Friday 10 October 2025
رياضة

عبد الرفيع حمضي: "جيل z " يريد أن يُشارك في صنع حلم المونديال لا أن يُستدعى للتصفيق له

عبد الرفيع حمضي: "جيل z " يريد أن يُشارك في صنع حلم المونديال لا أن يُستدعى للتصفيق له لاقتصادات الرياضية تساهم بأكثر من 2% من الناتج الداخلي الخام في دول كبرى
رفع جيل Z في احتجاجاته الاخيرة شعاراتٍ أثارت نقاشًا واسعًا: «لا نريد كأس العالم، نريد مستشفى»، «لا نريد كأس الأمم، نريد مدرسة». 
رغم صدق هذا الوجع الاجتماعي، إلا أن قراءةً بسيطة تكشف أن هذا الجيل لا يرفض الرياضة  ولا المونديال ولا الفرح الجماعي، بل ما يرفضه هو أن تتحول هذه الإنجازات الكبرى ،من مشاريع أمة إلى فتوحات احادية . جيل Z يريد المستشفى والمدرسة، لكنه يريد أيضًا الملاعب الراقية  والفضاءات الرياضية، ويريد أن يُشارك في صنع الحلم لا أن يُستدعى للتصفيق له. يريد بلدًا يحتضن كأس العالم وكأس إفريقيا، ويشعر بأنه شريك في ذلك، لا متفرّج عليه.

في الفكر الاقتصادي، كانت الثروة تُنتَج من الفلاحة أو الصناعة أو التجارة. اليوم، انضافت قطاعات جديدة كالثقافة والرياضة  لتُشكّل مصادر نمو حقيقية. فحسب تقرير البنك الدولي (2023)، تُمثل “الاقتصادات الرياضية” أكثر من 2% من الناتج الداخلي الخام في دول مثل فرنسا أو بريطانيا، وتوفر ملايين فرص العمل المباشرة وغير المباشرة.
 
الرياضة لم تعد ملعبًا فحسب، بل منظومة إنتاج تشمل التسويق، الإعلام، النقل، الإقامة، الصناعة الغذائية، التكنولوجيا.ولهذا، فالاستثمار في الرياضة — إذا تمّ وفق رؤية واضحة وحكامة شفافة — لا يُعدّ تبذيرًا، بل استثمارًا إنتاجيًا يمكن أن يُعيد توجيه الأرباح نحو التعليم والصحة، ويخلق دورة اقتصادية متكاملة بين التنمية المادية والبشرية.
 
إن المقارنة بين «الملعب» و«المدرسة» مغلوطة، لأن الملعب الجيد لا يُزاحم المدرسة بل يمكن أن يُموّلها ويُلهمها. الملاعب ليست مجرد إسمنت ،لان ما   يُشعل الحماسة بالملاعب ليس الحجر، بل الإحساس بأن ما يُنجز هو ملكٌ جماعي. وهنا تبرز أهمية جعل المشاركة الشبابية جزءًا من كل سياسة رياضية، ليتحول الفضاء الرياضي من رمز للتفاخر إلى فضاء للانتماء.
 
يقول بيير بورديو، الرياضة ليست مجرد منافسة أو عرضٍ للقوة الجسدية، بل هي «ميدان رمزي تتجلى فيه علاقات السلطة والثقافة». فالرياضة تعكس المجتمع وتعيد إنتاج قيمه. ومن هذا المنطلق، فإن الرهان اليوم ليس في المفاضلة بين “الملعب” و”المدرسة”، بل في بناء رؤية متكاملة تجعل من الرياضة رافعة للتنمية، ومن التنمية قاعدة لتوسيع الحق في التعليم والصحة. فالبلد الذي يُحسن إدارة الرياضة ويحوّلها إلى صناعة، يستطيع أن يبني بها مستقبله، تمامًا كما تبني الأمم مصانعها وموانئها.
 
جيل Z لا يحتجّ ضد كرة القدم، بل ضد منطق الفرجة من بعيد. يريد أن يرى وطنه يحتضن كأس العالم، ويبتسم أطفاله في أقسامٍ مضيئة ومستشفياتٍ لائقة، وملاعب يشعر أنه ساهم فيها بفكرِه أو عملِه أو حلمِه. إنه وعيٌ جديد، لا يرفض الفرح ، ولا يخاصم الرياضة بل يريد أن يكون جزءًا منها.
وعليه فجيل z لا ينتظر المونديال فقط بل يريد ان يساهم  في الاعداد  له .