للعدل يفتح نقاشا ويجوب البلاد لشرح القانون الجنائي..
والحق أقول بأن الرميد، كلما استعصى عليه الأمر، أو تعذر الفهم ذهب في الخيال ما لا يليق برجل قانون.
فنحن نذكر، في ذلك الزمن شبه الصعب، أيام كان يعارض، أن الرميد اعتقد بأن ابنته قد تعرضت للاختطاف، لأن الدولة المتوحشة والخبيثة (قبل أن تصبح عميقة ومحتالة في الخطاب الجديد) قد اختطفتها لكي ترسل إليه الرسائل الخطيرة.
ثم في لحظة هدوء اكتشف أنها كانت تساير نموها الطبيعي وتساير جسدها الجديد الذي طرأ عليها في ربيع نضجها الجميل، كما تحب الطبيعة أن تسبغه على الصبايا المدللات.. ويحب الآباء أن يروا عليه بناتهن..
و هنا وجدنا الرميد الذي نعرفه، الرميد الذي إذا يعجز عن حل، يلجأ دوما إلى .. الشك في الحريات التي تغيضه: حرية ابنته في أن تفعل بربيعها الخامس عشر ما يرضاه لها الجمع بين تقوى الوالد وبين نزق المراهقة، هذه الحرية التي أقلقته ورأى من جرائها السيارات السوداء القديمة تبحث عن اختطاف الشابات الطيبات!
وهي الحرية نفسها التي أزعجته في جسد المثليين، فكان أن دعا بوضوح إلى تغيير الجنس بدون إطار قانوني لذلك.
وسيحتفظ المغاربة لوزيرهم في العدل والحريات، أنه الوزير الذي تحدث كثيرا في كل شيء، وأنه أقسم مرارا، وفي كل محطة.. وسيحتفظون له أيضا بأنه كلما اعترضت طريقه قضية ما دعا إلى تغييرها بالكامل.. وأنه في فترة تحمله المسؤولية هدد بالشارع، فخرج الناس إلى هذا الشارع ونكلوا بشخص اعتبروه مثليا وخرجوا إلى الشارع ونكلوا بفتاتين وأن مرؤوسه قد أحالهما على القضاء..
وأنه الوزير الذي حوكمت في عهده صايتان اثنتان..!
وهذا بحد ذاته مكسب.. حيث تحولت القطع من الثوب إلى .. ثواب!