أثار قرار نقل الطبيبة الوحيدة المتخصصة في أمراض النساء والتوليد، التي تشغل أيضًا منصب مديرة المستشفى الإقليمي بن امسيك بالدار البيضاء، موجة من التساؤلات والقلق بين ساكنة المنطقة، خاصة في ظل الإنجازات التي تحققت داخل المؤسسة الصحية تحت إدارتها. فقد تمكنت المديرة من الارتقاء بجودة الخدمات الطبية المقدمة، لاسيما في مجالات التكفل بالنساء الحوامل، الإشراف على الولادات، والتدخلات الجراحية الاستعجالية، إلى جانب مهامها الإدارية التي عززت من نجاعة التسيير الصحي داخل المستشفى.
وشهد المستشفى، خلال فترة إدارتها، تحولًا نوعيًا في مستوى الخدمات الصحية المقدمة، حيث أصبح قادرًا على التكفل بمعظم الحالات المرضية محليًا، ما قلّل بشكل ملحوظ من تحويل المرضى إلى المركز الاستشفائي الجامعي ابن رشد. هذا التحول ليس مجرد صدفة، بل هو نتيجة لتدبير محكم مبني على إعادة هيكلة الخدمات الطبية، تحسين التنسيق بين الفرق الصحية، وتوفير بيئة عمل تحفز على الأداء الفعّال.
وفي أكثر من مناسبة، تلقّت إدارة المستشفى إشادات من المركز الاستشفائي الجامعي، تعبيرًا عن نجاحها في تخفيف الضغط على هذا الأخير بفضل تحسين الخدمات الصحية داخل تراب مقاطعات بن امسيك. هذه الفعالية لم تقتصر على الخدمات التوليدية فقط، بل شملت أيضًا باقي الأقسام، حيث أصبح المستشفى قادرًا على تقديم رعاية متكاملة اعتمادًا على طاقمه الداخلي.
من بين أبرز التحديات التي واجهتها المديرة، نقص أطباء الأشعة المعينين بالمستشفى، وهو ما كان من شأنه التأثير على الخدمات التشخيصية. ورغم هذا العائق، لم تتوقف الفحوصات بالأشعة المقطعية (السكانير)، إذ تمكنت الإدارة، بفضل تدخلاتها الشخصية، من تأمين قراءة وتفسير هذه الفحوصات، مما ساهم في تحسين التكفل بالمرضى وتقديم تشخيص سريع وفعّال، خصوصًا للحالات المستعجلة.
في ظل هذه المعطيات، يطرح العديد من المتابعين تساؤلات حول خلفيات قرار نقل المديرة والطبيبة الوحيدة للنساء والتوليد بالمستشفى. فبينما يُروج بأن الأمر يندرج ضمن إعادة انتشار للمسؤولين، تشير بعض المصادر إلى أن القرار قد يكون مدفوعًا باعتبارات سياسية أكثر من كونه مسألة تدبير صحي.
يأتي هذا القرار في وقت يشهد فيه المغرب تنفيذ الورش الملكي الخاص بالحماية الاجتماعية، وهو المشروع الذي يهدف إلى توسيع استفادة عموم المواطنين من الخدمات الصحية. ومع ذلك، فإن مثل هذه القرارات قد تعرقل تحقيق هذا الهدف، خاصة عندما تؤدي إلى نقص حاد في الخدمات الطبية الأساسية، مثل رعاية النساء الحوامل والإشراف على الولادات.
إن نقل الطبيبة الوحيدة المتخصصة في أمراض النساء والتوليد قد يهدد فعليًا إمكانية حصول أكثر من 56 الف أسرة على الرعاية الطبية العاجلة، مما يفتح الباب أمام انعكاسات خطيرة على صحة الأمهات والأطفال حديثي الولادة.