Monday 11 August 2025
خارج الحدود

صحيفة فرنسية تكشف.. عميد مسجد باريس هو السفير الحقيقي للجزائر بفرنسا

 
 
صحيفة فرنسية تكشف.. عميد مسجد باريس هو السفير الحقيقي للجزائر بفرنسا شمس الدين حافظ، عميد المسجد الكبير بباريس إلى جانب الرئيس الفرنسي ماكرون
نشرت صحيفة  ليبراسيون الفرنسية يوم الجمعة 09 غشت 2025، تقريرا عن شمس الدين حافظ، عميد المسجد الكبير بباريس، موضحا دوره كوسيط غير رسمي، إذ يتجاوز مهمته كعميد للمسجد الكبير بباريس، وتكليفه بالمهام الدينية التقليدية. ليفرض نفسه كشخصية ذات نفوذ سياسي ودبلوماسي، حيث يلعب دورًا كوسيط بين الحكومتين الجزائرية والفرنسية في قضايا حساسة.
 
التحقيق أشار إلى أن حافظ يتحرك في دوائر القرار العليا بصفته قناة خلفية بين قصر المرادية والإليزيه، لا سيما في الملفات الأمنية الحساسة مثل قضية الكاتب الجزائري بوعلام صنصال، التي تسببت في توتر بالغ بين العاصمتين. ويتردد أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يستقبله بانتظام، بينما يوليه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اهتماماً خاصاً، وشمله بأوسمة شرف، كما دعاه إلى مناسبات رسمية، منها جنازة بابوية في روما.
 
وإلى جانب حافظ، يبرز حسب التقرير، اسم محمد لوحنوقي، الأمين العام للمسجد، وهو عنصر سابق في جهاز الاستخبارات الجزائرية (DRS). وتشير الصحيفة إلى أنه مكلف بمهام رقابية داخل الجالية الجزائرية في فرنسا، وكان مصنفا في قوائم المراقبة الأمنية حتى عام 2022، حيث منع من الحصول على الجنسية الفرنسية بسبب “ارتباطه بالأجهزة الجزائرية”، قبل أن تمنح له لاحقا.
 
وفي البعد الاقتصادي، يسلط التقرير الضوء على القرار الجزائري، الذي منح المسجد الكبير بباريس امتيازا حصريا للمصادقة على جميع المنتجات الحلال المُصدّرة من دول الاتحاد الأوروبي إلى الجزائر بدءاً بسنة 2023. هذا الامتياز، الممنوح بموجب قرار رئاسي، يُدرّ على المؤسسة ملايين اليوروهات سنوياً، وسط انتقادات متزايدة في الأوساط الاقتصادية والسياسية الأوروبية بشأن تضارب المصالح وتشوه المنافسة.
 
التحقيق لم يغفل الإشارة إلى الخلفية السياسية والمهنية لحافظ، الذي مارس المحاماة لصالح مؤسسات جزائرية عدة في فرنسا، من السفارة والقنصليات إلى شركة “إير ألجيري” AIR ALGERIE، بل حتى جبهة البوليساريو. وقد بنى علاقات واسعة داخل الطيف السياسي الفرنسي، من اليمين إلى اليسار، مروراً بشخصيات مثيرة للجدل.
 
وتناول التقرير الخلافات بين حافظ وسلفه دليل بوبكر، الذي كان عميد المسجد الكبير حتى عام 2020. إذ وصفت الصحيفة رحيل بوبكر بأنه نتيجة "انقلاب ناعم"، مما يعني تغييرا في القيادة بضغوط سياسية أو إدارية.

 
بوبكر كان معروفًا بمواقفه المعتدلة ودعوته لإسلام متوافق مع القيم الجمهورية الفرنسية. في المقابل، ينظر إلى حافظ على أنه أكثر ارتباطًا بالأجندات السياسية الجزائرية، مما أثار تساؤلات حول تأثير ذلك على إدارة المسجد الكبير، وهو مؤسسة رمزية للمسلمين في فرنسا.
 
وكشف التقرير أن هذا الانتقال في القيادة عكس تغييرات أوسع في ديناميكيات العلاقات بين الجزائر وفرنسا، خاصة فيما يتعلق بإدارة الشؤون الدينية والثقافية للجالية الجزائرية في فرنسا.
 
وتابع تقرير صحيفة ليبراسيون أن حافظ يدير شبكة من العلاقات السياسية والإعلامية التي تعزز نفوذه. هذه الشبكات تشمل شخصيات في الجزائر وفرنسا، مما يثير تساؤلات حول مدى استقلالية دوره الديني عن الأجندات السياسية.
 
كما سلطت الصحيفة  الضوء على الانتقادات التي وجهت لحافظ، حيث يرى البعض أن دوره يساهم في خلط الدين بالسياسة، وهو أمر حساس في فرنسا التي تتبنى مبدأ العلمانية (laïcité) بشكل صارم.
 
كما أُثيرت مخاوف بشأن تأثير هذا النفوذ على الجالية المسلمة في فرنسا، خاصة في ظل الجدل المستمر حول الهوية والاندماج.
 
ويأتي التقرير في وقت تشهد فيه العلاقات الجزائرية-الفرنسية تقلبات، بما في ذلك التوترات حول قضايا مثل الذاكرة الاستعمارية، الهجرة، والتعاون الأمني.
 
يشار إلى أن المسجد الكبير بباريس، الذي تأسس في 1926، يعتبر رمزا للعلاقة التاريخية بين البلدين، وبالتالي فإن إدارته وتوجهات قيادته تُخضع لتدقيق كبير. لكن 
 
التقرير يلمح إلى أن الجزائر تستخدم المسجد كأداة لتعزيز نفوذها الثقافي والديني في فرنسا، خاصة بين الجالية الجزائرية الكبيرة.
 
التقرير المذكور أثار نقاشات في الأوساط الفرنسية والجزائرية حول مدى ملاءمة تدخل شخصيات دينية في الشؤون السياسية. فبعض المحللين يرون أن دور حافظ قد يعزز التوترات بين الدولتين إذا أسيء تفسيره.
 
في الوقت نفسه، يرى آخرون أن دوره ضروري لتسهيل الحوار في قضايا حساسة، خاصة في ظل غياب قنوات دبلوماسية فعالة في بعض الأحيان.