لم تحظ الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان بالمتابعة الصحفية والتحليلية المحايثة من قِبَل الصحافيين والسياسيين والباحثين، وذلك على خلاف الرَّجّات التي كانت تحدثها رسائل المرشد الراحل عبد السلام ياسين. لقد تم الإعلان عن الوثيقة السياسية من قِبَل الدائرة السياسية للجماعة التي تأسست سنة 1998، مؤسسة بذلك استراتيجية جديدة للعمل، قوامها التمييز البين بين الدعوي والسياسي داخل الجماعة. وهي الدائرة التي دأبت على نشر البيانات والبلاغات والأوراق، توجتها في أكتوبر 2023 بإعلان الوثيقة السياسية التي تعتبر أول مشروع سياسي متكامل في مسار الجماعة، وهي الوثيقة التي أعادتها إلى الواجهة السياسية بعد أن تراجع صيتها إثر انسحاب غامض من حراك الشباب في سياق ما سُمِّيَ بـ"الربيع العربي" سنة 2011.
إن الوثيقة السياسية، وبعد سنتين عن إصدارها، قد استولدت مجموعة من التساؤلات المشروعة بشأنها. فهل هي امتداد لفكر الشيخ المؤسس عبد السلام ياسين؟ هل تمثل قطيعة وتجاوزا؟ ما الجديد الذي أتت به؟ هل هي نقطة تحول من فكر الجماعة إلى منطق الحزب؟ هل هي إعلان لـ"النوايا الحسنة" تُجاه الدولة من أجل دخول معترك السياسة؟... وإذا كانت الوثيقة قد كتبت من قِبَل الدائرة السياسية وليس الأمين العام، فقد يعتبر بعضُ المتتبعين ذلك تحولا جذريا في طبيعة الجماعة؛ من جماعة المرشد، إلى جماعة المؤسسة، فإن ابتكار مفهوم الدائرة السياسية يعني أن الجماعة الدعوية لا تكفي للقيام باللازم لتحقيق الغايات والأهداف السياسية، وهو ما يعني أن مدخل الإصلاح سياسيٌ وليس دينيا. إن الدين مرجعية إذن، والسياسة وسيلة وغاية، الجماعة امتداد صوفي والحزب للفعل السياسي، بالرغم من كل الصفاء والنقاء الإيديولوجيين اللذين يمكن أن تدعيهما.
تستهل الدائرة السياسيةُ الوثيقةَ بقولة للمرشد عبد السلام ياسين مقتطفة من رسالة له موجهة إلى عموم أعضاء الجماعة سنة 1987، وفي ذلك إشارة قوية إلى أن هذه الوثيقة امتدادٌ تاريخي لخط الجماعة. فباستثناء بعض الآيات من القرآن الواردة ضمن الاستشهادات في المتن، وكذا الإشارة إلى وثيقة "حلف الإخاء" 2006 ووثيقة "جميعا من أجل الخلاص" 2007، كلُّ المقولات التي استندت عليها الوثيقة قد اقتطفت من كتب المرشد الممتدة منذ التأسيس؛ منها "نظرات في الفقه والتاريخ" 1989، و"محنة العقل المسلم بين سيادة الحكم وسيطرة الهوى" 1994، و"رسالة تذكير" 1995، و"الشورى والديمقراطية" 1996، و"حوار الماضي والمستقبل" 2000، و"العدل، الإسلاميون والحكم" 2000. جاء في الوثيقة السياسية: "ساهمت الدائرة السياسية في مقاومة الاستبداد والفساد إلى جانب فضلاء غيورين من أبناء الوطن، عبر مشاركتها في العديد من المبادرات السياسية، وحضورها المتواصل في المشهد السياسي، وكلمتها الصريحة في النقاش العمومي"(1). إن الجماعة، ومن خلال هذا المنطلق، لا تقدم نفسها بديلا، ولا تطلب من الآخرين الالتحاق بمشروعها السياسي، بل تقدم نفسها طرفا ضمن أطراف وطنية أخرى تستطيع جميعها إخراج المغرب من المأزق التاريخي الذي يعيشه. وفي هذا الأمر تنسيب لدور الجماعة في التغيير، وتجاوز للمفهوم المؤسس لها، والذي يدعي الكثير من الإطلاقية.
"إن الوثيقة التي بين أيدينا نسخة متطورة من مثيلاتها، وحلقة ضمن سلسلة من الوثائق التي ضمنتها الجماعة مقترحاتها السياسية، مواصلة اجتهادها وتطوير مشروعها وإسهامها الإيجابي: تفصيلا وتوضيحا وتدقيقا وتحيينا في اتجاه رص الصف وتوحيد الجهود وبناء القوة المجتمعية لصناعة التحول المنشود والتغيير المراد، راسمة بذلك حرص الجماعة الدائم على التواصل وتوضيح جوانب عديدة من تصوراتها في مختلف مجالات الشأن العام"(2). إن التطور الحثيث الذي عرفته الجماعة قد انعكس على مستوى الوثائق المتعددة التي كانت تنشرها بين الفينة والأخرى. ولعل هذا التعدد يعني أيضا التغير الدائم للواقع المعيش الذي يفرض عليها مواكبته بالقراءة والتحليل والاقتراح، كما يعني كذلك المراجعة الفكرية غير المعلنة، والتي تجعل الجماعة تقدم قراءة متعددة لـ"الواقع الثابت" نفسه، هذا الواقع الذي يتسم بواقع الاستبداد المستمر. إن توظيف كلمات من قبيل "الاجتهاد" و"التطوير" و"التواصل" و"التوضيح"، يؤكد أن الجماعة قد استوعبت درس الانغلاق السياسي جيدا، وأن لا محيد لها عن الانفتاح على "الفضلاء الديمقراطيين" من أجل تحقيق التغيير المجتمعي المنشود. وإذا كانت هذه المفاهيم الموظفة في الوثيقة السياسية تحيل على التنسيب، فإنها أيضا مفاهيم تدل على المشترك بين الجماعة وباقي الفرقاء السياسيين الديمقراطيين.
تكييف المفاهيم
ورد في الوثيقة السياسية أنها "تميزت باشتمالها على المبادئ الاستراتيجية الراسخة الممتدة زمنيا، والتي تشكل أسس تصور الجماعة لقضايا الشأن العام في علاقة بمشروعها الشامل"(3). يتحدث الباحث محمد الطوزي عن رحيل المفاهيم؛ ذلك أن موضوع الجماعات الإسلامية الذي كان في وقت مضى حكرا على الفقه وعلم الكلام، قد صار بعد ذلك من اختصاص العلوم السياسية أيضا. هذا "الرحيل" يجعل الكلمات والمفاهيم زئبقية، بل ومتحولة، لأنها تنتقل من حقل معرفي إلى آخر، كما أنها تتخذ معنى جديدا غير المعنى الذي كانت عليه في الحقل المعرفي المؤسِّس لها. من ذلك أن مفهوم الإيديولوجيا الذي وظفه فلاسفة عصر الأنوار بشكل مكثف، قد صار غريبا في الفلسفة الفرنسية الحديثة، بعد أن تعمق واستشكل في أحضان الفلسفة الألمانية. فما بين التوظيف الأول والثاني للمصطلح نفسه داخل الفلسفة الفرنسية يتضح التباين والاختلاف. يقول عبد الله العروي: "التطور هو ضرورة السير في اتجاه قطع العلائق مع الجذور"(4). وهذا ما فعلته الجماعة تماما دون أن تعترف به، غير أن اللغة فضاحة، والواقع كذلك. إن تطور الجماعة وبقاءها في معترك الساحة السياسية لن يتأتَّيا لها إلا عبر القطع مع ماضيها، وهذا ما يمكن ملاحظته بشكل جلي. وبالرغم من اختبائها داخل جلباب الشيخ وتَسَرْبُلَه، غير أن حفاظها على هذا الزخم في الاستمرارية والتجلي يؤكد العكس تماما. إن المشترك الذي تدعيه الجماعة، هو مشترك في المفهوم لا في تمثل جذوره الإبستمولوجية أو في توظيفه اقتناعا بجدواه وإحاطة بكل عناصره المتشابكة والمتداخلة.
في كتابه "أقلمة المفاهيم"، يرى الناقد عمر كوش أن مختلف الحضارات الإنسانية قد عرفت مرحلة المثاقفة الممتدة، حيث عملية التأثير والتأثر فيما بينها، ذلك أن المفاهيم والعلوم التي تنتجها إحدى الحضارات، تنتقل إلى باقي الحضارات البشرية الأخرى. هذه العملية من المثاقفة غير محصورة في زمن ومكان معينين، بل شملت كل الحضارات قديمها وحديثها. كما أن عملية التأثير والتأثر هاته، لم تقتصر فقط على هذا المستوى، بل شملت كذلك انتقال المفاهيم من ميدان علمي إلى آخر. إن ما تنتجه حضارة ما ليس حصرا على أمة دون غيرها، ولا على علم دون آخر. "يصعب إعطاء تعريف معين للمفهوم، وبالتالي تحديده، لأن ذلك يتعلق باختلاف وتعدد المعاني والدلالات التي يحملها؟؟؟. ويمكن القول إن المفهوم كائن اصطلاحي، شرطي لحصول الفهم، له حياته الخاصة، المعرفية والفكرية، التي تتغير في سياق المجال المعرفي الحاضن لها، وفي إطار المشكلات التي تطرحها أو التساؤلات التي تجيب عنها أو المركبات التي تقوم أو تنهض على صرحها. وتتخذ المفاهيم أشكالا تنسجم ومجالها المعرفي، كونها ترتبط بمجموع آليات وعمليات تخص إنتاجها وصناعتها، إذ تتخذ تراتبية تفاضلية بحسب أهمية حقلها المعرفي أو بعبارة أدق بحسب الإقليم المعرفي والدلالي الذي تنشأ وتترعرع فيه"(5). من هذا المنطلق النظري، يتضح أن الوثيقة السياسية قد وظفت العديد من المفاهيم التي تبدو دخيلة في الكثير منها عن الفقه الإسلامي الذي من المفترض، بل ومن المفروض أنه تنتمي إليه بديهيا، حيث أشارت الوثيقة إلى أنها قد تخلت عن الكلمات المفاهيمية التي تسم لغة الجماعة، موظفة في المقابل "لغة مشتركة من حيث المصطلحات حرصا على التواصل والتفاهم"(6). ومن هذه المصطلحات الدخيلة على لغة الجماعة: "الدولة الحديثة الديمقراطية" ص 35، "السيادة الشعبية" 35، 37، 38، "دستور ديمقراطي" 36، "الدولة الاجتماعية" 85، 136، "العدالة الاجتماعية" 130، "الفوارق الاجتماعية" 130، "الحماية الاجتماعية" 136، "البيرقراطية" 150، "الوظيفة التحريرية" 166، "الوظيفة التنويرية" 166، "الوظيفة التنويرية للفن" 185، "مرآة" [انعكاس] 185، "الحق في الاختلاف" 185، "الجمال والذوق السليم" 186، "استقلالية الفعل الثقافي" 186، "قيم الجمال" 191... فإلى أي حد تعكس هذه المفاهيم فكر الجماعة؟. الأكيد أن هذه المفاهيم تنتمي إلى حقول معرفية مختلفة ومتصارعة فيما بينها في الكثير من الأحيان. إن اعتماد الجماعة على هاته المفاهيم لم يكن بغرض التواصل بالدرجة الأولى، بل للطمأنة؛ ذلك أنها تريد أن تقول للآخر المختلف إن مسافة التباعد تكاد تختفي من خلال اللغة المشتركة، غير أن المعاني التي تسقطها الجماعة على هاته المفاهيم تختلف جذريا عما تعنيه في بيئتها الثقافية والإيديولوجية الأصلية. كما أن توظيف هذه المفاهيم هو بمثابة رسالة إلى من يهمه مفادها أن الجماعة، وبعد وفاة المرشد الشيخ عبد السلام ياسين، ليست هي الجماعة التي تمثلها الدائرة السياسية بكل تطوراتها وتحولاتها المعروفة.
لقد لعبت اللغة الموظفة في الوثيقة السياسية دورا أساسيا في تليين مواقف الجماعة، وهو ما يجعل هذه اللغة بمثابة المدخل الأساس لتكييف الجهاز المفهومي لديها، حتى إن المتتبع للشأن السياسي المغربي قد يجد صعوبة في تصنيف هذه الوثيقة ضمن التراكمات المعرفية لدى الجماعة منذ زمن التأسيس. يقول عبد الله العروي: "ستتغير نظرتنا إلى اللغة وبالتالي إلى الإصلاحات التي نوقشت منذ خمسين سنة بدون فائدة، إلى الوحدة القومية، إلى الاشتراكية، إلى الإسلام كعقيدة وكنظام. صحيح أن الصراع الطبقي سيحتد، وسينمو خطر انفصام المجتمع، لكن في الوقت نفسه سيتوحد المنطق وتزداد حظوظ التلاحم والتفاهم. وسنتجه أكثر فأكثر نحو الواقع، نحو الأرض بقدر ما نبتعد عن سلطان الماضي والأوهام"(7). إن اللغة هي إحدى المداخل الأساس لمقاربة الوثيقة السياسية للجماعة، إذ، وإن كانت تنحو منحى التعبير، فهي كذلك تروم من خلالها التمترس داخل تيار سياسي معتدل ينتمي إلى المشترك المغربي من جهة، لكنها تتجاوز ذلك لكي تعبر عن الخصوصية الفكرية والمفهومية للجماعة من جهة أخرى. من هنا، فإن لغة الوثيقة تمثل في المقابل ذلك الامتداد المفهومي من خلال مجموعة من المصطلحات الموظفة: "الاستعباد" ص 34، "الاستكبار العالمي" 35، "هوية المجتمع" 42، "القيم السليمة والفطرية" 62، "مجتمع العمران الأخوي" 145، 188، "الفطرة النقية" 151، "التنشئة الصالحة" 151، "التراحم الإنساني" 172، "الاستثناء الثقافي" 187، "الخصوصية الثقافية" 187... يستجلي هذا التباين في المفاهيم الموظفة التردد الذي تعيشه الجماعة، من حيث القلق الإيديولوجي والوجودي، ومن حيث التموقع داخل معترك الساحة السياسية الوطنية، خاصة بعد فشل تجربة الإسلاميين في التدبير الحكومي برئاسة حزب العدالة والتنمية بين سنتي 2011 و2021، لكي لا يعتقد المتتبع أن الأمر يتعلق بفشل كل الإسلاميين. يقول عبد الله العروي: "إن تحليل المفاهيم خطوة أولية للكشف عن سبل تحقيق الأهداف. يستجلي ما يتخارج منها وما يتلازم. وليس، على أية حال، سبيل التنبؤ بما سيحدث. إن من يحلل المفاهيم لا يقول في استنتاجاته: هذا ما هو قائم اليوم وذاك ما سيقع غدا أو بعد غد؛ وإنما يقول: إذا حضر هذا امتنع ذاك، أو إذا استهدفت هذا عليك أن تتوسط بذاك. يقف التحليل عند هذا الحد ولا يتجاوزه أبدا. أما التحقيق فإنه يأتي زيادة"(8).
إن هذه المفاهيم، مهما بدت متباينة أو متناقضة في الكثير من الأحيان، فإنها لا تعني القصور المعرفي لدى مدبجي الوثيقة، بل هي نوع من البراغماتية في التعاطي مع الفعل السياسي، ذلك أن اليساري والليبرالي والأصولي سيجدون في الأطروحة ذلك المشترك الذي قد يعتبرونه جسرا للالتقاء السياسي مع الجماعة، وإن كان البديل المقترح تيوقراطيا بعيدا عن التحقق بحكم طوبوية المشروع والسيرورة العميقة التي عرفها المجتمع المغربي، حيث ابتعد رويدا عن سلطان السماء نحو سلطان الأرض في تمثله للمشروع السياسي والاقتصادي المجتمعي. إن الوثيقة السياسية، وإن لم توظف مفهوم الخلافة، إلا أنها لا يمكن أن تحيد عنه، لأنه يمثل روح المشروع الياسيني منذ البدء، إذ بتحقيق الجماعة للشروط الثاوية في الوثيقة ستنتقل مباشرة إلى خطوة التهييء للخلافة. "يُستبعد مبدئيا أن يتصالح الفقيه مع دولة التنظيمات، إن بقي فيها ظلم ـ وهذا هو الواقع ـ فإنه يرفضها؛ إن كانت عدلا كلها دون أن تجعل من الشرع مصدر تشريعها، فإنه ينتقدها؛ إن كانت عادلة شرعية، فإنه يتحملها في انتظار المعجزة التي تحيلها إلى خلافة بتغيير الطبيعة البشرية"(9).
قائمة المراجع:
1- جماعة العدل والإحسان، المغرب، الدائرة السياسية، الوثيقة السياسية، 2023، ص 9
2- الوثيقة السياسية، المرجع نفسه، ص 10
الوثيقة السياسية، المرجع السابق، ص 11
3- عبد الله العروي، "الأفق الروائي"، مجلة الكرمل، العدد 11، 1984، ص 184
4- عمر كوش، أقلمة المفاهيم، تحولات المفهوم في ارتحاله، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 2002، ص 28
5- الوثيقة السياسية،
6- المرجع السابق، ص 11
7- عبد الله العروي: العرب والفكر التاريخي، دار التنوير، بيروت، لبنان، المركز الثقافي العربي، البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى، 1983، ص 16
8- عبد الله العروي، مفهوم الدولة، المركز الثقافي العربي، بيروت، لبنان، البيضاء، المغرب، الطبعة السابعة، 2001، ص 154- 155
9- عبد الله العروي، المرجع نفسه، ص 137
2- الوثيقة السياسية، المرجع نفسه، ص 10
الوثيقة السياسية، المرجع السابق، ص 11
3- عبد الله العروي، "الأفق الروائي"، مجلة الكرمل، العدد 11، 1984، ص 184
4- عمر كوش، أقلمة المفاهيم، تحولات المفهوم في ارتحاله، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، المغرب، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى 2002، ص 28
5- الوثيقة السياسية،
6- المرجع السابق، ص 11
7- عبد الله العروي: العرب والفكر التاريخي، دار التنوير، بيروت، لبنان، المركز الثقافي العربي، البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى، 1983، ص 16
8- عبد الله العروي، مفهوم الدولة، المركز الثقافي العربي، بيروت، لبنان، البيضاء، المغرب، الطبعة السابعة، 2001، ص 154- 155
9- عبد الله العروي، المرجع نفسه، ص 137