أكدت حورية التازي صادق، رئيسة الائتلاف المغربي من أجل الماء، أن أزمة المياه والإجهاد المائي التي يواجهها المغرب ليست جديدة، مشيرة إلى أن نصيب الفرد من المياه شهد تراجعًا كبيرًا، إذ انخفض من حوالي 2850 مترًا مكعبًا سنويًا عام 1968 إلى 600 متر مكعب حاليًا. ورغم الجهود المبذولة، لا تزال الحاجة ملحة لاعتماد سياسات أكثر نجاعة لضمان الأمن المائي.
وأشارت التازي إلى أن المغرب تبنى حلولًا متنوعة لمواجهة هذه الأزمة، من بينها تحلية مياه البحر، وإعادة استخدام المياه العادمة، وربط الأحواض المائية بين المناطق، بهدف تعزيز التوزيع العادل للموارد. ورغم هذه الجهود، يواصل الائتلاف المغربي للماء التفكير في حلول إضافية، حيث أعد "الكتاب الأزرق"، الذي يتضمن تسع توصيات رئيسية تسعى إلى تحسين إدارة الموارد المائية.
وفي سياق حديثها، شددت التازي على ضرورة إعادة النظر في نموذج استهلاك المياه في القطاع الفلاحي، معتبرة أن دعم بعض الممارسات الزراعية الحالية قد يؤدي إلى استنزاف الموارد المائية. كما أكدت على أهمية حماية الفرشات المائية والمياه الجوفية باعتبارها خزانات استراتيجية ضرورية لمواجهة الأزمات.
وأشادت رئيسة الائتلاف المغربي للماء بالتقدم المحقق في مجال التطهير السائل، مشيرة إلى أن البرنامج الوطني يسير في الاتجاه الصحيح، مع تطلعات للوصول إلى نسبة تغطية تقارب 100% بحلول عام 2027. كما أكدت أن قضية المياه تتداخل مع عدة قطاعات، ما يجعل التنسيق والحكامة الجيدة من الضروريات الملحة.
وفي هذا الإطار، أشارت التازي إلى أن المغرب شرع في تنزيل إصلاحات هامة، من أبرزها إنشاء الشركات الجهوية متعددة الخدمات (SRM)، والتي باتت الجهة الموحدة المشرفة على الأنشطة المتعلقة بالماء. واعتبرت أن هذه الخطوة تمثل تطورًا بالغ الأهمية، لكنها تستوجب مراقبة دقيقة للوضع الراهن، سواء من حيث التسربات أو التلوث أو الوقاية من الممارسات السلبية.
كما أكدت التازي على ضرورة تحسين مردودية القطاع الفلاحي مع مراعاة استدامة الموارد المائية، خاصة في ظل تحذيرات البنك الدولي من أن نقص المياه قد يؤدي إلى تراجع الناتج الداخلي الخام بنسبة تصل إلى 6 نقاط.
وفي ختام حديثها، نوهت إلى أهمية استمرار التفكير والتجديد في السياسات المائية، ليس من باب الانتقاد، وإنما لتحسين الأداء والانخراط في مسارات بناءة تضمن الأمن المائي وتحقق الاستدامة. وشددت على أن توسيع نطاق الحلول المطروحة يتطلب إطارًا قانونيًا واضحًا، سواء من خلال تفعيل القوانين الحالية أو سن تشريعات جديدة تواكب المستجدات، مثل تحلية مياه البحر وإعادة استخدام المياه العادمة. كما دعت إلى الاستثمار في آليات المراقبة والتتبع، باعتبارها عنصرًا أساسيًا لحماية الموارد المائية وضمان استخدامها الرشيد.
جدير بالذكر أن الائتلاف المغربي للماء هو منصة تجمع بين القطاعين العام والخاص، ويضم جميع الأطراف المعنية، من وزارات ومشغلين عموميين وخاصين، وجامعات وممثلين عن المجتمع المدني. كما يضم لجنة علمية تضم شخصيات من داخل المغرب وخارجه.