بدايةً، أدعو إلى تأمل الصورة السريالية المرفقة، فهي غنية عن كل تعليق:
أحد مراحيض "ملعب محمد الخامس" بالدار البيضاء، الذي تعرض بمجرد إعادة فتحه، وبعد كل ما أنفِقَ عليه من ملايين الدراهم ليكون في أحسن حُلة حتى يستقبل بعض مباريات نهائي كأس الأمم الإفريقية في دورتها المقبلة برسم 2026/2025، أقول، تعرّض ذلك المركّب التاريخي المتجدد لعمليات تخريب ممنهجة من لدن شباب من المرجح أنهم كانوا مقرقبين، أو سكارى معربدين، ومن المرجح أن بعضهم أو معظمهم نَقَل معه إلى مرافق الملعب وسائل السكر والدوخة والعربدة دون حسيب أو رقيب، لأن المسؤولين عن المركّب يشحّون ويبخلون في الإنفاق المتعلق بالحرس والمراقبين وعمال الصيانة، ليجعل ذلك هذا الشباب قادرا على البصق في وجه الوطن والمواطنين بكل أريحية دون أن يَرِفَّ له جَفْن، لأنه بفعله ذاك يبصق فعلا في وجوهنا جميعاً، مادامت الأموال المُهْوِلة التي ستُنفَق من جديد على إعادة إصلاح ما أفسدوه ستخرج من جيوبنا جميعاً، ومُقَدَّراتنا جميعاً، وستُقْتَطَعُ من مَعيشنا اليومي ، جميعاً أيضاً، في شكل ضرائب جديدة تَلتَحِق بنظيراتها القديمة... وهَلُمَّ عبثاً وهمجيةً واستنزافاً!!
بالأمس، القريب جداً، كنا نضحك ونستهجن إزاء مظاهر الخراب والدمار التي أبدع في إنتاجها وإخراجها شبان الجارة الشرقية، الجزائر، والتي عانت منها مركَّباتُها الرياضيةُ الأََمرَّيْن بلا استثناء، وكنا بالمناسبة نحمد الله على أنّ شبابنا لم يسقط في نفس الحفرة ولم يتردّى مثل شبابهم إلى ذات الدَّرَك الأسفل، ولكن "الماء كذّب الغطّاس"، كما يقول إخواننا في أرض الكنانة، ورأينا أبناء المغرب يرتكبون نفس الضرب من الحماقات، ومن الاعتداء غير المبرَّر على مكاسب هذا الوطن، حتى وهم يرون الوطن يُنفق الغالي والنفيس ليرفع رأسه بين الأوطان، في استعداداته المحمومة لاستقبال حدثين رياضيين في غاية التحضّر والتقدم، وذلك على التوالي في نهاية 2025 وبداية 2026، بإنجاز منفرد يترقب العالم أن يكون نموذجا فريداً من نوعه إفريقياً وعربياً على الأقل؛ ثم في صيف 2030، بالتشارك مع حضارتين وثقافتين كرويتين عتيدتين ومتجذّرتين، هما حضارة وثقافة كل من إسبانيا والبرتغال، وما أدرانا ما إسبانيا والبرتغال في مضمار كرة القدم خاصّة!!
هناك الآن أسئلة تطرح نفسها وبإلحاح:
* هل بلغ القنوط والخيبة وانسداد الأفق بشبابنا إلى هذه الدرجة من التدمير الذاتي، ومن النزوع إلى ما يشبه الانتحار ثقافياً وحضارياً، كما تدل على ذلك هذه الصور والمشاهد المحزنة والمثيرة للحسرة والرثاء؟!
* هل ينبغي على السلطات المسؤولة والمعنية أن تُجند جيوشاً من المراقبين والحَرَس والعَسَس لِتَتَبُّع حركات هؤلاء الشباب حتى وهم يرتادون المرافق الصحية بملاعبنا، وفي أقصى درجات التَّتَبُّع حميميةً، كأن تضع كامرات مراقبة داخل المراحيض... مثلاً؟!
* هل يُعقل أن نصل إلى هذه الدرجة من الخنق والتضييق، والتي لم نَجِد لها مثيلاً على امتداد التاريخ الإنساني سوى في ظل أنظمة شمولية مِن قَبِيل نظام النازية الألماني، وبُلشفيات الاتحاد السوفياتي، وحماقات موسوليني وفرانكو وبوكاسا والقذافي... وهؤلاء كانوا لا يجدون غضاضة في تتبع مواطنيهم إلى ما تحت أغطية فُرُشِ الزوجية؟!!
* هل لدينا في هذا البلد السعيد باحثون ودارسون متخصصون في علم الاجتماع، وفي مجالات السلوك الفردي والجماعي، في وسعهم أن يحللوا لنا هذه الظاهرة ومثيلاتِها، ويقترحوا علينا حلولا يمكن أن تضطلع بتفعيلها مؤسساتُنا، المُصابةُ بالإغماء إلى أجل غير مسمّى، وفي طليعتها الأحزاب المكلفة دستورياً (يا حسرة !!) بتأطير المواطنين وفي مقدمتهم الشباب خاصة، والجمعيات، والأندية، وفي طليعة هذه أيضا جمعيات أنصار الفِرَق الرياضية عامةً والكروية خاصة؟!!
* أم هل ينبغي أن يصل الأمر بنا إلى إعلان حالة الاستثناء، والأحكام العُرفية، لمجرد الذود عن ملاعبَ لكرة القدم نُنفق من أجل إقامتها وتأهيلها الأموالَ والطائلةَ من خبزنا اليومي؟!
* هل نختار الأسهل فنكتفي بإقفال هذه المنشآت في وجه جماهيرنا الكروية إلى أن تعيد النظر في سلوكها الفظيع هذا، فنُجريَ مبارياتِنا ومنافساتِنا بلا جماهير البتّة، وإلى إشعار آخر؟!
* كيف سنواجه زوارَنا الأفارقةَ بعد أشهر معدودة؟ وضيوفَنا العالميين منهم بعد أقل من نحو أربع سنوات، وما أقصره مِن أجَل؟!
* هل ستقوم أُسَرُنا ومدارسُنا ووسائلُنا الإعلاميةُ بما يكفي من مهام التثقيف والتوعية والتحسيس، بما فيه الكفاية، لجعل أبنائنا القاصرين وشبابنا يقدّمون نموذجاً مغربياً قُحّاً وأصيلاً يمكن أن نستقبل به ضيوفَنا، من مُختلِفِ الأمم والأجناس والثقافات، دون أن نضطر إلى إخفاء رؤوسنا تحت تراب الحسرة والمهانة؟!
* وأخيراً... لماذا لا تملأ وسائلُنا الإعلاميةُ الرسميةُ والخصوصيةُ فضاءاتِنا صراخاً واحتجاجاً، ولماذا لا تبتدِعُ من تلقاء ذاتها برامجَ وحلقاتٍ، وتنظم مناظراتِ ونقاشاتٍ، تكون بَيْتَ القصيد فيها هذه الظاهرة على الخصوص، طمعاً في ملامسة قلوب الشباب المغربي، الذّكيّ والمتفتّح والواعي بكل تأكيد، لإقناعه بأنّ غضبَه وخيبتَه وحتى انسدادَ أفُقِه لا يمكن ولا يُعقل أن تُعالج جميعُها بهكذا تخريب ذاتي لن يُثمر سوى المزيدِ من التراجع والانتكاس والخُسران؟!
أسئلة كثيرة تطرح نفسها بكل إلحاح وبكل إصرار... فهل من مجيب؟!!
أحد مراحيض "ملعب محمد الخامس" بالدار البيضاء، الذي تعرض بمجرد إعادة فتحه، وبعد كل ما أنفِقَ عليه من ملايين الدراهم ليكون في أحسن حُلة حتى يستقبل بعض مباريات نهائي كأس الأمم الإفريقية في دورتها المقبلة برسم 2026/2025، أقول، تعرّض ذلك المركّب التاريخي المتجدد لعمليات تخريب ممنهجة من لدن شباب من المرجح أنهم كانوا مقرقبين، أو سكارى معربدين، ومن المرجح أن بعضهم أو معظمهم نَقَل معه إلى مرافق الملعب وسائل السكر والدوخة والعربدة دون حسيب أو رقيب، لأن المسؤولين عن المركّب يشحّون ويبخلون في الإنفاق المتعلق بالحرس والمراقبين وعمال الصيانة، ليجعل ذلك هذا الشباب قادرا على البصق في وجه الوطن والمواطنين بكل أريحية دون أن يَرِفَّ له جَفْن، لأنه بفعله ذاك يبصق فعلا في وجوهنا جميعاً، مادامت الأموال المُهْوِلة التي ستُنفَق من جديد على إعادة إصلاح ما أفسدوه ستخرج من جيوبنا جميعاً، ومُقَدَّراتنا جميعاً، وستُقْتَطَعُ من مَعيشنا اليومي ، جميعاً أيضاً، في شكل ضرائب جديدة تَلتَحِق بنظيراتها القديمة... وهَلُمَّ عبثاً وهمجيةً واستنزافاً!!
بالأمس، القريب جداً، كنا نضحك ونستهجن إزاء مظاهر الخراب والدمار التي أبدع في إنتاجها وإخراجها شبان الجارة الشرقية، الجزائر، والتي عانت منها مركَّباتُها الرياضيةُ الأََمرَّيْن بلا استثناء، وكنا بالمناسبة نحمد الله على أنّ شبابنا لم يسقط في نفس الحفرة ولم يتردّى مثل شبابهم إلى ذات الدَّرَك الأسفل، ولكن "الماء كذّب الغطّاس"، كما يقول إخواننا في أرض الكنانة، ورأينا أبناء المغرب يرتكبون نفس الضرب من الحماقات، ومن الاعتداء غير المبرَّر على مكاسب هذا الوطن، حتى وهم يرون الوطن يُنفق الغالي والنفيس ليرفع رأسه بين الأوطان، في استعداداته المحمومة لاستقبال حدثين رياضيين في غاية التحضّر والتقدم، وذلك على التوالي في نهاية 2025 وبداية 2026، بإنجاز منفرد يترقب العالم أن يكون نموذجا فريداً من نوعه إفريقياً وعربياً على الأقل؛ ثم في صيف 2030، بالتشارك مع حضارتين وثقافتين كرويتين عتيدتين ومتجذّرتين، هما حضارة وثقافة كل من إسبانيا والبرتغال، وما أدرانا ما إسبانيا والبرتغال في مضمار كرة القدم خاصّة!!
هناك الآن أسئلة تطرح نفسها وبإلحاح:
* هل بلغ القنوط والخيبة وانسداد الأفق بشبابنا إلى هذه الدرجة من التدمير الذاتي، ومن النزوع إلى ما يشبه الانتحار ثقافياً وحضارياً، كما تدل على ذلك هذه الصور والمشاهد المحزنة والمثيرة للحسرة والرثاء؟!
* هل ينبغي على السلطات المسؤولة والمعنية أن تُجند جيوشاً من المراقبين والحَرَس والعَسَس لِتَتَبُّع حركات هؤلاء الشباب حتى وهم يرتادون المرافق الصحية بملاعبنا، وفي أقصى درجات التَّتَبُّع حميميةً، كأن تضع كامرات مراقبة داخل المراحيض... مثلاً؟!
* هل يُعقل أن نصل إلى هذه الدرجة من الخنق والتضييق، والتي لم نَجِد لها مثيلاً على امتداد التاريخ الإنساني سوى في ظل أنظمة شمولية مِن قَبِيل نظام النازية الألماني، وبُلشفيات الاتحاد السوفياتي، وحماقات موسوليني وفرانكو وبوكاسا والقذافي... وهؤلاء كانوا لا يجدون غضاضة في تتبع مواطنيهم إلى ما تحت أغطية فُرُشِ الزوجية؟!!
* هل لدينا في هذا البلد السعيد باحثون ودارسون متخصصون في علم الاجتماع، وفي مجالات السلوك الفردي والجماعي، في وسعهم أن يحللوا لنا هذه الظاهرة ومثيلاتِها، ويقترحوا علينا حلولا يمكن أن تضطلع بتفعيلها مؤسساتُنا، المُصابةُ بالإغماء إلى أجل غير مسمّى، وفي طليعتها الأحزاب المكلفة دستورياً (يا حسرة !!) بتأطير المواطنين وفي مقدمتهم الشباب خاصة، والجمعيات، والأندية، وفي طليعة هذه أيضا جمعيات أنصار الفِرَق الرياضية عامةً والكروية خاصة؟!!
* أم هل ينبغي أن يصل الأمر بنا إلى إعلان حالة الاستثناء، والأحكام العُرفية، لمجرد الذود عن ملاعبَ لكرة القدم نُنفق من أجل إقامتها وتأهيلها الأموالَ والطائلةَ من خبزنا اليومي؟!
* هل نختار الأسهل فنكتفي بإقفال هذه المنشآت في وجه جماهيرنا الكروية إلى أن تعيد النظر في سلوكها الفظيع هذا، فنُجريَ مبارياتِنا ومنافساتِنا بلا جماهير البتّة، وإلى إشعار آخر؟!
* كيف سنواجه زوارَنا الأفارقةَ بعد أشهر معدودة؟ وضيوفَنا العالميين منهم بعد أقل من نحو أربع سنوات، وما أقصره مِن أجَل؟!
* هل ستقوم أُسَرُنا ومدارسُنا ووسائلُنا الإعلاميةُ بما يكفي من مهام التثقيف والتوعية والتحسيس، بما فيه الكفاية، لجعل أبنائنا القاصرين وشبابنا يقدّمون نموذجاً مغربياً قُحّاً وأصيلاً يمكن أن نستقبل به ضيوفَنا، من مُختلِفِ الأمم والأجناس والثقافات، دون أن نضطر إلى إخفاء رؤوسنا تحت تراب الحسرة والمهانة؟!
* وأخيراً... لماذا لا تملأ وسائلُنا الإعلاميةُ الرسميةُ والخصوصيةُ فضاءاتِنا صراخاً واحتجاجاً، ولماذا لا تبتدِعُ من تلقاء ذاتها برامجَ وحلقاتٍ، وتنظم مناظراتِ ونقاشاتٍ، تكون بَيْتَ القصيد فيها هذه الظاهرة على الخصوص، طمعاً في ملامسة قلوب الشباب المغربي، الذّكيّ والمتفتّح والواعي بكل تأكيد، لإقناعه بأنّ غضبَه وخيبتَه وحتى انسدادَ أفُقِه لا يمكن ولا يُعقل أن تُعالج جميعُها بهكذا تخريب ذاتي لن يُثمر سوى المزيدِ من التراجع والانتكاس والخُسران؟!
أسئلة كثيرة تطرح نفسها بكل إلحاح وبكل إصرار... فهل من مجيب؟!!
___
محمد عزيز الوكيليـ متقاعد.
