Thursday 22 May 2025
مجتمع

أمراض المستقيم والشرج تخرج من دائرة الصمت.. لقاءٌ علمي عالمي ضد السلس البرازي في طنجة

أمراض المستقيم والشرج تخرج من دائرة الصمت.. لقاءٌ علمي عالمي ضد السلس البرازي في طنجة جراحو العالم يلتقون لعلاج السلس البرازي واستعادة الكرامة
بقلم الدكتور أنور الشرقاوي بتعاون مع الدكتور عبد المالك تقال والدكتور مراد البقالي، وهما أخصائيان في هذا المجال على الصعيد الدولي 
 
تحتضن مدينة طنجة، تلك الحاضرة المتربعة بين بحرين وقارتين، أيام 12 و13 و14 يونيو 2025، حدثًا طبيًا بالغ الأهمية، تنظمه جمعية جراحي شمال المغرب بالشراكة مع الجمعية المتوسّطية لجراحة قاع الحوض والمستقيم والمخرج ( آخر فتحة طبيعية في الجهاز الهصمي). ثلاثة أيام من التميّز والابتكار والتبادل العلمي، يُشارك فيها كبار الخبراء العالميين في هذا المجال الحساس، كما يؤكد الدكتوران مراد  البقالي وعبد المالك تقال، من بين أبرز المنظمين والداعمين لهذا الملتقى التكويني العامي و العالي المستوى.
 
 السلس البرازي Incontinence anale ، ذلك الداء المسكوت عنه ، يُخيّم عليه الصمت وتلاحقه الوصمة، هو في الحقيقة عذاب صامت يقضّ مضجع من يبتلى به.
 
هو ليس فقط مرضًا جسديًا، بل هو جرح في الكرامة، وانكسار في الصورة الذاتية، وانعزال عن الفضاء الاجتماعي.
ينجم هذا السلس عن إصابات متعددة: حوادث السير، مضاعفات الولادة، آثار العلاجات الشعاعية أو الجراحية لسرطان المستقيم والشرج، بل وأحيانًا من جروح خفية خلفتها اعتداءات جنسية في الماضي القريب او البعيد. 
 
ومع ذلك، يبقى المرض حبيس الخجل، يتسلّل بصمت إلى حياة آلاف الرجال والنساء والأطفال، حتى في مغربنا.
لكن، كما تتفجر الينابيع من صخر الصمت، خرجت فرق طبية مغربية شجاعة لكسر جدار الحرج، فقرّرت أن ترد للمرضى كرامتهم وجودة عيشهم.
 
ويؤكد الدكتور عبد المالك تقال، أحد الجراحين الروّاد في هذا التخصص، أن مؤتمر طنجة سيكون منبرًا علميًا وإنسانيًا في آن، لكشف المستور وتقديم الأمل.
 
في طنجة، المدينة المفتوحة على الرياح القادمة من البحر والمستقبل، تنبعث دينامية طبية راقية، هادئة في ظاهرها، عميقة في أثرها.
 
فجراحون مغاربة وعالميون، تدرّبوا على أحدث ما توصل إليه العلم في جراحة المستقيم وقاع الحوض، يجتمعون لمعالجة هذه الحالات الدقيقة والمعقدة، التي كانت تُعدّ حتى الأمس القريب مستعصية على الإصلاح.
 
ويبرز من بينهم الدكتور مراد البقالي، الخبير العالمي في هذا المجال، الذي يوضح أن التدخلات الجراحية لم تعد تُعالج فقط العضو، بل تُلامس الإنسان بكل أبعاده وهي أصبحت ممكنة من طرف جراحين مغاربة والذين سيسعوا خلال هذا المؤتمر تقاسم معارفهم مع الأطباء والطبيبات المغاربة الشباب المهتمين بهذا التخصص. 
 
الجانب التقني في عملهم يتكامل مع بُعد إنساني رفيع، وهو ما لفت انتباه كبار المتخصصين في طب المستقيم والشرج عالميًا، والذين أكدوا حضورهم في هذا اللقاء العلمي المرتقب بطنجة.
 
ولذلك، ليس غريبًا أن تتحول طنجة، في منتصف يونيو، إلى عاصمة علمية تستقطب خيرة العقول في تخصص دقيق، لبحث وتطوير سُبل علاج السلس البرازي وامرض أخرى تصيب هذه الجهة المستورة من جسد الإنسان. 
 
سيُشارك في هذا الحدث الجراحون، أطباء الجهاز الهضمي، أخصائيو العلاج الطبيعي، الباحثون في الميكانيكا الحيوية، والمهندسون المتخصصون في ابتكار الأجهزة الطبية.
 
كلهم سيقدّمون خلاصات أبحاثهم وتجاربهم، ويعرضون أحدث التقنيات العلاجية، ويُشرفون على ورشات تدريبية للأطباء المغاربة.
 
هذه التظاهرة ليست فقط مؤتمرًا علميًا، بل فرصة نادرة للتمكين المعرفي للأطباء المغاربة من مختلف التخصصات: الجراحة العامة، طب الجهاز الهضمي، وحتى الطب العام.
 
سيتعلمون أحدث البروتوكولات العلاجية، من التحفيز العصبي العجزي Neurostimulation  إلى تقنيات ترميم عضلات العاصرة الشرجية، مرورًا ببرامج إعادة التأهيل الوظيفي.
 
لكن الرسالة الأعمق لهذا الحدث تتجاوز الطب، لتصل إلى الإنسان:
كسر الطابوهات، وتحرير الكلمة، وإعادة الاعتبار لمن صمت طويلًا عن ألمه.
 في حضرة العلم، يصبح ما كان يُهمس به خجلاً، حديثًا شريفًا، يُلامس القلب والضمير .
وهكذا، تُعلن طنجة، برمزيتها الثقافية والجغرافية، ميلاد قطب طبي جديد في المغرب.
ليس قطبًا للمباني والآلات، بل قطبًا للرحمة والعلم والكرامة.
 
 رسالة طنجة de colpoprotologie  في يونيو 2025 ستكون واضحة :
 لكل مريض صامت ، هناك أمل. ولكل ألم مستور، هناك من يستمع ويعالج.