الأحد 28 إبريل 2024
سياسة

الوزير الفرنسي ستيفان لوفول: العلاقة مع المغرب ذات أهمية بالغة في مكافحة الإرهاب

الوزير الفرنسي ستيفان لوفول: العلاقة مع المغرب ذات أهمية بالغة في مكافحة الإرهاب

بالنسبة لستيفان لوفول، وزير الفلاحة والناطق الرسمي باسم الحكومة الفرنسية، فالأهم هو تجاوز الجدالات لمعرفة هل تتوتر العلاقة مع المغرب كلما صعد اليمين أو اليسار، بقدر ما ينبغي في نظره التوجه لبناء المستقبل بشكل ثنائي. المسؤول الفرنسي، الذي التقى «أنفاس بريس» في مكتبه بباريز، استند إلى مرتكزين بخصوص تفاؤله: التعاون في المجال الأمني وتقوية الشراكة الفلاحية مع المغرب...

أنفاس بريس: كلما تولى اليسار الحكم في فرنسا كلما توترت العلاقة بين فرنسا والمغرب. ما هو رأيك؟

ستيفان لو فول: أعتقد أن المغرب العربي رهان كبير بالنسبة لفرنسا، كما أن المغرب تربطه علاقة قوية وقديمة مع فرنسا. وبعيدا عما يمكن أن يكون قد قيل من كلام والتعليقات التي يمكن أن يكون قد أدلي بها، هناك استمرارية في العمل الدبلوماسي لفرنسا. علينا أن نتجاوز هذه الجدالات التي لا أهمية لها، وأن نفكر، على وجه الخصوص، في تمتين علاقتنا، التي تعكسها مشاركة مزدوجي الجنسية في الحياة العامة لبلادنا. إذن، فالرابط الذي يوحدنا يتجاوزعمليات التناوب السياسي.

أنفاس بريس: لكن لما زال التوتر، تم تسليط كشافات الضوء على الجوانب القضائية والأمنية فقط في العلاقات بين المغرب وفرنسا، في حين تراجعت جوانب أخرى إلى الدرجة 3 أو 4. هل التحدي الذي تعرفه فرنسا وأوروبا حاليا هو الذي فرض هذا الأمر أم أن هناك تفسيرات أخرى؟

ستيفان لو فول: اليوم، تكتسي مكافحة الإرهاب أولوية بشكل تدفع جوانب أخرى من التعاون إلى الخلفية. وقد اتخذت هذه الأولوية صبغة خاصة بعد الأحداث المأساوية، في بداية هذا العام (الاعتداء على مقر صحيفة شارلي إيبدو - المحرر). أفكر بصفة خاصة في الأحداث التي عرفتها فرنسا والدنمارك، وأفكر أكثر في القتل وقطع رؤوس 21 مصريا في الآونة الأخيرة..

إن العلاقات مع المغرب ذات أهمية بالغة في هذه المعركة، وتحديدا بخصوص الاستخبارات. خارج هذا التحدي، هناك، ومن أجل المستقبل، تحديات ذات أهمية للزراعة التغذية في حوض البحر الأبيض المتوسط. فالحوض المتوسطي الكبير فضاء مهم: من الناحية الديموغرافية، من الناحية الغذائية، من الناحية الفلاحية. ولهذا السبب، انخرطت منذ تعييني في شراكات اقتصادية، مثل تنمية الشعب الحيوانية، تكوين البياطرة، أو المساعدة التقنية في إطار مخطط المغرب الأخضر. ولكي ننجح، يجب علينا أن نضع في اعتبارنا أن التنمية الفلاحية تساهم في استقرار المنطقة الجغرافية كلها ..

أنفاس بريس: هناك بعض المراقبين يتساءلون كيف يمكن بناء تعاون صحي ومتين بحوض البحر المتوسط، علما أن دول هذا الحوض تنتج نفس المنتجات الفلاحية؟

ستيفان لو فول: أولا، الحوض المتوسطي يعرف نموا ديموغرافيا كبيرة للغاية. والطلب على المنتجات الزراعية الأساسية كبير. فضلا عن ذلك فالضفة الجنوبية للمتوسط معروف عنها بكونها مستوردة للحبوب. وهذا شرط من شروط الأمن الغذائي بالنسبة لهذه البلدان. وعلينا أن نستحضر أن الثورات العربية، وخاصة في تونس، بدأت مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية. وهذه هي السيرورة نفسها التي عرفتها أيضا أوروبا تاريخيا. فالثورات الكبرى كانت مسبوقة بالزيادات في أسعار المواد الغذائية الأساسية.

أنفاس بريس: لكن الرهان، ليس اقتصاديا فقط، بل سياسيا أيضا..

ستيفان لو فول: طبعا، وهذا ما أؤمن به بشكل عميق. من الضروري أن نجد دينامية اقتصادية تأخذ بعين الاعتبار التحدي الديموغرافي. علينا أن نكون قادرين على تأمين إمكانية الحصول على الغذاء، لأنه شرط للاستقرار السياسي العام من جهة، وشرط للتنمية الاقتصادية والتشغيل من جهة ثانية. هذه قناعتي، فالاتفاقيات التي أبرمناها، وخاصة في مجال التعليم والبحث، تعتبر حاسمة. إنني أشعر بالرضا عندما أرى أن ندوة البحث الزراعي فرنسا والمغرب العربي المنعقدة بتونس تمكنت من جمع الدول الأربع (الجزائر، فرنسا، المغرب وتونس)، لأن هذا رهان للتعاون. هذه الندوة كانت حدثا كبيرا، يعزز إستراتيجية وأولويات المركز الدولي للدراسات العليا في المجال الزراعي بالمتوسط (CIHEAM) الذي يعتبر حجر الزاوية في مجال الأبحاث والدراسات الزراعية في الحوض المتوسطي. علاوة على ذلك، أنا فخور جدا بمبادرة "ميد أمين"  Mediterraneanالتي قام بها المركز الدولي للدراسات العليا في المجال الزراعي ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو). ويهدف برنامج «ميد أمين» إلى تعزيز التعاون وتبادل تجارب معلومات الدول حول الأسواق الزراعية. وتضع هذه الشبكة على رأس أجندتها في البداية للحبوب، أي الإنتاج الاستراتيجي للأمن الغذائي في بلدان البحر الأبيض المتوسط. ومنذ وصولي إلى هذا المنصب، جعلت هذا الخيار حاسم بالنسبة لفرنسا، وبالنسبة لأوروبا، وبأن نحافظ على علاقتنا مع المغرب العربي، ومع المغرب بطريقة أكثر تميزا. وقد شجعنا أصدقاؤنا الأتراك بأن يدمجوا أثناء قمة مجموعة 20  بتركيا محور خاص لقضايا الزراعية والغذائية.

أنفاس بريس: أصبح المغرب منصة (HUB) جوية ومالية نحو إفريقيا، ومؤخرا أصبح منصة في مجال التعليم العالي. بعد فتح فرع المدرسة المركزية الفرنسية في الدار البيضاء وافتتاح فرع معهدINSA  في فاس، غير أننا حتى الآن لا نتحدث عن إحداث منصة فلاحية (HUB) ما هي المعوقات التي تحول دون الاستثمار المشترك بين فرنسا والمغرب في هذا المجال؟

ستيفان لو فول: من الآن فصاعدا، علينا أن ننظر إلى أفريقيا كقارة نامية ستكون لها احتياجات مهمة للغاية فيما يتعلق بالغذاء، وأفكر لاسيما في غرب أفريقيا. وتعتبر بلدان شمال أفريقيا، وخاصة المغرب، بالفعل مراكز ومنصات يمكن انطلاقا منها أن تتوفر على محطات للذهاب إلى الدول الكبرى بالساحل وجنوب الصحراء، وليس الدول الفرانكفونية فقط. أفكر خصوصا في نيجيريا.

أنا شخصيا مع إستراتيجية مشتركة للتنمية بين فرنسا والمغرب وبلدان غرب أفريقيا، تتجاوز الأسئلة البسيطة التي يطرحها التبادل التجاري للمواد الزراعية.

هذا هو المعنى الذي يندرج في إطاره المشروع الذي انخرط زميلي وصديقي عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، والقاضي بإنشاء صندوق للتنمية الزراعية في أفريقيا جنوب الصحراء. ويسمح تعاوننا، وخاصة بالنسبة لفرنسا، بنشر مشروعها حول الزراعة الإيكولوجية، والاستجابة للتحدي الغذائي والتحدي المناخي.

أنفاس بريس: ما هي ضمانة تحقيق هذه الرؤية، إذا استحضرنا العراقيل التي يضعها الاتحاد الأوروبي أمام المنتجات القادمة من المغرب؟

ستيفان لو فول: تم التوقيع على اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وأوروبا. ونحن نقوم بتثبيتها الآن. قضينا بضعة أشهر نتناقش حول التأويل السليم للاتفاقية، وخاصة حول سعر الولوج إلى السوق الأوروبية. الأمر جاهز الآن للتنفيذ. وقد تحدثت مع زميلي السيد أخنوش حول هذا الموضوع في مكناس.

وأعتقد حقا أن الأمور بدأت تتم تسويتها. أنشأنا لجنة مشتركة فرنسية مغربية، وخاصة على مستوى قضية البواكر والحوامض لمناقشتها بين المهنيين.

أنفاس بريس: شدد الائتلاف ضد الإسلاموفوبيا في تقريره الأخير على التباين بين الخطابات الرسمية والواقع. ويعاتب الفرنسيون المعتنقون للدين الإسلامي السلطات العمومية على عدم التعامل معهم كاليهود الفرنسيين فيما يتعلق بمسألة توفير الحماية.

 ستيفان لو فول: هذا نقاش حساس. هناك فرنسيون مسلمون، فرنسيون مسيحيون، وفرنسيون يهود. كل واحد له الحق في أن يؤمن أو لا يؤمن. ولكن يتوجب على الجمهورية حماية جميع مواطنيها. هكذا قررت الحكومة، بعد أحداث 11 يناير، أن تحمي جميع الأماكن الحساسة، والمساجد كما المعابد اليهودية. فعندما تم الاعتداء على مسجد "لومان" بإقليم "سارت"، توجهت إلى عين المكان. وأنا أؤكد، وأكرر التأكيد، بأن الحكومة تحمي وستحمي جميع المواطنين، بصرف النظر عن عقيدتهم.