Wednesday 27 August 2025
كتاب الرأي

عبد الرحيم بوعيدة: وطن لا يُكتب بحبر الغرباء

 
عبد الرحيم بوعيدة: وطن لا يُكتب بحبر الغرباء عبد الرحيم بوعيدة
حين تتحول الكلمات إلى سهام مأجورة.. حين تتحول الصحافة الأجنبية إلى منبر لتصفية حسابات سياسية على حساب صورة وطننا.. كما فعلت صحيفة Le Monde التي حاولت الإساءة إلى جلالة الملك وتشويه رمزيته.. هنا لا يبقى الأمر نقداً، بل امتداداً لذهنية استعمارية قديمة ترتدي ثوب المقال الحديث..
 
فجلالة الملك في المغرب ليس مجرد عنوان سياسي، بل رمز تاريخي لوحدة وطنية، وامتداد لسلسلة ملوك صانوا الأرض والهوية وحموا الشعب من الانكسار..

أن يُمسّ رمز الوطن بكلمة جارحة، هو أن يُراد ضرب الجدار الأخير الذي يحفظ استقرارنا.. وهم ينسون أن المغاربة قد يختلفون في تفاصيل السياسة، لكنهم يتوحدون عند لحظة المسّ بالوطن وثوابته..
 
الوطن ليس ملعباً للصدف، ولا رقعة شطرنج يتسلّى فوقها المغامرون.. الوطن حصنٌ من ذاكرة ودم، له مؤسساته، وله جذرٌ عميق في الأرض يحمينا من ريح غريبة.. هو كتاب مكتوب بدماء الشهداء وصبر الأمهات، لا مقالاً عابراً في جريدة أجنبية..
 
قد نختلف في تفاصيل أعطابنا.. في تلك الشقوق التي أرهقت جدار وطننا وأبطأت قفزتها نحو مصاف الأمم.. وطنٌ يطل من شرفة المتوسط على حضارة إسبانيا ويكاد يلامسها، ومع ذلك يتعثر في مشيته.. نختلف، نعم، لكن اختلافنا ليس خيانة ولا خصومة معه، بل هو منتهى الحب.. إذ لا حب أصدق من حبٍ يُجبرك على مصارحة معشوقك بجرحه، ويدفعك للغوص في قبحه كي تستعيد له بهاءه..
 
إن نقدنا ليس حجراً نرميه في بركة ساكنة، بل ماءٌ جديد نريد أن يفيض بالحياة.. هو اختلاف يطلب الديمقراطية، ويقدس الرأي الآخر، ويؤمن أن النقاش الصادق هو البوابة الوحيدة لعبورنا من الإخفاق إلى الأفق..
 
نحن، أبناء هذا التراب، نعرف أعطابنا ونواجهها من الداخل.. نصرخ أحيانًا، نحتج أحيانًا، ولكننا لا نساوم.. لا بالبترول ولا ببريق الدولار ولا ببرودة الأورو.. نحن هنا، في صلابة الأرض، نختلف كي نتوحد، ونحتج كي نحمي.. نحن جدارٌ واحد في وجه كل ريح تريد أن تقتلع باب البيت..
 
فدعوا لنا وطننا.. لا نريده بعيون الغرباء ولا بشهقات المنجمين.. نحن كفيلون به، نحن كفيلون ببنائه.. دعونا في سلام، فسلامنا ليس ضعفًا، بل هو الوجه الآخر لحبٍ لا ينطفئ، ولقسمٍ لا ينكسر: أن يبقى المغرب وطنًا لا يُشترى ولا يُباع، وملكًا لا يُمسّ إلا بالمحبة والوفاء…