الجمعة 21 فبراير 2025
كتاب الرأي

جلال كندالي: ضد المشككين في تفكيك الخلايا الإرهابية.. حين يصبح التشكيك مهنة.. والهيلوكبترعدوا شخصيا

جلال كندالي: ضد المشككين في تفكيك الخلايا الإرهابية.. حين يصبح التشكيك مهنة.. والهيلوكبترعدوا شخصيا جلال كندالي
أتعجب كثيرا من بعض البشر الذين أنعم الله عليهم بعقل يميز بين الأشياء، لكنهم يصرون على تعطيله عند الحاجة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بموضوعات بديهية كضرورة التصدي للإرهاب.
والأغرب أن هذه العادة ليست مقتصرة على البعض من عامة الناس، بل تتفشى بين من يظنون أنفسهم "النخبة" أو "الانتلجنسيا"، فتراهم يتعاملون مع أي عملية استباقية لتفكيك الخلايا الإرهابية وكأنها مجرد "مسرحية هزلية" من إنتاج وزارة الداخلية وإخراج قوات الأمن، مع طاقم تمثيلي يتكون من مواطنين كومبارس يصفقون ببراءة وببراعة أيضا. 
وحين تحاول محاججتهم بالمنطق والحجج الدامغة، لا يمنحون أنفسهم حتى لحظة لإعمال عقولهم، بل يستمرون في ترديد أسطواناتهم المشروخة: "لماذا كل هذه القوات؟ لماذا الهيلوكبترات؟ لماذا لا يقبض على الإرهابيين بلطف، وكأنهم تأخروا عن موعد شرب الشاي في المخفر؟!
والطريف أن هؤلاء المتفلسفين يعرفون الإجابة مسبقا، فاستعمال القوات المدججة والطائرات ليس استعراضا في مهرجان، بل لضمان نجاح العمليات الأمنية والحد من المخاطر. لكن لا هم يفضلون العيش في عالمهم الموازي، حيث الإرهابيون ربما مجرد "كائنات فضائية مسالمة" هبطت في عطلة سياحية، وقوات الأمن "فرقة مسرحية" تؤدي عروضا ليل نهار.
والمفارقة العجيبة أن المواطنين العاديين، الذين يشاهدون العمليات الأمنية عن قرب، يدركون حجم الخطر، فتراهم يلعنون الإرهابيين وعقولهم الظلامية، ويشيدون بيقظة الأجهزة الأمنية. لكن أصحاب نظرية المؤامرة لا يكترثون، بل يعتبرون هؤلاء المواطنين جزءا من السيناريو، مجرد "كومبارس" يؤدي دوره بإتقان!
وبالمناسبة، تذكرت نكتة مغربية قديمة تنطبق تماما على هؤلاء المشككين: يحكى أن رجلا كان يقضي حاجته في الخلاء، وفجأة مرت هيلوكبتر فوق رأسه. من شدة الخوف، التقط زجاجة بدل الحجر، فأصاب نفسه في موضع حساس، وعندما سأله أصدقاؤه عما أصابه، أجاب بثقة: "ضرباتني طيارة"
وهكذا، كلما سمعت أحدهم يتساءل بسذاجة عن سبب استخدام "الهيليكوبترات"، أقول في نفسي: "مسكين، باين عليه ضرباتو طيارة!".