يرى عبد المالك بنار، رئيس الإئتلاف الوطني لجمعيات حماية المستهلكين بالمغرب،أن تعنت الحكومة في إستمرارها باللجوء لاستيراد اللّحوم بكل حيثيات الدعم ، وما رافق ذلك من وعود بالعزم على إعادة توازن سوق اللحوم ، دون أن يظهر لذلك أيّ أثر على سعر المنتوج ووضع المستهلك المغربي ،يعتبر صورة من صور الفشل الذريع لجزء مفصلي من مخطط المغرب الأخضر المعتمد منذ 2007، مع ما استتبع ذلك من ضرر على الاقتصاد الوطني بما يهدّد السّيادة الغذائية للبلاد”.
ويرى بنار في حوار مع أسبوعية “الوطن الآن”، أن “الأسعار مرشّحة للارتفاع، و تعكس الكثير من الأرقام المرتبطة بالموضوع حجم المشكل ،وخطورة استمرار الوضع بوتيرته في القادم من الأيام والمناسبات والظروف البيئية وغيرها كثير.
وفي ما يلي النّصّ الكامل للحوار:
لماذا تستمرّ الحكومة في دعم مستوردي الّلحوم، إذا كان هذا الدّعم لا يحدث الفارق المطلوب، ولا يخدم المستهلكين؟
قبل الحديث عن تعنت الحكومة في الاستمرار بتقديم الدعم رغم انعدام النتائج الإيجابية لذلك، يجب تحديد الجزء الظّاهر من أشكال الدعم، بهدف الوقوف على حجم المشكل وأبعاده وآثاره ذلك على الدارة الاقتصادية للبلد، ووضع المستهلك في النهاية.
أولا: أنواع الدعم
1. تعليق رسوم الاستيراد على الاستيراد بالنسبة للبقر والغنم المستورد وكذا اللحوم المجمدة؛
2. الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة لنفس المجال والعناصر؛
3. دعم استيراد الغنم في حدود 500 درهم لكل رأس؛
4. دعم تربية العجول في حدود 6 آلاف درهم لكل عجل شريطة أن يتوفّر المربي على 5 أبقار أو 10 أبقار؛
5. دعم الأعلاف الموجهة للقطاع؛
6. دعم الشعير الموجه لعلف الماشية.
ثانيا: استيراد أكثر من 1500 طن من اللحوم البرازيلية وكميات أخرى، ومنع ذبح أنثى البقر.
إذن، رغم كل هذه الإجراءات والتدابير المحمودة، من حيث المبدأ، ظلّ سعر اللّحوم في أرقامه القياسية، بل هو مرشّح لتحطيم أرقام أخرى مع توالي الشّهور المقبلة. والسؤال: لماذا هذا التعنت في اعتماد نهج ثبت فشله العملي بالأرقام العلمية، وبحجة الواقع الذي يكتوي بناره المستهلك المغربي؟
في تصور الإئتلاف الوطني لجمعيات حماية المستهلكين هناك أسباب عدّة:
الأول: هو أنّ الحكومة تعتبر أنها قامت بما يلزم، من خلال سنّ الإجراءات السالف ذكرها ورصد أشكال الدعم المطلوب، والتي كان يفترض أن تؤثر على العرض والسعر لصالح المستهلك. وهذا صحيح إلى حدّ ما. لكن لا يكفي تقديم الدعم لتأطير العرض، بل يفترض أن تتمّ عقلنة اشكال الدّعم وإجراءات رصده، السّابقة منها واللاّحقة، حتّى تتحقّق الأهداف النّهائية المتمثّلة في توفير المنتوج بالجودة والسّعر المطلوبين. وهذا يقتضي تتبع المعيقات واستجلاء الثّغرات التّنظيمية التي حالت دون ذلك في سلسلة القيم من الإنتاج والتّوزيع والتّسويق.
الثّاني: هو انعدام التّنسيق بين الإدارات الوصية في علاقتها بباقي الدّوائر الفاعلة. ويتجلّى ذلك من خلال انعدام تتبع مآلات آثار الدّعم من قبل مصالح المراقبة التّابعة لمختلف الإدارات والمصالح المعنية. صحيح أننا أمام منتوج محرّر، لكن السّلطات العمومية تملك صلاحيات كبيرة للتّأثير أكثر في مسار التّموين والأسعار.
الثّالث: يبدو أن الدّعم “الفلكوري” واستمراره بأسباب عديمة التبرير والجدوى (بمقياس المستهلك)، له بواعث سّياسية بنكهة الإستهلاك الاجتماعي، أكثر منها اقتصادية.
الرّابع: صرف الدعم هو تنفيذ لبرنامج يجب أن يصار به إلى النّهاية، إذ لا يمكن الحكم على نتائجه في منظور من يخصّصونه، قبل صرفه نهائيا.وإلا ما معنى استمرار التّتبع السّلبي لنزيف جيوب المستهلكين.
الخامس: انعدام وجود ضغط فعليّ على صانعي قرار الدّعم خاصة جمعيات المجتمع المدني المؤثّرة في هاته القرارات.
السّادس: نجاح لوبي استيراد الماشية واللّحوم في ضبط إيقاع مسيرة هذا الدّعم، رغم فشل نتائجه.
هل يمكن تفسير ذلك بفشل استراتيجيات الحكومة في تعزيز القدرة الإنتاجية المحلية، خاصّة أن المسؤولين عن القطاع يرجعون الأزمة إلى الجفاف؟
نعم الفشل الذريع هو عنوان تدبير المرحلة، والنتائج الحالية هي كارثية بالنسبة لشريحة عريضة من المستهلكين بالمغرب، خاصة وأن فئة من الفاعلين في القطاع تبرر فشل النتائج بسلوك العناصر الأخرى المشكلة لمشهد سلسلة القيم. ويستمر تراشق التهم والمسؤوليات، ليبقى المستهلك هو الضّحية الأول والأخير لتنفيذ هكذا برنامج. فقد رفع برنامج مخطّط المغرب الأخضر منذ 2007 عدّة شعارات بسقف مرتفع مرتبط بتحديث أساليب تربية المواشي، وتثمين السّلالات وزيادة اللّحوم الحمراء وتشجيع الاستثمار في قطاع المواشي من خلال إنشاء التّعاونيات واعتماد التّكامل في سلاسل القيم. والنتيجة الحالية، ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، وقلة العرض، رغم كل أشكال الدعم بملابساته السابق ذكرها.
لكن، هل الجفاف هو المسؤول عن الارتفاع الصّاروخي المستمرّ في أسعار اللحوم والأسماك والخضر والفواكه؟
صحيح للجفاف دور في الموضوع، شريطة الا تتحول الظاهرة البيئية لشماعة تخفي الأسباب الحقيقية، والموضوعية لمعضلة التموين البنيوبة ،بسبب زيادة الضّغط على الموارد المائية التي تهدر في مجالات تقلّ أهمية عن ضرورة توفير المراعي، والتّخطيط لتوزيع الثّروة الحيوانية، وفرص الوصول إلى الدعم. ونفس المعاناة يتكبّدها مستهلك الأسماك بالمغرب،إذ رغم توفّر المغرب على كلّ مقومات الاكتفاء الذاتي من الأسماك بكل أنواعها، ويعود السّبب في ذلك إلى ما يلي:
· تعدد الوسطاء، إذ يصل معدّلهم إلى 5 وسطاء ما بين مرحلة الإنتاج، أي مركب أو باخرة الصيد والمستهلك.
· جزء كبير من هذه الأسماك لا يمرّ عبر المسالك القانونية التي تمكن من تتبّع المسالك الفعلية لتسويق هذه الأسماك؛ بتهريب ممنهج.
· غيّاب كلّي لأجهزة المراقبة، رغم وجود نصوص قانونية واضحة تسند مسؤولية المراقبة والتتبع في كل مراحل التّسويق، وعلى الخصوص في أسواق الجملة للخضر والفواكه والأسماك؛
· تداخل الاختصاص بالنّسبة لمجالات المراقبة ونطاقها. مثلا لا يمكن لأعوان وزارة الصّيد البحري، وكذا المكتب الوطني للصّيد مراقبة وتتبع مسالك تسويق الأسماك على النحو المذكور سابقا في إطار الفصل 61 من حرية الأسعار والمنافسة، في حين يسمح بذلك للأعوان التّابعين لوزارة الدّاخلية التي لا تعتبر أصلا وصية على القطاع؛
· الصيد الجائر، سواء من خلال تجاوز الحصص المسموح بها رسميا أو من خلال صيد الأسماك لا يسمح باصطيادها أثناء الرّاحة البيولوجية، أو بالنظر لصغر حجمها.
كل هذه العوامل وغيرها تلعب دورا في مسبح الواقع التّمويني للأسماك من حيث الوفرة والسّعر. ونفس الشيء بالنّسبة للخضر بخصوصيات مختلفة عن قطاع الأسماك.
لكن، ما سرّ الاستمرار في التّوجّه إلى الأسواق الخارجية للتّخفيف من أزمة اللّحوم؟
ترجع الأسباب بالأساس إلى فشل برنامج وأهداف ونتائج مخطّط المغرب الأخضر، خاصّة بالنسبة لقطاع تربية المواشي، ولعل الهدف في هذا التوجه هو ما يلي:
ويرى بنار في حوار مع أسبوعية “الوطن الآن”، أن “الأسعار مرشّحة للارتفاع، و تعكس الكثير من الأرقام المرتبطة بالموضوع حجم المشكل ،وخطورة استمرار الوضع بوتيرته في القادم من الأيام والمناسبات والظروف البيئية وغيرها كثير.
وفي ما يلي النّصّ الكامل للحوار:
لماذا تستمرّ الحكومة في دعم مستوردي الّلحوم، إذا كان هذا الدّعم لا يحدث الفارق المطلوب، ولا يخدم المستهلكين؟
قبل الحديث عن تعنت الحكومة في الاستمرار بتقديم الدعم رغم انعدام النتائج الإيجابية لذلك، يجب تحديد الجزء الظّاهر من أشكال الدعم، بهدف الوقوف على حجم المشكل وأبعاده وآثاره ذلك على الدارة الاقتصادية للبلد، ووضع المستهلك في النهاية.
أولا: أنواع الدعم
1. تعليق رسوم الاستيراد على الاستيراد بالنسبة للبقر والغنم المستورد وكذا اللحوم المجمدة؛
2. الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة بالنسبة لنفس المجال والعناصر؛
3. دعم استيراد الغنم في حدود 500 درهم لكل رأس؛
4. دعم تربية العجول في حدود 6 آلاف درهم لكل عجل شريطة أن يتوفّر المربي على 5 أبقار أو 10 أبقار؛
5. دعم الأعلاف الموجهة للقطاع؛
6. دعم الشعير الموجه لعلف الماشية.
ثانيا: استيراد أكثر من 1500 طن من اللحوم البرازيلية وكميات أخرى، ومنع ذبح أنثى البقر.
إذن، رغم كل هذه الإجراءات والتدابير المحمودة، من حيث المبدأ، ظلّ سعر اللّحوم في أرقامه القياسية، بل هو مرشّح لتحطيم أرقام أخرى مع توالي الشّهور المقبلة. والسؤال: لماذا هذا التعنت في اعتماد نهج ثبت فشله العملي بالأرقام العلمية، وبحجة الواقع الذي يكتوي بناره المستهلك المغربي؟
في تصور الإئتلاف الوطني لجمعيات حماية المستهلكين هناك أسباب عدّة:
الأول: هو أنّ الحكومة تعتبر أنها قامت بما يلزم، من خلال سنّ الإجراءات السالف ذكرها ورصد أشكال الدعم المطلوب، والتي كان يفترض أن تؤثر على العرض والسعر لصالح المستهلك. وهذا صحيح إلى حدّ ما. لكن لا يكفي تقديم الدعم لتأطير العرض، بل يفترض أن تتمّ عقلنة اشكال الدّعم وإجراءات رصده، السّابقة منها واللاّحقة، حتّى تتحقّق الأهداف النّهائية المتمثّلة في توفير المنتوج بالجودة والسّعر المطلوبين. وهذا يقتضي تتبع المعيقات واستجلاء الثّغرات التّنظيمية التي حالت دون ذلك في سلسلة القيم من الإنتاج والتّوزيع والتّسويق.
الثّاني: هو انعدام التّنسيق بين الإدارات الوصية في علاقتها بباقي الدّوائر الفاعلة. ويتجلّى ذلك من خلال انعدام تتبع مآلات آثار الدّعم من قبل مصالح المراقبة التّابعة لمختلف الإدارات والمصالح المعنية. صحيح أننا أمام منتوج محرّر، لكن السّلطات العمومية تملك صلاحيات كبيرة للتّأثير أكثر في مسار التّموين والأسعار.
الثّالث: يبدو أن الدّعم “الفلكوري” واستمراره بأسباب عديمة التبرير والجدوى (بمقياس المستهلك)، له بواعث سّياسية بنكهة الإستهلاك الاجتماعي، أكثر منها اقتصادية.
الرّابع: صرف الدعم هو تنفيذ لبرنامج يجب أن يصار به إلى النّهاية، إذ لا يمكن الحكم على نتائجه في منظور من يخصّصونه، قبل صرفه نهائيا.وإلا ما معنى استمرار التّتبع السّلبي لنزيف جيوب المستهلكين.
الخامس: انعدام وجود ضغط فعليّ على صانعي قرار الدّعم خاصة جمعيات المجتمع المدني المؤثّرة في هاته القرارات.
السّادس: نجاح لوبي استيراد الماشية واللّحوم في ضبط إيقاع مسيرة هذا الدّعم، رغم فشل نتائجه.
هل يمكن تفسير ذلك بفشل استراتيجيات الحكومة في تعزيز القدرة الإنتاجية المحلية، خاصّة أن المسؤولين عن القطاع يرجعون الأزمة إلى الجفاف؟
نعم الفشل الذريع هو عنوان تدبير المرحلة، والنتائج الحالية هي كارثية بالنسبة لشريحة عريضة من المستهلكين بالمغرب، خاصة وأن فئة من الفاعلين في القطاع تبرر فشل النتائج بسلوك العناصر الأخرى المشكلة لمشهد سلسلة القيم. ويستمر تراشق التهم والمسؤوليات، ليبقى المستهلك هو الضّحية الأول والأخير لتنفيذ هكذا برنامج. فقد رفع برنامج مخطّط المغرب الأخضر منذ 2007 عدّة شعارات بسقف مرتفع مرتبط بتحديث أساليب تربية المواشي، وتثمين السّلالات وزيادة اللّحوم الحمراء وتشجيع الاستثمار في قطاع المواشي من خلال إنشاء التّعاونيات واعتماد التّكامل في سلاسل القيم. والنتيجة الحالية، ارتفاع غير مسبوق في الأسعار، وقلة العرض، رغم كل أشكال الدعم بملابساته السابق ذكرها.
لكن، هل الجفاف هو المسؤول عن الارتفاع الصّاروخي المستمرّ في أسعار اللحوم والأسماك والخضر والفواكه؟
صحيح للجفاف دور في الموضوع، شريطة الا تتحول الظاهرة البيئية لشماعة تخفي الأسباب الحقيقية، والموضوعية لمعضلة التموين البنيوبة ،بسبب زيادة الضّغط على الموارد المائية التي تهدر في مجالات تقلّ أهمية عن ضرورة توفير المراعي، والتّخطيط لتوزيع الثّروة الحيوانية، وفرص الوصول إلى الدعم. ونفس المعاناة يتكبّدها مستهلك الأسماك بالمغرب،إذ رغم توفّر المغرب على كلّ مقومات الاكتفاء الذاتي من الأسماك بكل أنواعها، ويعود السّبب في ذلك إلى ما يلي:
· تعدد الوسطاء، إذ يصل معدّلهم إلى 5 وسطاء ما بين مرحلة الإنتاج، أي مركب أو باخرة الصيد والمستهلك.
· جزء كبير من هذه الأسماك لا يمرّ عبر المسالك القانونية التي تمكن من تتبّع المسالك الفعلية لتسويق هذه الأسماك؛ بتهريب ممنهج.
· غيّاب كلّي لأجهزة المراقبة، رغم وجود نصوص قانونية واضحة تسند مسؤولية المراقبة والتتبع في كل مراحل التّسويق، وعلى الخصوص في أسواق الجملة للخضر والفواكه والأسماك؛
· تداخل الاختصاص بالنّسبة لمجالات المراقبة ونطاقها. مثلا لا يمكن لأعوان وزارة الصّيد البحري، وكذا المكتب الوطني للصّيد مراقبة وتتبع مسالك تسويق الأسماك على النحو المذكور سابقا في إطار الفصل 61 من حرية الأسعار والمنافسة، في حين يسمح بذلك للأعوان التّابعين لوزارة الدّاخلية التي لا تعتبر أصلا وصية على القطاع؛
· الصيد الجائر، سواء من خلال تجاوز الحصص المسموح بها رسميا أو من خلال صيد الأسماك لا يسمح باصطيادها أثناء الرّاحة البيولوجية، أو بالنظر لصغر حجمها.
كل هذه العوامل وغيرها تلعب دورا في مسبح الواقع التّمويني للأسماك من حيث الوفرة والسّعر. ونفس الشيء بالنّسبة للخضر بخصوصيات مختلفة عن قطاع الأسماك.
لكن، ما سرّ الاستمرار في التّوجّه إلى الأسواق الخارجية للتّخفيف من أزمة اللّحوم؟
ترجع الأسباب بالأساس إلى فشل برنامج وأهداف ونتائج مخطّط المغرب الأخضر، خاصّة بالنسبة لقطاع تربية المواشي، ولعل الهدف في هذا التوجه هو ما يلي:
1. سدّ الفجوة بين العرض والطلب وهو ما لم يتحقّق؛
2. التّحكّم في الأسعار، ورغم ذلك فأثمان اللّحوم المستوردة ليست في مستوى التّدنّي لتحقّق الفرق وتؤثّر على بنية العرض؛
3. محاولة توفير التّنوع في اللّحوم الحمراء غير المتوفّرة محليا؛
4. الاستجابة للطّلب الموسمي وفي فترات ومواسم الذروة؛
5. التّأثير على الإنتاج المحلّي لتوفير الفرصة لاستعادة توازن القطيع والتّموين.
هل يتّجه المغرب نحو فقدان سيادته الغذائية؟ وما كلفة ذلك على المستويات السّياسية والاقتصادية والاجتماعية؟
بالتّأكيد، فكلّما زادت نسبة استيراد اللّحوم الحمراء مقارنة بالإنتاج المحلي، كلّما انخفض صبيب مستوى السّيادة الغذائية، خاصة عندما يتم اعتماد مصدر واحد في الاستيراد، مما يزيد من خطورة فقدان السيادة الغذائية. خاصة وأن المغرب لا يملك القدرة على التّأثير في سعر اللّحوم على المستوى العالميّ، ولا توجد سياسة استراتيجية واضحة لدعم الإنتاج المحلي ،بدليل أن 92% من مربي الأبقار لا يستحقون دعم 6 آلاف درهم للعجل الواحد، لأنهم لا يتوّفرون على أكثر من 5 بقرات في المعدل كمعيار لرصد الدّعم المذكور.
أكيد هناك أزمات عالمية، من حروب وفتن وكوارث، قد تعطّل الاستيراد وتعرض السّيادة الغذائية المغربية للخطورة.
من نتائج ذلك، عجز الدولة عن اتخاذ قرارات سياسية مستقلّة، والتعرّض للضّغوط الخارجية، وعدم الاستقرار السياسي نتيجة احتجاجات اجتماعية. كما أن ارتفاع أسعار اللّحوم يؤثر على القدرة الشّرائية للمستهلكين، م والأمنما يؤدي حتما إلى تفاقم معضلة الفقر وسوء التّغذية، علاوة على فقدان فرص العمل في قطاع الإنتاج، وتنامي التّفاوتات الاجتماعية، والهجرة من الأرياف إلى المدن بسبب انعدام فرص زيادة الإنتاج في قطاع الرّعي بالبوادي.وكلّ هذه العوامل لها تأثير على السّلم الاجتماعيين
ولماذا لا تركّز الحكومة على تطوير قطاع الإنتاج المحلّي لتحقيق الاكتفاء الذاتي بدل الرّهان على المورّدين؟
يعود سبب ذلك في اعتقادنا إلى الارتجال في اتخاذ القرار، واعتماد سياسة ترقيعية لعلاج الإشكال مؤقّتا، لأن الاستيراد على ما يبدو جزء من المشهد لأنه الحلّ الأرخص والأسرع، عوض انتظار نتائج تطوير القطاع كلّيا.
وإلى جانب ذلك، هناك ضغط المستوردين وأصحاب المصالح في العملية الاستيرادية. وكل ما سبق ذكره يؤدي إلى إهمال قطاع الإنتاج المحلي،في ظل ضعف البنية التحتية اللازمة لتطوير قطاع الإنتاج المحلي كنقص المسالخ، ومستودعات التخزين..، إضافة الى تركيز الدّولة على قطاعات أخرى تعتبرها أكثر أهمية، فضلا عن نقص الخبرة العلمية المتطوّرة في مجال تطوير إنتاج وتخزين اللّحوم، والاعتماد على الوسائل الفلاحيّة التّقليدية.
ماهو تصوركم كمجتمع مدني لتدارك الخلل التمويني، وعلى مستوى الأسعار؟
إنّ برمجة وتنفيذ الدعم في أي قطاع ،يستلزم تتبع مساراته بما في ذلك تحقيق الأهداف . ومن أهداف دعم سوق اللحوم، تخفيض سعره ليكون في متناول المستهلك العادي. لكن أن يرصد الدعم بهذه التركيبة والحماس دون تحقيق النتيجة ، فهذا يعني وجود خلل ما في منظومة الدعم . فأثمان اللحوم تعرف ارتفاعا فاحشا مقارنة بالقدرة الشرائية للمواطن العادي ، مما يحول الظاهرة الى ظرف استثنائي يرتبط بالجفاف و تداعياته. وهذا يعني أيضا أن القطاع يعيش ظروفا غير عادية ، تستلزم تطبيق مقتضيات المادة 4 من القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة . التي تستوجب قيام المصالح المعنية بتحديد مؤقت لأسعار هذا المنتوج خاصة ، وذلك لمدة 6 أشهر قابلة للتجديد، في محاولة لإرجاع توازن سوق هذا المنتوج خاصة. وأنه مدعم.
أما الإقتراح الثّاني فيرتبط بالتماس قيام المصالح المعنية بالمراقبة لتتبّع المسالك الفعلية للتسويق ،إما بطريقة مباشرة فيما لو تم تحديد الأسعار أو تسقيفها على الأقل. أو التأثير على ذات الأسعار بطريقة غير مباشرة من خلال تتبع المسار الوثائقي المرتبط بالمنتوج من طرف المصالح الضريبية، خاصة وأن جل مهنيي القطاع يتمسّكون بنسب الأرباح السابقة ويعتبرونها حقا مكتسبا. أو عند الإقتضاء، من قبل المصالح الأخرى المعنية بالفوترة وإعلان الأثمان.