البعض يهول كثيرا من تأثير مظاهرات جيل زيد على الأمن والاستقرار، لكن ظهر جليا أن الشباب الرقمي المتعلم الذي يقطن المدن الكبرى استطاع أن يعطي دروسا في التحضر والسلمية والاعتدال. نتمنى من الدولة أن تلتقط رسالة هذا الشباب، وتحقق مطالبه العادلة..
لكن، على الدولة أن تفكر مليا أيضا في هؤلاء سكان الهوامش الذين لحد الان لا يتظاهرون، رغم أنهم محرومون من الماء والمستشفى والمدرسة والطريق.. إنهم غاضبون طبعا، لكنهم يكتمون غضبهم ولا يعبرون عنه الا سرا..
الدولة اليوم، مطالبة بإلحاح الى الانتباه الى غضب كبير يعم أوساط سكان القرى والمدن الصغيرة، حيث سطوة وتسلط الأعيان المفسدين الذين استطاعوا نشر فسادهم واستمالوا بعض ممثلي الدولة في الكثير من الوزارات والإدارات، ونجحوا في استعمالهم في قمع الساكنة المغلوب على أمرها، والنتيجة ذاك الإحساس المر بالحݣرة الذي لا يوصف الدولة يجب أن تنتبه الى صمت عجيب يسود مناطق لا يصلها القانون ولا الحقوق، يتم تسييرها بالقمع وتلفيق التهم وتجريد الناس من كرامتهم وحقوقهم.. مناطق يتحدث ساكنتها سرا خوفا من انتقام أباطرة الفساد الذين كونوا شبكات كعصابات مافيا اخترقت الكثير من المؤسسات، وجعلت الأعيان الفاسدين يحكمون كأباطرة بسلطات مطلقة يعيثون فسادا ونهبا وقمعا وتسلطا في مناطقهم على الدولة أن تفكر كثيرا في أوضاع قرى ومدن صغيرة، حيث لم يترك الفساد والإقطاع للمجتمعات أن تتنفس، حيث لا يوجد مجتمع مدني ولا جمعيات حقوقية ولا احزاب تتكلم وتسمع أنين المقهورين وصوت الناس..
على الدولة أن تتدخل قبل فوات الأوان، فتنظر الى هذه المناطق التي يعمها غضب لا يسمع ولا يرى، ويسودها الصمت الرهيب الذي ينبئ بالعاصفة.. وطبعا، لا أحد يتمنى قدوم العاصفة...