Sunday 4 May 2025
مجتمع

التخييم كرافعة للوحدة الوطنية... الداخلة تحتضن مائدة مستديرة بمشاركة محمد كليوين

التخييم كرافعة للوحدة الوطنية... الداخلة تحتضن مائدة مستديرة بمشاركة محمد كليوين محمد كليوين، رئيس الجامعة الوطنية للتخييم
نظّمت جمعية تامغربيت للطفولة والشباب والعمل الاجتماعي، يوم السبت 3 ماي 2025، مائدة مستديرة بمدينة الداخلة تحت شعار "الصحراء تجمعنا"، جمعت فاعلين تربويين، مهتمين بالشأن الطفولي، وممثلين عن الجامعة الوطنية للتخييم. وقد كانت المداخلة الرئيسة لمحمد كليوين، رئيس الجامعة الوطنية للتخييم، بعنوان: "التخييم كرافعة لتعزيز الوحدة الوطنية، بعيون أطفال وشباب المنطقة"، حيث استعرض من خلالها الأبعاد الوطنية والتربوية والاجتماعية للتخييم كمؤسسة غير رسمية ذات أثر استراتيجي في تشكيل وعي الأجيال.
في كلمته، أكد كليوين أن التخييم في المغرب لم يعد مجرد نشاط ترفيهي موسمي، بل غدا ورشاً مجتمعياً مفتوحاً يساهم في تكوين جيل وطني واعٍ، قادر على حمل القيم المغربية الراسخة، وفي مقدمتها الانتماء، المواطنة، والالتزام بوحدة الوطن. وأضاف أن المخيمات، كما تصممها الجامعة الوطنية للتخييم بتنسيق مع شركائها المؤسساتيين والمدنيين، تمثل اليوم مدرسة بديلة تسهم في تكريس العدالة المجالية، وتمكين الأطفال والشباب من فضاءات تعبير، إبداع، وتعلم غير نظامي، يحفز على الاستقلالية الفكرية والعمل الجماعي.
واعتبر كليوين أن اللقاء التربوي المنعقد في مدينة الداخلة، وهي من المدن ذات الحمولة الرمزية القوية في سياق القضية الوطنية، ليس لقاء عادياً، بل حدثاً يحمل في خلفياته أبعاداً وحدوية وازنة، تترجمها رؤية الجامعة في جعل التخييم أداة لربط الأطفال والشباب بمؤسساتهم، بترابهم، وبتاريخهم المشترك. وأردف قائلاً إن "التخييم يعزز الروح الوطنية من خلال برامج ترتكز على التربية على القيم، مثل احترام الاختلاف، التعاون، والتمسك بالمكتسبات الوطنية، كما يجعل من العلم الوطني والنشيد الرسمي لحظات وجدانية تتكرّس في وجدان الأطفال".
وفي سياق متصل، كشف كليوين أن الجامعة الوطنية للتخييم بصدد التحضير لإطلاق سلسلة من الأوراش التربوية الكبرى بمناسبة تخليد الذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة في نوفمبر المقبل، وهي مناسبة اعتبرها محطة مفصلية لإعادة تعبئة الذاكرة الوطنية في صفوف النشء المغربي. وأوضح أن هذه المبادرات ستشمل برامج ميدانية بالمخيمات الصيفية، لقاءات فكرية، إنتاجات فنية، وقوافل ثقافية، تستهدف إشاعة الوعي الجماعي بأهمية الوحدة الترابية، وترسيخ الحس الوطني المسؤول.

وأضاف أن التخطيط لهذه البرامج يتم وفق مقاربة تشاركية تؤمن بالحق في التخييم لجميع الأطفال المغاربة، دون تمييز مجالي أو اجتماعي، بما يضمن إدماج أطفال المناطق الحدودية، والجبلية، والجنوبية، في ورش التربية الوطنية. وأكد أن العدالة المجالية لم تعد شعاراً، بل أصبحت مبدأً موجهاً لاستراتيجية الجامعة، التي تراهن على أن التخييم يمكن أن يكون جسراً حقيقياً لتكافؤ الفرص والتمكين المجتمعي.
ولم يفت محمد كليوين التوقف عند أهمية التعاون بين الجامعة الوطنية للتخييم والفاعلين المدنيين والسلطات المحلية، مشيداً بدور الجامعة الوطنية للتخييم كقوة اقتراحية ورافعة للتنمية المجتمعية وطنيا وبالجهة، ومذكّراً بأن تفعيل أثر التخييم يمرّ عبر شراكات مؤسساتية مندمجة تستثمر في الإنسان. وأشار إلى أن برامج الجامعة الوطنية تنسجم مع التوجيهات الملكية السامية وتترجم الاستراتيجية القطاعية الجديدة للشباب والطفولة ، ومع روح النموذج التنموي الجديد الذي جعل من الرأسمال البشري ركيزة لبناء مغرب الغد.
وقد شهد اللقاء تفاعلاً كبيراً من طرف الحاضرين الذين مثّلوا شرائح متعددة من المجتمع المدني، وعبّر عدد منهم عن تقديرهم للدور الحيوي الذي يلعبه التخييم في ترسيخ القيم الوطنية، داعين إلى الرفع من الدعم المخصص لهذا المجال، وتوسيع قاعدة المستفيدين خاصة في المناطق البعيدة. وجرى خلال النقاش التطرق إلى ضرورة الاستثمار في التكوين المستمر للأطر التربوية المشرفة على المخيمات، من أجل ضمان جودة الأنشطة، وتكريس بعدها التوعوي والتربوي.
وفي ختام المائدة المستديرة، تم التأكيد على أهمية جعل الداخلة مركز إشعاع وطني في مجال التخييم التربوي، من خلال برمجة دورات مستقبلية وملتقيات فكرية وشبابية تضع قضايا الوطن في صلب اهتمامات النشء. كما تم الاتفاق على تعزيز حضور الجامعة الوطنية للتخييم في الجهات الجنوبية، وإعطاء أولوية لمشاريع القرب التي تقوي روابط الأطفال بمحيطهم المحلي، وبالقيم العليا للأمة المغربية.
تجدر الإشارة إلى أن هذه المبادرة تندرج ضمن سلسلة من اللقاءات التربوية التي تنظمها جمعية تامغربيت بشراكة مع عدد من الفاعلين المؤسساتيين، بهدف خلق دينامية وطنية تُعيد الاعتبار لقيم التضامن والوطنية والتربية المدنية، من خلال ورش التخييم الذي يثبت، يوماً بعد يوم، أنه أكثر من مجرد نشاط موسمي، بل هو مشروع مجتمعي يؤسس لمستقبل يليق بأبناء الوطن.