في زمنٍ تحكمه الخوارزميات وتتصدره المنصات الاجتماعية، يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين وجدت سلاحها الجديد: السيطرة على الوعي عبر الفضاء الرقمي.
تقرير نشره موقع "أتلنتيكو" الفرنسي كشف عن حيلة إخوانية جديدة تستهدف فئة الشباب من خلال خطاب إعلامي جذّاب، يتجاوز القيود السياسية ويستثمر في تأثير المؤثرين ومنصّات التواصل.
ورغم حظر الجماعة في عدد من الدول العربية، فإن حضورها على الإنترنت لم يتراجع، بل تضاعف. يقول التقرير الفرنسي إن الإخوان "بنوا إمبراطورية إعلامية رقمية عابرة للحدود" يقودها مؤثرون ومنظمات مجتمع مدني ووسائل إعلام تنطق بلغات مختلفة وتتبنى خطابًا موحّدًا يُعيد تقديم الجماعة كصوتٍ للمظلومية والهوية الإسلامية.
من الحظر إلى الحضور: استراتيجية جديدة لعصر المنصات
يشير الموقع إلى أن الإخوان بعد خسائرهم السياسية، انتقلوا إلى الميدان الثقافي والإعلامي باعتباره جبهةً بديلة للنفوذ. فبدلاً من مقاعد البرلمان، أصبحت المنصات الرقمية هي ساحة المعركة الجديدة.
يوضح التقرير أن الجماعة استثمرت في نموذج اختراق لا مركزي، مصمم خصيصًا لعصر الخوارزميات، بحيث تنتشر الرسائل من خلال آلاف الحسابات والمؤثرين والمحتويات المتنوعة، دون وجود مركز قيادة يمكن استهدافه أو حظره.
يوضح التقرير أن الجماعة استثمرت في نموذج اختراق لا مركزي، مصمم خصيصًا لعصر الخوارزميات، بحيث تنتشر الرسائل من خلال آلاف الحسابات والمؤثرين والمحتويات المتنوعة، دون وجود مركز قيادة يمكن استهدافه أو حظره.
جيل المؤثرين الجدد: دعاة بلغة الشباب
تخلّت الجماعة عن الصورة التقليدية للداعية والخطيب، واستبدلتها بجيل من المؤثرين الرقميين الذين يخاطبون الشباب بلغة قريبة منهم: فيديوهات قصيرة، موسيقى حماسية، قصص شخصية، وبث مباشر.
كثير من هؤلاء لا يعلنون انتماءهم التنظيمي صراحة، بل يقدمون أنفسهم كصُنّاع محتوى إنساني أو ساخر أو تحليلي، لكن الخيط الأيديولوجي واضح - وهو تعزيز سردية الإخوان كمدافعين عن الأمة والمظلومين سياسيًا.
كثير من هؤلاء لا يعلنون انتماءهم التنظيمي صراحة، بل يقدمون أنفسهم كصُنّاع محتوى إنساني أو ساخر أو تحليلي، لكن الخيط الأيديولوجي واضح - وهو تعزيز سردية الإخوان كمدافعين عن الأمة والمظلومين سياسيًا.
منصات متعددة.. ورواية موحدة
وفقًا لـ"أتلنتيكو"، تنشط الجماعة عبر قنوات فضائية ومنصات على يوتيوب، تيك توك، إكس (تويتر سابقًا) ومواقع إخبارية بديلة، تقدم رواية معاكسة لوسائل الإعلام الرسمية، وتُكثّف تغطياتها للأزمات السياسية والإنسانية بخطابٍ عاطفي مؤثر. وبذلك، نجحت في دمج الإعلام التقليدي والرقمي ضمن شبكة تخدم رواية موحدة ومستمرة التأثير.
شبكة بلا مركز.. قوة في اللامركزية
التحوّل الأكبر في هيكل الجماعة الرقمية يتمثل في تفكيك الهرمية التنظيمية القديمة لصالح شبكة واسعة من الحسابات والمنصات المستقلة ظاهريًا. هذه اللامركزية تجعل من شبه المستحيل تفكيك المنظومة أو إيقافها، إذ لا يوجد مركز واحد يمكن استهدافه، بل منظومة متجددة تتغذى من التفاعل والانتشار الذاتي.
ختامًا
من الواضح أن الإخوان، بعد خسارتهم السياسية، لم يغادروا الساحة، بل غيّروا ميدان المعركة. فاليوم، يقاتلون على أرضٍ جديدة اسمها “الوعي الجمعي” - ساحة لا تُدار من قصور الحكم، بل من وراء الشاشات.
إنها حرب ناعمة، أدواتها "المؤثرون"، وميادينها "المنصات"، ووقودها "المحتوى العاطفي"، حيث يسعى كل طرف لانتزاع عقول الأجيال قبل أصواتهم.
إنها حرب ناعمة، أدواتها "المؤثرون"، وميادينها "المنصات"، ووقودها "المحتوى العاطفي"، حيث يسعى كل طرف لانتزاع عقول الأجيال قبل أصواتهم.