السبت 23 نوفمبر 2024
في الصميم

في الحاجة إلى «أوطوروت» محمد السادس لربط الريف بالصحراء

في الحاجة إلى «أوطوروت» محمد السادس لربط الريف بالصحراء

هل مات الجنيرال ليوطي؟

عمليا وإداريا نعم، لكن سياسيا لم يمت ليوطي، ما دامت الحكومات المتعاقبة على المغرب منذ الاستقلال إلى اليوم تعتنق ديانته الإقصائية، وتعتنق مبدأ عزل المجالات المغربية بعضها عن بعض.

فالجنيرال ليوطي لما دخل إلى المغرب على ظهر دبابة في بداية القرن العشرين، سن سياسة تقوم على إقصاء مناطق الأطلس والريف والصحراء عن المغرب الأطلسي (أي المغرب النافع)، وهو ما يفسر لماذا ظلت الأمة المغربية مفككة طرقيا إلى اليوم بدون تلحيم وبدون تجميع، على اعتبار أن الطرق، وما تسمح به من كثافة الحركة والتنقل للأفراد والسلع والسلوكات، تساعد على تذويب الخلافات وتعضد الاندماج الوطني داخل الأمة الواحدة.

صحيح أن الاندماج يتحقق عبر الملكية وعبر النشيد الوطني والدرهم والطابع البريدي والراية، لكن رغم وجاهة هذه المكونات، فإن المأمول هو تحقيق تدفق المغاربة من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، والعكس صحيح عبر مسارب طرقية فعالة وآمنة وسريعة.

وهذا ما يتساءل حوله كل مغربي حينما يرى أن مناطق شاسعة من ترابنا مازالت معزولة من الريف في الشمال إلى الواحات جنوبا، مرورا بسلسلة الأطلس المتوسط والكبير والصغير (أنظر الملف الذي سبق لنا نشره في "الوطن الآن" العدد 320 بتاريخ 8 يناير 2009).

الفاجعة التي عرفها المغرب مؤخرا بسبب الفيضانات التي أودت بحياة العديد من المواطنين بالجنوب وعزلت جهات كاملة عن باقي التراب الوطني، أظهرت وجاهة الحاجة إلى تبني مشروع ضخم Mega projet المتمثل في إنجاز أوطوروت تمتد من الحسيمة إلى طاطا لربط الشمال بالجنوب حتى لا نصدم غدا أو بعد غد بعزل 45 في المائة من التراب الوطني بعلة انقطاع الطريق أو انهيار قنطرة
أو جرف السيول للمسالك عقب تساقط المطر.

فالمغاربة الذين روضوا البحار لنشر الإسلام في أوروبا في البدايات الأولى لعهد الفتح الإسلامي وتحدوا الصحاري لنشر الإسلام في إفريقيا، لن يرضوا أن يقال عنهم إنهم إلى غاية القرن 21 لم يتمكنوا من ترويض الجبال، لا لشيء إلا لأن المسؤولين الذين يسيرون الشأن العام عجزوا عن تحطيم حاجز سلسلة الريف والأطلس la barrière du rif et de l'atlas

نعم، برمجت السلطات العمومية المقطع الأول من هذا «الحلم» في يونيو 2010 بالإذن في إنجاز الطريق السريع (ليس أوطوروت ولكن طريق سريع آمنة) بين الحسيمة وتازة بغلاف 2.5 مليار درهم.

لكن للأسف خاب أملنا في الانتفاع من خدمات هذه الطريق (148 كلم)  لكون الحكومة عطلت المشروع وفشلت إلى حدود اليوم في إتمام الورش في الموعد المحدد، ألا وهو عام 2015، كما قدم للملك
محمد السادس في أجدير يوم 15 يونيو 2010. اللهم إذا كانت الحكومة تقصد 2015 هجرية!!

إن فاجعة فيضان نونبر 2014، تنهض كحجة للبدء في إنجاز الدراسات التقنية والمالية والهندسية والعقارية والمجالية والاقتصادية لتبشير المغاربة بأوطوروت محمد السادس بطول 1200 كلم من الحسيمة إلى طاطا، مرورا بتارجيست وتاونات وفاس وإفران وخنيفرة وبني ملال وآزيلال وورزازات.

والأجمل أن يتم زف هذا الخبر إلى المغاربة مرفوقا بأربعة أوراش: أوطوروت فاس طنجة لفك العزلة عن الريف الغربي، وأوطوروت بني ملال مراكش لإنصاف المنطقة التي تغذي سلة المغرب، وأوطوروت طاطا أكادير لتسهيل الولوج إلى مغرب الواحات من طاطا إلى فكيك عبر فم زكيد، ثم نفق تيشكا لتحقيق المصالحة مع زاكورة وتنغير وسكورة.

فالمغرب عاش رعشة قومية عام 1975، بتنظيم المسيرة الخضراء. ومن حق المغاربة أن ينتشوا بجرعة أخرى من الرعشة الوطنية التي ستجلبها منافع إنجاز الأوطوروت الرابطة بين الريف والصحراء.