
تعرف كرة القدم النسوية في المغرب، في السنوات الأخيرة، تطورا سريعا نتيجة الاهتمام الكبير الذي باتت توليه الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم لهذه الفئة، انسجاما مع الرغبة في تنزيل مقاربة النوع في المجال الرياضي، موازاة مع مشاريع تطوير كرة القدم بمختلف الفئات والأصناف، وبالنظر للاستحقاقات الكبرى التي تنتظر بلادنا رياضيا، واعتبارا لكون الرياضة أضحت نوعا من الديبلوماسية الناعمة.
في ظل الاهتمام الذي تعرفه نهائيات كأس أمم إفريقيا للسيدات التي تحتضنها بلادنا، كان لابد من وقفة لقراءة ماضي كرة القدم النسائية واستحضار البدايات الأولى لاقتحام فتيات مغربيات مجالا كان حكرا على الذكور.
"الوطن الآن" تسلط الضوء على أبرز المحطات والمراحل التي قطعتها كرة القدم النسوية بالمغرب، في محاولة لربط الحاضر بالماضي.
"الوطن الآن" تسلط الضوء على أبرز المحطات والمراحل التي قطعتها كرة القدم النسوية بالمغرب، في محاولة لربط الحاضر بالماضي.
رغم أن العديد من الرياضيين يربطون بداية انتشار كرة القدم النسوية في المغرب، بتاريخ تكوين منتخب وطني نسوي منتصف التسعينات، إلا أن علاقة الفتيات بهذه اللعبة ترجع إلى نهاية السبعينات وبداية الثمانيات من القرن الماضي.
القنيطرة والدار البيضاء مهدا كرة القدم النسوية
ويمكن الاستدلال على ذلك بصور وقصاصات أخبار تؤكد وجود بطولة ودية جمعت فرقا من القنيطرة والدار البيضاء والرباط فيما بينها، بل إن الكاتب عبد الله رشد، أشار في مؤلفه "تاريخ الرياضة بالمغرب" الصادر سنة 1985، إلى وجود منافسات كروية نسوية من خلال فريق الأمل القنيطري النسائي الذي نشأ في منتصف السبعينات، إلى جانب فرق أخرى من الدار البيضاء نشأت في نفس الفترة تقريبا أو بعدها بقليل ويتعلق الأمر بفريق دفاع عين الشق وفريق فتيات عين السبع، قبل أن تتناسل فرق نسوية أخرى، كان مسؤولوها يجدون صعوبة في إقناع الآباء والأمهات بالسمح لبناتهم بممارسة كرة القدم.
وفي هذا السياق كتب المحلل الرياضي أيت صالح: «القنيطرة مهد كرة القدم النسوية والفوتسال في المغرب. لم تبدأ كرة القدم النسوية بالمغرب، في أواخر التسعينيات بل كانت هناك فرق في بداية الثمانيات بمدينة القنيطرة خصوصا فريق الأمل الرياضي القنيطري الذي كان أول فريق عربي وإفريقي يشارك في دورة رسمية بأوربا المنظمة آنذاك من طرف الاتحاد الفرنسي بتعاون مع فريق «سان كانتاه»، بمشاركة كل من إفس كولون الالماني وبوردو الفرنسي ومنتخب جهة الشمال الفرنسي ومجموعة من الفرق وطبعا الأمل الرياضي القنيطري».
لكن هذه الفرق التي ساهمت بمؤطريها في ميلاد كرة القدم النسوية، تغيب اليوم عن بطولة الصفوة وعن الأضواء، فاسحة المجال لظهور فرق أخرى.
مركز أوميغا.. يشخص وضع الكرة النسوية ماضيا وحاضرا
حسب ما كشفه مركز «أوميغا» في تقريره حول حصيلة كرة القدم الوطنية خلال ربع قرن "2000-2025" كانت أولى محاولات إطلاق كرة القدم النسوية بشكل احترافي بين سنتي 1999 و2000 لكنها باءت بالفشل، واقتصرت بعدها الكرة النسوية على بطولة هاوية تسيطر فيها جمعية الجيش الملكي بالطول والعرض وكأنها تلعب وحدها. وانتظرنا حتى بلورت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مخطط التنمية 2020-2024 الذي تم إطلاقها سنة 2019.
وقد كان هذا المخطط وفق المصدر ذاته، دافعا لتحسين مستوى كرة القدم النسوية بشكل لافت، ومن أجل ضمان نجاح هذا المخطط تم تعبئة إمكانيات مالية وتقنية هامة كانت توازي ماهو مرصود للمنتخبات ولكن كذلك ما خُصِصَ للأندية من أجل التوفر إجباريا على فرع كرة القدم النسوية بمختلف الفئات العمرية، مما شكل نهضة غير مسبوقة في هذه اللعبة وجعل البطولة الوطنية تتحسن مستوى وتنافسية.
فيما يخص المنتخبات، نهجت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم نفس سياسة الإعتماد على جواهر مغاربة العالم لكن مع انتقاء أجود ما توفره البطولة الوطنية وبصفة خاصة ضمن جمعية الجيش الملكي.
وبلغت لبؤات الأطلس لأول مرة في التاريخ نهاية كأس أفريقيا للأمم بعدما تخطت منتخبات عريقة مثل نيجيريا خلال دورة المغرب 2022، وانهزمن بصعوبة أمام جنوب إفريقيا. في سنة 2023، شارك المنتخب لأول مرة في كأس العالم بأستراليا 2023 حيث حقق إنجازاً تاريخيا وغير مسبوق افريقيا وعربيا ببلوغه الدور الثاني أمام منتخبات عالمية.
وكان النجاح الآخر في جعبة فئة أقل من 17 سنة الذي شارك أول مرة لكأس العالم 2024 في دورة.
وبالرغم من هذه الإنجازات المهمة، يشير تقرير مركز أوميغا إلى أنه مازال هناك عمل كبير ينتظر المنتخب المغربي للفوز بكأس افريقيا بمختلف الفئات وينقش اسمه ضمن كبار القارة. من أجل ذلك، يجب البدء بدعم شعبية اللعبة وذلك بتكثيف المواكبة الإعلامية كما يجب العمل على جلب اهتمام الجماهير والاستثمار المستمر في العمل القاعدي.
في ذات السياق قال محمد العبدي، الإطار الوطني المتخصص في كرة القدم النسوية، إن هذه اللعبة قد شهدت تطورا ملحوظا، «لكن توجد بعض الجوانب مازالت تحتاج للاشتغال عليها ويتعلق الأمر بالتكوين القاعدي، وحتى على مستوى منتخبات الفئات السنية نجد أن 80 في المائة من اللاعبات تنتمي لدوريات أوروبية، مقابل عدد قليل من لاعبات البطولة الوطنية الاحترافية وهو الأمر الذي يعتبر اشكالا».
منتخب وطني نسويا قبل تأسيس بطولة وطنية
خرج أول منتخب مغربي للسيدات في كرة القدم إلى الوجود سنة 1996، وكان تحت إشراف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. في بداياته شارك المنتخب في منافسات إقليمية وقارية، حيث خاض أول مباراة دولية له في نفس السنة ضد فريق «انسكايد» السويدي ومع مرور الوقت، بدأ المنتخب المغربي للسيدات في تحقيق نتائج متميزة على الصعيدين القاري والدولي، وكان يضم في صفوفه الرعيل الأول من اللاعبات الدوليات أمثال: فاما الفوقي، بورمضان فتحية، مفتخر جميلة، سلوى الطايقي وغيرهن من اللاعبات اللاتي شكلن أول منتخب كرة قدم نسوي وفي ظل غياب بطولة وطنية.
كان العلوي السليماني، هو أول مدرب للمنتخب المغربي النسوي، وكانت مهامه تفرض عليه البحث عن عناصر للمنتخب الوطني في غياب بطولة وطنية، وهنا تكمن صعوبة المهمة. لكن العلوي وجد إلى جانبه «مناضلات» في هذا المجال، أبرزهن سميرة الزاولي نجلة الأب الروحي لـ «الطاس» العربي الزاولي التي تعتبر أول سيدة ترأس فريقا ذكوريا قبل أن تجمع بين الإشراف على الذكور والإناث داخل الاتحاد البيضاوي لكرة القدم.
في البدايات الأولى للمنتخب الوطني النسوي، برزت اللاعبة نادية مقدي وأصبحت عميدة للفريق الوطني، وكانت حينها عميدة لفريق فتيات الحي المحمدي قبل أن يحمل اسم «الطاس».
وفي هذا السياق كتب المحلل الرياضي أيت صالح: «القنيطرة مهد كرة القدم النسوية والفوتسال في المغرب. لم تبدأ كرة القدم النسوية بالمغرب، في أواخر التسعينيات بل كانت هناك فرق في بداية الثمانيات بمدينة القنيطرة خصوصا فريق الأمل الرياضي القنيطري الذي كان أول فريق عربي وإفريقي يشارك في دورة رسمية بأوربا المنظمة آنذاك من طرف الاتحاد الفرنسي بتعاون مع فريق «سان كانتاه»، بمشاركة كل من إفس كولون الالماني وبوردو الفرنسي ومنتخب جهة الشمال الفرنسي ومجموعة من الفرق وطبعا الأمل الرياضي القنيطري».
لكن هذه الفرق التي ساهمت بمؤطريها في ميلاد كرة القدم النسوية، تغيب اليوم عن بطولة الصفوة وعن الأضواء، فاسحة المجال لظهور فرق أخرى.
مركز أوميغا.. يشخص وضع الكرة النسوية ماضيا وحاضرا
حسب ما كشفه مركز «أوميغا» في تقريره حول حصيلة كرة القدم الوطنية خلال ربع قرن "2000-2025" كانت أولى محاولات إطلاق كرة القدم النسوية بشكل احترافي بين سنتي 1999 و2000 لكنها باءت بالفشل، واقتصرت بعدها الكرة النسوية على بطولة هاوية تسيطر فيها جمعية الجيش الملكي بالطول والعرض وكأنها تلعب وحدها. وانتظرنا حتى بلورت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مخطط التنمية 2020-2024 الذي تم إطلاقها سنة 2019.
وقد كان هذا المخطط وفق المصدر ذاته، دافعا لتحسين مستوى كرة القدم النسوية بشكل لافت، ومن أجل ضمان نجاح هذا المخطط تم تعبئة إمكانيات مالية وتقنية هامة كانت توازي ماهو مرصود للمنتخبات ولكن كذلك ما خُصِصَ للأندية من أجل التوفر إجباريا على فرع كرة القدم النسوية بمختلف الفئات العمرية، مما شكل نهضة غير مسبوقة في هذه اللعبة وجعل البطولة الوطنية تتحسن مستوى وتنافسية.
فيما يخص المنتخبات، نهجت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم نفس سياسة الإعتماد على جواهر مغاربة العالم لكن مع انتقاء أجود ما توفره البطولة الوطنية وبصفة خاصة ضمن جمعية الجيش الملكي.
وبلغت لبؤات الأطلس لأول مرة في التاريخ نهاية كأس أفريقيا للأمم بعدما تخطت منتخبات عريقة مثل نيجيريا خلال دورة المغرب 2022، وانهزمن بصعوبة أمام جنوب إفريقيا. في سنة 2023، شارك المنتخب لأول مرة في كأس العالم بأستراليا 2023 حيث حقق إنجازاً تاريخيا وغير مسبوق افريقيا وعربيا ببلوغه الدور الثاني أمام منتخبات عالمية.
وكان النجاح الآخر في جعبة فئة أقل من 17 سنة الذي شارك أول مرة لكأس العالم 2024 في دورة.
وبالرغم من هذه الإنجازات المهمة، يشير تقرير مركز أوميغا إلى أنه مازال هناك عمل كبير ينتظر المنتخب المغربي للفوز بكأس افريقيا بمختلف الفئات وينقش اسمه ضمن كبار القارة. من أجل ذلك، يجب البدء بدعم شعبية اللعبة وذلك بتكثيف المواكبة الإعلامية كما يجب العمل على جلب اهتمام الجماهير والاستثمار المستمر في العمل القاعدي.
في ذات السياق قال محمد العبدي، الإطار الوطني المتخصص في كرة القدم النسوية، إن هذه اللعبة قد شهدت تطورا ملحوظا، «لكن توجد بعض الجوانب مازالت تحتاج للاشتغال عليها ويتعلق الأمر بالتكوين القاعدي، وحتى على مستوى منتخبات الفئات السنية نجد أن 80 في المائة من اللاعبات تنتمي لدوريات أوروبية، مقابل عدد قليل من لاعبات البطولة الوطنية الاحترافية وهو الأمر الذي يعتبر اشكالا».
منتخب وطني نسويا قبل تأسيس بطولة وطنية
خرج أول منتخب مغربي للسيدات في كرة القدم إلى الوجود سنة 1996، وكان تحت إشراف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم. في بداياته شارك المنتخب في منافسات إقليمية وقارية، حيث خاض أول مباراة دولية له في نفس السنة ضد فريق «انسكايد» السويدي ومع مرور الوقت، بدأ المنتخب المغربي للسيدات في تحقيق نتائج متميزة على الصعيدين القاري والدولي، وكان يضم في صفوفه الرعيل الأول من اللاعبات الدوليات أمثال: فاما الفوقي، بورمضان فتحية، مفتخر جميلة، سلوى الطايقي وغيرهن من اللاعبات اللاتي شكلن أول منتخب كرة قدم نسوي وفي ظل غياب بطولة وطنية.
كان العلوي السليماني، هو أول مدرب للمنتخب المغربي النسوي، وكانت مهامه تفرض عليه البحث عن عناصر للمنتخب الوطني في غياب بطولة وطنية، وهنا تكمن صعوبة المهمة. لكن العلوي وجد إلى جانبه «مناضلات» في هذا المجال، أبرزهن سميرة الزاولي نجلة الأب الروحي لـ «الطاس» العربي الزاولي التي تعتبر أول سيدة ترأس فريقا ذكوريا قبل أن تجمع بين الإشراف على الذكور والإناث داخل الاتحاد البيضاوي لكرة القدم.
في البدايات الأولى للمنتخب الوطني النسوي، برزت اللاعبة نادية مقدي وأصبحت عميدة للفريق الوطني، وكانت حينها عميدة لفريق فتيات الحي المحمدي قبل أن يحمل اسم «الطاس».