الثلاثاء 8 إبريل 2025
مجتمع

الصادق أحمد العثماني: شهادة في حق شيخي الدكتور إدريس عزوزي رحمه الله

الصادق أحمد العثماني: شهادة في حق شيخي الدكتور إدريس عزوزي رحمه الله الصادق أحمد العثمان و الراحل إدريس عزوزي ( يمينا)
تتلمذت على يد الدكتور الشيخ إدريس عزوزي رحمه الله، بجامعة القرويين - كلية الشريعة بفاس لأكثر من ثلاث سنوات في مادتي التفسير وعلوم الحديث ومواد شرعية أخرى. كان رحمه الله تعالى أستاذًا مرموقًا في كلية الشريعة بفاس، حيث تميز بتفانيه في التعليم الجامعي، بالإضافة إلى بحوثه العلمية المتميزة. يُعد من العلماء الكبار في المملكة المغربية الشريفة، الذين أسهموا بشكل كبير في تعزيز المعرفة الدينية، خاصة في مجالات الشريعة الإسلامية والفقه والحديث والتفسير، من خلال محاضراته وأبحاثه وكتبه القيمة.

تميز الدكتور عزوزي عن باقي أساتذة كلية الشريعة بفاس بأسلوبه السهل والواضح في توصيل المعلومات المعقدة، مما جعل طلابه يستفيدون بشكل كبير من علمه وطريقة أسلوبه في الدعوة إلى الإسلام بالحكمة والموعظة الحسنة. كان رحمه الله قادرًا على تحليل المسائل الفقهية المعاصرة بعمق، وكان يتمتع بأخلاق عالية وإحساس عميق بالمسؤولية تجاه طلابه والمجتمع الأكاديمي بشكل عام.

إن إسهاماته العلمية لم تقتصر على التدريس فحسب؛ بل شملت أيضًا المشاركة في العديد من الندوات والمؤتمرات العلمية التي ساهمت في تطوير الفكر الفقهي الإسلامي في المغرب والعالم الإسلامي، لم يكن أستاذي رحمه الله مجرد أكاديمي؛ بل كان فقيهًا مرشدًا ومربّيًا وقدوة في الأخلاق والسلوك والمهنية في عالم التعليم الجامعي العالي.
 
لقد انعكست أخلاقه الرفيعة وسلوكه الحسن على طلبته وأبنائه الكرام، وفي مقدمتهم ابنه البار وأستاذنا وشيخنا الدكتور حسن عزوزي، رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة فاس بولمان، وابنه الأستاذ الصديق فؤاد عزوزي، قاضٍ بالمحكمة الإدارية بفاس، والأستاذ محمد عزوزي، قاضٍ بالمحكمة التجارية بفاس، وكما هو معروف ومشهور عند أهل العلم والفكر والحكمة ان صلاح الآباء يتجلى أثره في صلاح الذرية، وهذا يذكرنا بقصة الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود عندما كان يصلي في الليل وابنه الصغير نائم فينظر إليه قائلا: "من أجلك يا بني، ويتلو وهو يبكي قوله تعالى: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا}. 
 
كان الدكتور إدريس عزوزي رحمه الله تعالى من الشخصيات البارزة في مجال البحث العلمي والتعليم في المغرب؛ بحيث أسهم بشكل كبير في النهضة العلمية بمدينة فاس والمغرب عامة. تميز مساره العلمي والمهني بإسهاماته في مجالات علمية متعددة، سواء في مجال العلوم الشرعية أو غيرها، كما يُعد من العلماء الذين اهتموا بتطوير البحوث العلمية في الفقه والحديث والشريعة الإسلامية في المغرب، وخاصة في مدينة فاس التي تُعد مركزًا علميًا وثقافيًا مهمًا في العالم الإسلامي.
 
لقد قام رحمه الله بتوجيه العديد من الأبحاث العلمية لطلبته، التي ساهمت في فهم مقاصد الشريعة الإسلامية، وجددت الدراسات الإسلامية في مجالات مختلفة. كان له دور كبير في تعليم الأجيال الجديدة من الباحثين والعلماء، فهو ليس فقط أكاديميًا متميزًا؛ بل كان أيضًا مرشدًا للكثير من الطلاب الذين تخرجوا من كلية الشريعة الإسلامية بفاس، وأنا واحد منهم.
 
كان له الفضل عليّ -بعد الله تعالى- خصوصًا في توجيهنا إلى الإسلام الصحيح الوسطي المعتدل، مع إبراز مقاصده العليا، من خلاله رحمه الله تعالى تعرفنا على خصوصيات ومميزات الإسلام المغربي المبني على العقيدة الأشعرية، وفقه مالك، وطريقة الجنيد في التربية والتزكية، تحت ظلال مؤسسة إمارة المؤمنين، الجامعة لشؤون الدنيا والدين، بقيادة أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس حفظه الله وأطال عمره.
 
ختامًا، لا يسعني إلا أن أقول إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا أستاذنا ويا شيخنا لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا. فجزاك الله عنا خير الجزاء، وغفر الله لك، راجين الله تعالى أن ينزلك منازل الصالحين والشهداء، وأن يرحمك وأموات المسلمين من عرفنا منهم ومن لم نعرف، بواسع رحمته، وأن يجمعنا بك في مقعد صدق عند مليك مقتدر.
الصادق أحمد العثماني،  أمين عام رابطة علماء المسلمين بأمريكا اللاتينية