اتهم النائب البرلماني المعارض عن جبهة العدالة والتنمية التابعة للإخوان المسلمين حسن عريبي، شقيق الرئيس ومستشاره الشخصي سعيد بوتفليقة، في بيان صحفي وجهه للرأي العام، بإدارة البلاد من الغرف المظلمة، وبتنظيم ممنهج لسرقة ونهب مقدراتها، معيدا طرح سؤال الرئيس الراحل محمد بوضياف في كتابه الشهير “الجزائر إلى أين”، بمناسبة ذكرى اغتياله الثالثة والعشرين. وتساءل النائب “بعد مضي أزيد من نصف قرن لا يزال السؤال عالقا دون جواب مقنع، ومن الملاحظ أن ما يجري اليوم وما يتداول من أخبار وإشاعات حول مستقبل الحكم في الجزائر، وما يكتنفه من غموض وضبابية، يستدعي إعادة صياغة السؤال من جديد في ضوء المستجدات والتطورات التي تعيشها الجزائر، فأي طبخة تطبخ في الغرف المغلقة من طرف شقيق الرئيس؟”.
وأوحت تساؤلات النائب إلى خلفيات ومغزى الحراك الذي باشرته السلطة منذ أسابيع، بغية ترتيب أوراقها السياسية والاقتصادية، تحسبا لمرحلة قادمة، بعيدا عن أي إجماع مع المعارضة حول خريطة سياسية معينة، حيث أوعزت للأحزاب الموالية لها بترتيب أوضاعها الداخلية، بداية من عقد المؤتمر العاشر لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، الذي زكى عمار سعداني أمينا عاما للخمس سنوات القادمة في خطوة لمسح خصومه من الساحة الحزبية، وعودة أحمد أويحي لهرم حزب السلطة الثاني (التجمع الوطني الديمقراطي)، في انتظار الإعلان عن تحالف سياسي جديد للسلطة، إلى جانب الانخراط الحكومي في هياكل الحزب الحاكم، إذ ينتظر تتويجهم بمناصب قيادية في اللجنة المركزية والمكتب السياسي.
ويعتبر بيان النائب البرلماني الأول من نوعه في شأن رجل قصر المرادية القوي سعيد بوتفليقة، حيث ضمنه عبارات حادة وانتقادات شديدة، للشقيق الأصغر والمستشار النافذ الذي يلتزم الصمت لحد الآن، رغم الانتقادات والشائعات التي تحوم حوله بإدارة شؤون البلاد في الخفاء، وتحويل المتاعب الصحية للرئيس الفعلي، لفرصة من أجل التفرد بالقرار، رغم عدم حمله لأي صفة رسمية في الدولة، بما فيها وظيفة المستشار التي لم تعلن في الجريدة الرسمية للدولة.
وإن حاولت أحزاب الموالاة تبرئته في الآونة الأخيرة من نية وراثة الحكم، وعدم تدخله في مهام وشؤون الحكومة والمؤسسات، إلا أن الإيحاءات لا تتوقف حول دوره في حسم الكثير من الملفات، بما فيها دعم موقع عمار سعداني على رأس جبهة التحرير الوطني، والتعديل الحكومي الأخير، وحتى الإيعاز لأذرعه السياسية والمدنية بالاستعداد لمرحلة قادمة، يحضر لها بعيدا عن الأطر العادية للانتقال الديمقراطي المنشود. واللافت هذه المرة خروج حديث الكواليس والإشارات إلى العلن، من طرف نائب محصن بقوة الدستور، الأمر الذي يعيد إلى المشهد الحديث بقوة عن هيمنة سعيد بوتفليقة، على إدارة شؤون البلاد دون حمله أي صفة رسمية، وهو الذي يلتزم الصمت رغم دعوات مخاطبة الرأي العام، وعدم الاكتفاء بالحديث عبر تصريحات يطلقها الموالون له هنا وهناك، لاسيما وأن لغة النائب حملت توصيفات وانتقادات شديدة، كقوله ” لقد اعتقد صاحب العلبة السوداء أن الأمر قد استتب له وأن الشعب أصبح الآن في يديه، وأن الساسة قد تقهقروا إلى غير رجعة”. ودعا النائب المعارضة وجميع القوى الحية إلى “الوقوف صفا واحدا لإنقاذ الجزائر قبل أن يفوت الأوان وينقضي الأمر، ويتربع سعيد بوتفليقة على عرش الجزائر”. وأضاف أن “المعارضة الحية مطالبة اليوم، بأن تتخذ قرارها بالتنسيق مع القوى المجتمعية وتعلن حالة التأهب لكل الاحتمالات، حتى تسترد الجزائر عافيتها وتنكشف العلبة السوداء التي تريد اختطاف الجزائر من جديد كما اختطفت بعد الاستقلال”.
العرب اللندنية