شهدت رحاب المسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، ليلة الثلاثاء 4 فبراير 2025، تقديم العرض ما قبل الأول لفيلم "بنت الفقيه" لمخرجه حميد زيان ومنتجه احمد السنتيسي، وتوزيع أسماء أكريميش.
الفيلم الكوميدي الدرامي بدأ عرضه في القاعات السينمائية الوطنية، بدء من اليوم الأربعاء 5 فبراير الجاري، في تجربة جديدة مليئة بالأحاسيس الجميلة والتشويق.
تميز العرض المبهر، بحضور نخبة من الفنانين والممثلين والمخرجين، وعدد كبير من الإعلاميين والمسؤولين يتقدمهم وزير الشباب والثقافة والتواصل محمد المهدي بن سعيد، فضلا عن مدير المركز السينمائي بالنيابة عبد العزيز البوجدايني.
وقد شكل هذا العرض، الذي حج اليه فيض من عشاق السينما، منصة فنية وابداعية، لفرجة سينمائية ممتعة، أبدعها جيل جديد من السينمائيين والفنانين الحالمين، خاصة إذا رأينا ان بطلة الفيلم هي الفنانة والمغنية ابتسام تسكت، التي أكدت، على قوة أدائها، وتلقائيتها، ما ساهم في تقديم مشاهد أكثر واقعية وحميمية.
ابتسام في الفيلم، تشكل مرآة حقيقية لنموذج المرأة المغربية الحرة الصامدة وغير الخنوعة، التي تتمرد على العادات والتقاليد، والعنف الأسرى في بعض الأحيان، خاصة أن تركيعها للزواج من شخص غير مقبول، جعلها تهرب إلى فضاء أرحب، حيث المدينة، وعالم الابتزاز، والمصلحة الخاصة، وحيث العنف اللفظي والجسدي والنفسي، والاستغلال.
ابتسام بفطنتها وذكائها تستطيع، أن تهرب مرة أخرى، من المدينة، والعودة إلى عالمها الصغير في قريتها، ثم تعود مرة أخرى، إلى المدينة، ليتم احتجازها، لكن هذه المرة في ظروف جيدة، خاصة أن لها طاقة كبيرة في الغناء، وهي الحلم الذي تسعى إليه، لتصدح حنجرتها الذهبية بأغاني ونبرات غاية في السحر، وهي على جسر الحياة، كأبهى صورة جسدتها زهرة، وفق رؤية إخراجية، أبدعها حميد زيان، بعد فيلمه الرائع، الذي حاز الكثير من الجوائز الدولية وهو "بيل وفاص".
زيان في تصريح بالمناسبة، اعتبر الفيلم، كوكتيلا منوعا من مشاهد كوميدية ودرامية في نفس الوقت، وهو ما يمنح للجمهور المغربي مساحة كبيرة للاستماع بسحر السينما، ضمن قصة مشوقة لفتاة تعيش في منطقة نائية، لكنها تحلم بأن تكون مغنية، وفي طريقها، هاته التي ليست مفروشة بالورود تتعرض للكثير من الضغوط والهموم والمواجع، بهدف استغلالها لجمالها وطيبوبتها، لكن زهرة الذكية كانت لكل المحاولات بالمرصاد، من أجل تحقيق ذاتها، ألا وهي العيش بحرية، وفق سمفوينية لها إيقاع السحر والحلم والجمال.
كما أكد أن الفيلم الذي شخصه، نخبة من الممثلين، وهم، ابتسام تسكت، ربيع القاطي، زينب عبيد، حسن فولان، هشام الوالي، نريمان سدادي، وأحمد الناجي، ومارد حميمو، قصة اجتماعية، فيها موسيقي، وحركة وكوميديا، حيث قررت زهرة أن تكون مغنية، رغم العراقيل، هذه المشاهد ـ كما يقول ـ ربما تعكس جزء من حياة ابتسام تسكت الفنية، فكان الفيلم البلسم الحقيقي لزهرة، وربما عكس جانبا من معاناة البطلة ذات زمان.
رهان المنتج أحمد السنتيسي، الذي يدخل المجال السينمائي لأول مرة، وليس لأخر مرة، هو ترك بصمة قوية، أبرزت سحر الكثير من الفضاءات والمعالم العمرانية والطبيعية للمغرب، حيث أن الفيلم تم تصويره بعدد من الفضاءات سلا خاصة المدينة القديمة، وبالتالي يمكن اعتباره بطاقة بريدية سياحية تبرز جمال المناظر المغربية.
وأعرب السنتيسي، عن سعادته الغامرة بهذا العمل، في أول تجربة له، التي لن تكون الأخيرة، مبرزا أهمية المواهب والكفاءات الشابة في تحقيق النجاح، ومشددا على ضرورة التسويق الأمثل لبلادنا على المستوى العالمي، خاصة أنها تتوفر على الكثير من المناظر والمؤهلات الطبيعية والعمرانية والتاريخية الجميلة، حيث تكون السينما المنصة الحقيقية للترويج لها وابرزاها، بطريقة مثالية.
الفيلم، في الأساس، تغيير للصورة النمطية للمجتمع، وتغيير للصورة السلبية للفتاة وللمرأة المغربية بسبب سيادة تقاليد بالية، وتسليط للضوء على جانب مهم من قوة المرأة المغربية، وفرض شخصيتها وقدرتها على تحقيق ذاتها بطريقتها التي تراها سليمة ومناسبة، انطلاقا من قصة اصيلة تراعي مشاهدها انتظارات الاسر المغربية التواقة الى سينما وطنية واقعية تلامس أحاسيسها.
بهذه المعطيات الفنية العميقة، والاشراقات الإبداعية، التي سطعت بها نجوم المسرح الوطنية محمد الخامس بالرباط، يكون لسحر السينما عند بنت الفقيه طلاسم فنية وابداعية، توحي بروعة قصة زهرة، التي تهرب خائفة، وحوافر الخيل من ورائها تزلزل نبض فؤادها الصغير، لكن اختبائها وراء جدع شجرة، يقودها الى عالم اخر متناقض، عالم رأى فيه ربيع القاطي افاقا اخرى للنجومية وربح المال، حيث تعبر زهرة جسر الحلم بأغنية ولوحة سينمائية غاية أبدعها المخرج حميد زيان غاية في السجر والابهار.