Monday 1 December 2025
مجتمع

الصويرة... مدينة كانت تنام على صوت البحر فأضحت تستيقظ على دوي المحركات

الصويرة... مدينة كانت تنام على صوت البحر فأضحت تستيقظ على دوي المحركات الصويرة مدينة تستحق أن تظل وفية لهويتها
عرفت الصويرة على امتداد عقود طويلة بكونها مدينة الهدوء والسكينة، ومقصدا لكل من يبحث عن الصفاء النفسي، وهدير الأمواج ورائحة البحر، غير أن هذه الصورة التي شكلت جزءا أصيلا من هويتها، بدأت تتعرض في السنوات الأخيرة لاهتزاز واضح، بعدما فقدت المدينة جزءا كبيرا من طابعها الهادئ، وأصبحت يوميا مسرحا لفوضى صوتية تتصاعد وتيرتها بشكل مقلق.
لقد تحولت شوارع المدينة خارج الأسوار، مثل شارع العقبة وشارع 2 مارس وشارع الأقواس والشوارع المحاذية للحزام الأخضر، إضافة إلى دروب أحياء السقالة والرونق والتجزئة الخامسة، إلى فضاءات مكتظة بالدراجات النارية المعدلة، التي تخترق صمت المدينة بصوت المحركات والعوادم الصاخبة، حتى بات سكان المدينة ينامون ويستيقظون على دوي مزعج يحاصرهم في كل الأوقات.
 
شباب يبحثون عن المتعة وسكان يطلبون الهدوء
أغلب سائقي هذه الدراجات ينتمون إلى فئة المراهقين والشباب، الذين يقومون بتعديل محركات الدراجات أو تركيب عوادم تحدث ضوضاء مرتفعة تشبه الانفجارات، سعيا وراء لفت الأنظار، واستعراض القوة في الشارع، غير أن هذا السلوك الترفيهي بالنسبة لهم، أصبح مصدر معاناة حقيقية للسكان الذين فقدوا أبسط حقوق الراحة.
يجد المرضى صعوبة في الاستشفاء بسبب الضجيج المستمر، ويعاني كبار السن من اضطرابات في النوم، بينما يجد التلاميذ أنفسهم عاجزين عن التركيز والتحصيل وسط أصوات تخترق المنازل وتزعزع الهدوء الداخلي.
 يقول أحد سكان حي السقالة إن القدرة على النوم باتت شبه مستحيلة، وإن الجدران تهتز ليلا، والمنزل يرتجف مع كل صوت محرك، فيما يؤكد تلميذ من شارع العقبة، أنه يحتاج للتركيز في دراسته لكن الضوضاء تحوله إلى أمر بعيد المنال، بينما يشدد أحد التجار في حي تافوكت على أن مطلب السكان ليس محاربة الشباب أو منعهم من ممارسة هواياتهم بل فقط احترام الفضاء المشترك وحق الآخرين في العيش بسلام.
 
احتقان اجتماعي يهدد بالتصعيد
لم يعد الأمر مجرد مصدر إزعاج عابر بل تحول إلى اعتداء واضح على حق المواطنين في السكينة داخل بيوتهم ومحلاتهم التجارية، وهو حق مكفول قانونيا.
 والأخطر أن هذه الفوضى الصوتية، بدأت تخلق احتقانا اجتماعيا متزايدا، إذ تتكرر النزاعات الكلامية بين السكان وسائقي الدراجات النارية، وقد تتحول في أي لحظة إلى مواجهة أكثر خطورة، إذا استمر الوضع على ما هو عليه في غياب تدخل مسؤول وحازم.
إن تجاهل مثل هذه الظواهر، قد يقود إلى نتائج غير متوقعة، لأن تراكم الضغوط اليومية يولد احتقانا اجتماعيا، وهو ما يجعل معالجة هذه الأزمة مسألة ملحة وليست قابلة للتأجيل.
 
الحل بين الردع القانوني والحوار المجتمعي
الصويرة اليوم، في حاجة إلى استراتيجية فعالة تتجاوز الحملات الظرفية التي لا تترك أثرا دائما، ويبدأ ذلك بتطبيق صارم لقوانين السير من خلال حجز الدراجات المعدلة والمخالفة للمواصفات القانونية، وتشديد المراقبة اليومية على النقاط السوداء بالمدينة، وتفعيل الغرامات على محدثي الضجيج، مع تتبع جدي لتنفيذ هذه التدابير على أرض الواقع.
كما يظل جانب التوعية أساسيا، من خلال إشراك الأسر والمؤسسات التعليمية والجمعيات العاملة في الشأن المحلي، في نشر ثقافة احترام الفضاء العام، والمسؤولية الجماعية.
 
الصويرة مدينة تستحق أن تظل وفية لهويتها
الصويرة ليست مجرد مدينة عادية، الصويرة رمز حضاري وثقافي وسياحي، ووجهة عالمية يقصدها الزوار من أجل الهدوء والتمتع بجمالياتها، ومن واجب الجميع، مسؤولين ومنتخبين، ومجتمعا مدنيا وسكانا، العمل على حماية هذه الهوية من التشويه.
ويبقى السؤال المطروح بقوة: هل ستتخذ الجهات المسؤولة الخطوات الشجاعة المطلوبة قبل تفاقم الأزمة؟ وهل سيعود احترام الفضاء المشترك، قيمة ثابتة في سلوك المجتمع؟
"إن استعادة الصمت الجميل الذي لطالما ميز  مدينة الصويرة، اصبح ضرورة ملحة لضمان استمرار روح المدينة وأصالتها وجاذبيتها" يقول مدير مؤسسة فندقية يعاني وزبناءه من هذه الظاهرة المفتعلة.