عبد المالك بنار: هذه خلفيات دعم مستوردي اللّحوم وكيف يهدّد هذا الدعم السّيادة الغذائية للمغرب

عبد المالك بنار: هذه خلفيات دعم مستوردي اللّحوم وكيف يهدّد هذا الدعم السّيادة الغذائية للمغرب عبد‭ ‬المالك‭ ‬بنار
يرى‭ ‬عبد‭ ‬المالك‭ ‬بنار،‭ ‬رئيس‭ ‬الإئتلاف‭ ‬الوطني‭ ‬لجمعيات‭ ‬حماية‭ ‬المستهلكين‭ ‬بالمغرب،أن‭ ‬تعنت‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬إستمرارها‭ ‬‮ ‬باللجوء‭ ‬لاستيراد‭ ‬اللّحوم‭ ‬بكل‭ ‬حيثيات‭ ‬الدعم‭ ‬،‭ ‬وما‭ ‬رافق‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬وعود‭ ‬بالعزم‭ ‬على‭ ‬إعادة‭ ‬توازن‭ ‬سوق‭ ‬اللحوم‭ ‬،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يظهر‭ ‬لذلك‮ ‬‭ ‬أيّ‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬سعر‭ ‬المنتوج‮ ‬‭ ‬ووضع‭ ‬المستهلك‭ ‬‮ ‬المغربي‭ ‬،يعتبر‭ ‬صورة‮ ‬‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬الفشل‭ ‬الذريع‭ ‬لجزء‭ ‬مفصلي‭ ‬من‭ ‬مخطط‭ ‬المغرب‭ ‬الأخضر‭ ‬المعتمد‭ ‬‮ ‬منذ‭ ‬2007،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬استتبع‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬ضرر‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطني‮ ‬‭ ‬بما‭ ‬يهدّد‭ ‬السّيادة‭ ‬الغذائية‭ ‬للبلاد”‭.‬
‮ ‬ويرى‭ ‬بنار‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬أسبوعية‭ ‬“
الوطن‭ ‬الآن”،‭ ‬أن‭ ‬“الأسعار‭ ‬مرشّحة‭ ‬للارتفاع،‭ ‬و‭ ‬تعكس‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأرقام‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالموضوع‭ ‬حجم‭ ‬المشكل‭ ‬،وخطورة‭ ‬استمرار‭ ‬الوضع‭ ‬بوتيرته‭ ‬في‭ ‬القادم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬والمناسبات‭ ‬والظروف‭ ‬البيئية‭ ‬وغيرها‭ ‬كثير‭.‬
‮ ‬وفي‭ ‬ما‭ ‬يلي‭ ‬النّصّ‭ ‬الكامل‭ ‬للحوار‭:‬





لماذا‭ ‬تستمرّ‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬مستوردي‭ ‬الّلحوم،‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الدّعم‭ ‬لا‭ ‬يحدث‭ ‬الفارق‭ ‬المطلوب،‭ ‬ولا‭ ‬يخدم‭ ‬المستهلكين؟
 قبل‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تعنت‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬الاستمرار‭ ‬بتقديم‭ ‬الدعم‭ ‬رغم‭ ‬انعدام‭ ‬النتائج‭ ‬الإيجابية‭ ‬لذلك،‭ ‬يجب‭ ‬تحديد‭ ‬الجزء‭ ‬الظّاهر‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الدعم،‮ ‬بهدف‭ ‬الوقوف‭ ‬على‭ ‬حجم‭ ‬المشكل‭ ‬وأبعاده‭ ‬وآثاره‮ ‬‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬الدارة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للبلد،‭ ‬ووضع‭ ‬المستهلك‭ ‬في‭ ‬النهاية‭.‬

أولا‭:‬‭ ‬أنواع‭ ‬الدعم
1.‭ ‬تعليق‭ ‬رسوم‭ ‬الاستيراد‭ ‬على‭ ‬الاستيراد‭ ‬بالنسبة‭ ‬للبقر‭ ‬والغنم‭ ‬المستورد‭ ‬وكذا‭ ‬اللحوم‭ ‬المجمدة؛
2.‭ ‬الإعفاء‭ ‬من‭ ‬الضريبة‭ ‬على‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لنفس‭ ‬المجال‭ ‬والعناصر؛
3.‭ ‬دعم‭ ‬استيراد‭ ‬الغنم‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬500‭ ‬درهم‭ ‬لكل‭ ‬رأس؛
4.‭ ‬دعم‭ ‬تربية‭ ‬العجول‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬6‭ ‬آلاف‭ ‬درهم‭ ‬لكل‭ ‬عجل‭ ‬شريطة‭ ‬أن‭ ‬يتوفّر‭ ‬المربي‭ ‬على‭ ‬5‭ ‬أبقار‭ ‬أو‭ ‬10‭ ‬أبقار؛
5.‭ ‬دعم‭ ‬الأعلاف‭ ‬الموجهة‭ ‬للقطاع؛
6.‭ ‬دعم‭ ‬الشعير‭ ‬الموجه‭ ‬لعلف‭ ‬الماشية‭.‬

ثانيا‭:‬‭ ‬استيراد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1500‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬اللحوم‭ ‬البرازيلية‭ ‬وكميات‭ ‬أخرى،‭ ‬ومنع‭ ‬ذبح‭ ‬أنثى‭ ‬البقر‭.‬
إذن،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬‮ ‬والتدابير‭ ‬المحمودة،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المبدأ،‭ ‬ظلّ‭ ‬سعر‭ ‬اللّحوم‭ ‬في‭ ‬أرقامه‭ ‬القياسية،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬مرشّح‭ ‬لتحطيم‭ ‬أرقام‭ ‬أخرى‭ ‬مع‭ ‬توالي‭ ‬الشّهور‭ ‬المقبلة‭. ‬والسؤال:‭ ‬لماذا‭ ‬هذا‭ ‬التعنت‭ ‬في‭ ‬اعتماد‮ ‬‭ ‬نهج‭ ‬ثبت‭ ‬فشله‮ ‬‭ ‬العملي‭ ‬بالأرقام‭ ‬العلمية،‭ ‬وبحجة‭ ‬الواقع‭ ‬الذي‭ ‬يكتوي‭ ‬بناره‭ ‬المستهلك‭ ‬المغربي؟
في‭ ‬تصور‭ ‬الإئتلاف‭ ‬الوطني‭ ‬لجمعيات‭ ‬حماية‭ ‬المستهلكين‭ ‬هناك‭ ‬أسباب‭ ‬عدّة:

الأول‭:‬‭ ‬هو‭ ‬أنّ‭ ‬الحكومة‭ ‬تعتبر‭ ‬أنها‭ ‬قامت‭ ‬بما‭ ‬يلزم،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سنّ‭ ‬الإجراءات‭ ‬السالف‭ ‬ذكرها‭ ‬ورصد‭ ‬أشكال‭ ‬الدعم‭ ‬المطلوب،‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬العرض‭ ‬والسعر‭ ‬لصالح‭ ‬المستهلك‭. ‬وهذا‭ ‬صحيح‭ ‬إلى‭ ‬حدّ‭ ‬ما‭.‬‮ ‬‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬لتأطير‭ ‬العرض،‭ ‬بل‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تتمّ‭ ‬عقلنة‭ ‬اشكال‭ ‬الدّعم‭ ‬وإجراءات‭ ‬‮ ‬رصده،‭ ‬السّابقة‭ ‬‮ ‬منها‭ ‬واللاّحقة،‭ ‬حتّى‭ ‬تتحقّق‭ ‬الأهداف‭ ‬النّهائية‭ ‬المتمثّلة‭ ‬في‭ ‬توفير‭ ‬المنتوج‭ ‬بالجودة‭ ‬والسّعر‭ ‬المطلوبين‭. ‬وهذا‭ ‬يقتضي‭ ‬تتبع‭ ‬المعيقات‭ ‬واستجلاء‭ ‬الثّغرات‭ ‬التّنظيمية‭ ‬التي‭ ‬حالت‭ ‬دون‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬سلسلة‮ ‬‭ ‬القيم‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتّوزيع‭ ‬والتّسويق‭.‬

الثّاني‭:‬‭ ‬هو‭ ‬انعدام‭ ‬التّنسيق‭ ‬بين‭ ‬الإدارات‭ ‬الوصية‭ ‬في‭ ‬علاقتها‭ ‬بباقي‭ ‬الدّوائر‭ ‬الفاعلة‭. ‬ويتجلّى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬انعدام‭ ‬تتبع‭ ‬مآلات‭ ‬آثار‭ ‬الدّعم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مصالح‭ ‬المراقبة‭ ‬التّابعة‭ ‬لمختلف‭ ‬الإدارات‭ ‬والمصالح‭ ‬المعنية‭. ‬صحيح‭ ‬أننا‭ ‬أمام‭ ‬منتوج‭ ‬محرّر،‭ ‬لكن‭ ‬السّلطات‭ ‬العمومية‭ ‬تملك‭ ‬صلاحيات‭ ‬كبيرة‭ ‬للتّأثير‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬مسار‭ ‬التّموين‮ ‬‭ ‬والأسعار‭.‬

الثّالث‭:‬‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الدّعم‭ ‬“الفلكوري”‭ ‬واستمراره‭ ‬بأسباب‭ ‬عديمة‭ ‬التبرير‭ ‬والجدوى‭ ‬­­(بمقياس‭ ‬المستهلك)،‭ ‬له‭ ‬بواعث‭ ‬سّياسية‭ ‬بنكهة‭ ‬الإستهلاك‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬أكثر‭ ‬منها‭ ‬اقتصادية‭.‬

الرّابع‭:‬‭ ‬صرف‭ ‬الدعم‭ ‬هو‭ ‬تنفيذ‭ ‬لبرنامج‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يصار‭ ‬به‭ ‬إلى‭ ‬النّهاية،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬نتائجه‭ ‬في‭ ‬منظور‭ ‬من‭ ‬يخصّصونه،‭ ‬قبل‭ ‬صرفه‭ ‬نهائيا‭.‬وإلا‭ ‬ما‭ ‬معنى‭ ‬استمرار‭ ‬التّتبع‭ ‬السّلبي‭ ‬لنزيف‭ ‬جيوب‭ ‬المستهلكين‭.‬

الخامس‭:‬‭ ‬انعدام‭ ‬وجود‭ ‬ضغط‭ ‬فعليّ‭ ‬على‭ ‬صانعي‭ ‬قرار‭ ‬الدّعم‭ ‬‮ ‬خاصة‭ ‬جمعيات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬المؤثّرة‭ ‬في‭ ‬هاته‭ ‬القرارات‭.‬

السّادس‭:‬‭ ‬نجاح‭ ‬لوبي‭ ‬استيراد‭ ‬الماشية‭ ‬واللّحوم‭ ‬في‭ ‬ضبط‭ ‬إيقاع‭ ‬مسيرة‭ ‬هذا‭ ‬الدّعم،‭ ‬رغم‭ ‬فشل‭ ‬نتائجه‭.‬

 هل‭ ‬يمكن‭ ‬تفسير‭ ‬ذلك‭ ‬بفشل‭ ‬استراتيجيات‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬القدرة‭ ‬الإنتاجية‭ ‬المحلية،‭ ‬خاصّة‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬عن‭ ‬القطاع‭ ‬يرجعون‭ ‬الأزمة‭ ‬إلى‭ ‬الجفاف؟
 نعم‭ ‬الفشل‭ ‬الذريع‭ ‬هو‭ ‬عنوان‭ ‬تدبير‭ ‬المرحلة،‭ ‬والنتائج‭ ‬الحالية‭ ‬هي‭ ‬كارثية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لشريحة‮ ‬‭ ‬عريضة‭ ‬من‭ ‬المستهلكين‭ ‬بالمغرب،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬الفاعلين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬تبرر‭ ‬فشل‭ ‬النتائج‭ ‬‮ ‬بسلوك‭ ‬العناصر‭ ‬الأخرى‭ ‬المشكلة‭ ‬لمشهد‭ ‬سلسلة‮ ‬‭ ‬القيم‭. ‬ويستمر‭ ‬تراشق‭ ‬التهم‭ ‬والمسؤوليات،‭ ‬ليبقى‭ ‬المستهلك‭ ‬هو‭ ‬الضّحية‭ ‬الأول‭ ‬والأخير‭ ‬لتنفيذ‭ ‬هكذا‭ ‬برنامج‭. ‬فقد‭ ‬رفع‭ ‬برنامج‭ ‬مخطّط‭ ‬المغرب‭ ‬الأخضر‭ ‬منذ‭ ‬2007‭ ‬عدّة‭ ‬شعارات‭ ‬بسقف‭ ‬مرتفع‭ ‬‮ ‬مرتبط‭ ‬بتحديث‭ ‬أساليب‭ ‬تربية‭ ‬المواشي،‭ ‬وتثمين‭ ‬السّلالات‭ ‬وزيادة‭ ‬اللّحوم‭ ‬الحمراء‭ ‬وتشجيع‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬المواشي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إنشاء‭ ‬التّعاونيات‭ ‬واعتماد‭ ‬‮ ‬التّكامل‭ ‬في‭ ‬سلاسل‭ ‬القيم‭. ‬والنتيجة‭ ‬الحالية،‭ ‬ارتفاع‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬الأسعار،‭ ‬وقلة‭ ‬العرض،‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬الدعم‭ ‬بملابساته‭ ‬السابق‭ ‬ذكرها‭.‬
‮ ‬
 لكن،‭ ‬هل‭ ‬الجفاف‭ ‬هو‭ ‬المسؤول‭ ‬عن‭ ‬الارتفاع‭ ‬الصّاروخي‭ ‬المستمرّ‭ ‬في‭ ‬أسعار‭ ‬اللحوم‭ ‬والأسماك‭ ‬والخضر‭ ‬والفواكه؟
 صحيح‮ ‬‭ ‬للجفاف‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬الموضوع،‭ ‬شريطة‭ ‬الا‭ ‬تتحول‭ ‬الظاهرة‭ ‬البيئية‮ ‬‭ ‬لشماعة‭ ‬تخفي‭ ‬الأسباب‭ ‬الحقيقية،‭ ‬والموضوعية‭ ‬لمعضلة‭ ‬التموين‭ ‬البنيوبة‭ ‬،بسبب‭ ‬زيادة‭ ‬الضّغط‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬المائية‭ ‬التي‭ ‬تهدر‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬تقلّ‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬ضرورة‭ ‬توفير‭ ‬المراعي،‭ ‬والتّخطيط‭ ‬لتوزيع‭ ‬الثّروة‭ ‬الحيوانية،‭ ‬وفرص‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الدعم‭. ‬ونفس‭ ‬المعاناة‭ ‬يتكبّدها‭ ‬مستهلك‭ ‬الأسماك‭ ‬بالمغرب،إذ‭ ‬‮ ‬رغم‭ ‬توفّر‭ ‬المغرب‭ ‬على‭ ‬كلّ‭ ‬مقومات‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬من‭ ‬الأسماك‮ ‬‭ ‬بكل‭ ‬أنواعها،‭ ‬ويعود‭ ‬السّبب‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يلي:
·‭ ‬تعدد‭ ‬الوسطاء،‭ ‬إذ‭ ‬يصل‭ ‬معدّلهم‭ ‬إلى‭ ‬5‭ ‬وسطاء‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬مرحلة‭ ‬الإنتاج،‭ ‬أي‭ ‬مركب‭ ‬أو‭ ‬باخرة‭ ‬الصيد‭ ‬والمستهلك‭.‬
·‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأسماك‭ ‬لا‭ ‬يمرّ‭ ‬عبر‭ ‬المسالك‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬تمكن‭ ‬من‭ ‬تتبّع‭ ‬المسالك‭ ‬الفعلية‭ ‬لتسويق‭ ‬هذه‭ ‬الأسماك؛‭ ‬بتهريب‭ ‬ممنهج‭.‬
·‭ ‬غيّاب‭ ‬كلّي‭ ‬لأجهزة‭ ‬المراقبة،‭ ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬نصوص‭ ‬قانونية‭ ‬واضحة‭ ‬تسند‭ ‬مسؤولية‭ ‬المراقبة‭ ‬والتتبع‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مراحل‭ ‬التّسويق،‭ ‬وعلى‭ ‬الخصوص‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬الجملة‭ ‬للخضر‭ ‬والفواكه‭ ‬والأسماك؛
·‭ ‬تداخل‭ ‬الاختصاص‭ ‬بالنّسبة‭ ‬لمجالات‭ ‬المراقبة‭ ‬ونطاقها‭. ‬مثلا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأعوان‭ ‬وزارة‭ ‬الصّيد‭ ‬البحري،‭ ‬وكذا‭ ‬المكتب‭ ‬الوطني‭ ‬للصّيد‭ ‬مراقبة‭ ‬وتتبع‭ ‬مسالك‭ ‬تسويق‭ ‬الأسماك‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬المذكور‭ ‬سابقا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الفصل‭ ‬61‭ ‬من‭ ‬حرية‭ ‬الأسعار‭ ‬والمنافسة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يسمح‭ ‬بذلك‭ ‬للأعوان‭ ‬التّابعين‭ ‬لوزارة‭ ‬الدّاخلية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تعتبر‭ ‬أصلا‭ ‬وصية‭ ‬على‭ ‬القطاع؛
·‭ ‬الصيد‭ ‬الجائر،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجاوز‭ ‬الحصص‭ ‬المسموح‭ ‬بها‭ ‬رسميا‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صيد‭ ‬الأسماك‭ ‬لا‭ ‬يسمح‭ ‬باصطيادها‭ ‬أثناء‭ ‬الرّاحة‭ ‬البيولوجية،‭ ‬أو‭ ‬بالنظر‭ ‬لصغر‭ ‬حجمها‭.‬
كل‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬وغيرها‭ ‬تلعب‭ ‬دورا‭ ‬في‭ ‬مسبح‭ ‬الواقع‭ ‬التّمويني‭ ‬للأسماك‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬الوفرة‭ ‬والسّعر‭. ‬ونفس‭ ‬الشيء‭ ‬بالنّسبة‭ ‬للخضر‭ ‬بخصوصيات‭ ‬مختلفة‭ ‬عن‭ ‬قطاع‭ ‬الأسماك‭.‬
‮ ‬
لكن،‭ ‬ما‭ ‬سرّ‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬التّوجّه‭ ‬إلى‭ ‬الأسواق‭ ‬الخارجية‭ ‬للتّخفيف‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬اللّحوم؟
ترجع‭ ‬الأسباب‭ ‬بالأساس‭ ‬إلى‭ ‬فشل‭ ‬برنامج‭ ‬وأهداف‭ ‬ونتائج‭ ‬مخطّط‭ ‬المغرب‭ ‬الأخضر،‭ ‬خاصّة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لقطاع‭ ‬تربية‭ ‬المواشي،‭ ‬‮ ‬ولعل‭ ‬الهدف‭ ‬في‭ ‬هذا‮ ‬‭ ‬التوجه‮ ‬‭ ‬هو‭ ‬‮ ‬ما‭ ‬يلي:

1.‭ ‬سدّ‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬العرض‭ ‬والطلب‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتحقّق؛
2.‭ ‬التّحكّم‭ ‬في‭ ‬الأسعار،‭ ‬ورغم‭ ‬ذلك‭ ‬فأثمان‭ ‬اللّحوم‭ ‬المستوردة‭ ‬ليست‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬التّدنّي‭ ‬لتحقّق‭ ‬الفرق‭ ‬وتؤثّر‭ ‬على‭ ‬بنية‭ ‬العرض؛
3.‭ ‬محاولة‭ ‬توفير‭ ‬التّنوع‭ ‬في‭ ‬اللّحوم‭ ‬الحمراء‭ ‬غير‭ ‬المتوفّرة‭ ‬محليا؛
4.‭ ‬الاستجابة‭ ‬للطّلب‭ ‬الموسمي‭ ‬وفي‭ ‬فترات‭ ‬ومواسم‭ ‬الذروة؛
5.‭ ‬التّأثير‭ ‬على‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلّي‭ ‬لتوفير‭ ‬الفرصة‭ ‬لاستعادة‭ ‬توازن‭ ‬القطيع‭ ‬والتّموين‭.‬
‮ ‬
هل‭ ‬يتّجه‭ ‬المغرب‭ ‬نحو‭ ‬فقدان‭ ‬سيادته‭ ‬الغذائية؟‭ ‬وما‭ ‬كلفة‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬السّياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية؟
 بالتّأكيد،‭ ‬فكلّما‭ ‬زادت‭ ‬نسبة‭ ‬استيراد‭ ‬اللّحوم‭ ‬الحمراء‭ ‬مقارنة‭ ‬بالإنتاج‭ ‬المحلي،‭ ‬كلّما‭ ‬انخفض‭ ‬صبيب‭ ‬مستوى‭ ‬السّيادة‭ ‬الغذائية،‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬اعتماد‭ ‬مصدر‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬الاستيراد،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬‮ ‬من‭ ‬خطورة‭ ‬فقدان‭ ‬السيادة‭ ‬الغذائية‭. ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬المغرب‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬التّأثير‭ ‬في‭ ‬سعر‭ ‬اللّحوم‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالميّ،‭ ‬ولا‭ ‬توجد‭ ‬سياسة‭ ‬استراتيجية‭ ‬واضحة‭ ‬لدعم‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬،بدليل‭ ‬أن‭ ‬92%‮ ‬من‭ ‬مربي‭ ‬الأبقار‭ ‬لا‭ ‬يستحقون‮ ‬‭ ‬دعم‭ ‬6‭ ‬آلاف‭ ‬درهم‭ ‬للعجل‭ ‬الواحد،‮ ‬‭ ‬لأنهم‭ ‬لا‭ ‬يتوّفرون‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬5‭ ‬بقرات‭ ‬في‭ ‬المعدل‭ ‬كمعيار‭ ‬لرصد‭ ‬الدّعم‭ ‬المذكور‭.‬
أكيد‭ ‬هناك‭ ‬أزمات‭ ‬عالمية،‭ ‬من‭ ‬حروب‭ ‬وفتن‭ ‬وكوارث،‭ ‬قد‭ ‬تعطّل‭ ‬الاستيراد‭ ‬وتعرض‭ ‬السّيادة‭ ‬الغذائية‭ ‬المغربية‭ ‬للخطورة‭.‬
من‭ ‬نتائج‭ ‬ذلك،‭ ‬عجز‭ ‬الدولة‭ ‬عن‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬سياسية‭ ‬مستقلّة،‭ ‬والتعرّض‭ ‬للضّغوط‭ ‬الخارجية،‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬نتيجة‭ ‬احتجاجات‭ ‬اجتماعية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬اللّحوم‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬القدرة‭ ‬الشّرائية‭ ‬للمستهلكين،‭ ‬م‭ ‬والأمنما‭ ‬يؤدي‭ ‬حتما‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬معضلة‭ ‬الفقر‭ ‬وسوء‭ ‬التّغذية،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬فقدان‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الإنتاج،‭ ‬وتنامي‭ ‬التّفاوتات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬والهجرة‮ ‬‭ ‬من‭ ‬الأرياف‭ ‬إلى‭ ‬المدن‭ ‬بسبب‭ ‬انعدام‭ ‬فرص‭ ‬زيادة‭ ‬الإنتاج‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الرّعي‭ ‬بالبوادي‭.‬وكلّ‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬لها‭ ‬تأثير‭ ‬على‭ ‬السّلم‭ ‬الاجتماعيين
‮ ‬
ولماذا‭ ‬لا‭ ‬تركّز‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬قطاع‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلّي‭ ‬لتحقيق‭ ‬الاكتفاء‭ ‬الذاتي‭ ‬بدل‭ ‬الرّهان‭ ‬على‭ ‬المورّدين؟
 يعود‭ ‬سبب‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬اعتقادنا‭ ‬إلى‭ ‬الارتجال‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار،‭ ‬واعتماد‭ ‬سياسة‭ ‬ترقيعية‭ ‬لعلاج‭ ‬الإشكال‭ ‬مؤقّتا،‭ ‬لأن‭ ‬الاستيراد‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يبدو‮ ‬‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬المشهد‭ ‬لأنه‭ ‬الحلّ‭ ‬الأرخص‭ ‬والأسرع،‭ ‬عوض‭ ‬انتظار‭ ‬نتائج‭ ‬تطوير‭ ‬القطاع‭ ‬كلّيا‭.‬
وإلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬ضغط‭ ‬المستوردين‭ ‬وأصحاب‭ ‬المصالح‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬الاستيرادية‭. ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬سبق‭ ‬ذكره‭ ‬‮ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إهمال‭ ‬قطاع‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي،في‭ ‬ظل‭ ‬‮ ‬ضعف‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬اللازمة‭ ‬لتطوير‭ ‬قطاع‭ ‬الإنتاج‭ ‬المحلي‭ ‬كنقص‭ ‬المسالخ،‭ ‬ومستودعات‭ ‬التخزين‭..‬،‭ ‬إضافة‭ ‬الى‭ ‬تركيز‭ ‬الدّولة‭ ‬على‭ ‬قطاعات‭ ‬أخرى‭ ‬تعتبرها‭ ‬أكثر‭ ‬أهمية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬نقص‭ ‬الخبرة‭ ‬العلمية‭ ‬المتطوّرة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تطوير‭ ‬إنتاج‭ ‬وتخزين‭ ‬اللّحوم،‭ ‬والاعتماد‭ ‬على‭ ‬الوسائل‭ ‬الفلاحيّة‭ ‬التّقليدية‭.‬

 ماهو‭ ‬تصوركم‭ ‬كمجتمع‭ ‬مدني‭ ‬لتدارك‭ ‬الخلل‭ ‬التمويني،‭ ‬وعلى‭ ‬مستوى‭ ‬الأسعار؟
 إنّ‮ ‬‭ ‬برمجة‭ ‬وتنفيذ‭ ‬الدعم‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬قطاع‭ ‬،يستلزم‭ ‬تتبع‭ ‬مساراته‮ ‬‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬تحقيق‭ ‬الأهداف‭ . ‬ومن‭ ‬أهداف‭ ‬دعم‭ ‬سوق‭ ‬اللحوم،‭ ‬تخفيض‭ ‬سعره‭ ‬ليكون‭ ‬في‭ ‬متناول‮ ‬‭ ‬المستهلك‭ ‬العادي‭. ‬لكن‮ ‬‭ ‬أن‭ ‬يرصد‭ ‬الدعم‮ ‬‭ ‬بهذه‭ ‬التركيبة‭ ‬والحماس‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬النتيجة‭ ‬،‭ ‬فهذا‭ ‬يعني‭ ‬وجود‭ ‬خلل‮ ‬‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬الدعم‭ . ‬فأثمان‭ ‬اللحوم‭ ‬تعرف‭ ‬ارتفاعا‭ ‬فاحشا‭ ‬مقارنة‭ ‬بالقدرة‭ ‬الشرائية‭ ‬للمواطن‭ ‬العادي‭ ‬،‭ ‬مما‭ ‬يحول‭ ‬الظاهرة‭ ‬الى‭ ‬ظرف‭ ‬استثنائي‭ ‬يرتبط‭ ‬بالجفاف‭ ‬و‭ ‬تداعياته‭. ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬القطاع‭ ‬يعيش‭ ‬ظروفا‭ ‬غير‭ ‬عادية‭ ‬،‭ ‬تستلزم‭ ‬تطبيق‮ ‬‭ ‬مقتضيات‭ ‬المادة‮ ‬‭ ‬4‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬104.12‭ ‬المتعلق‭ ‬بحرية‭ ‬الأسعار‭ ‬والمنافسة‭ . ‬التي‭ ‬تستوجب‭ ‬قيام‭ ‬المصالح‭ ‬المعنية‭ ‬بتحديد‭ ‬مؤقت‮ ‬‭ ‬لأسعار‮ ‬‭ ‬هذا‭ ‬المنتوج‮ ‬‭ ‬خاصة‮ ‬‭ ‬،‭ ‬وذلك‭ ‬لمدة‭ ‬6‭ ‬أشهر‭ ‬قابلة‭ ‬للتجديد،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬لإرجاع‭ ‬توازن‭ ‬سوق‭ ‬هذا‭ ‬المنتوج‮ ‬‭ ‬خاصة‭. ‬وأنه‭ ‬مدعم‭.‬
أما‭ ‬الإقتراح‭ ‬الثّاني‮ ‬‭ ‬فيرتبط‮ ‬‭ ‬بالتماس‭ ‬قيام‭ ‬المصالح‭ ‬المعنية‭ ‬بالمراقبة‮ ‬‭ ‬لتتبّع‭ ‬المسالك‭ ‬الفعلية‭ ‬للتسويق‭ ‬،إما‭ ‬بطريقة‭ ‬مباشرة‭ ‬فيما‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬تحديد‭ ‬الأسعار‭ ‬أو‭ ‬تسقيفها‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬أو‭ ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬ذات‭ ‬الأسعار‭ ‬بطريقة‭ ‬غير‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تتبع‮ ‬‭ ‬‮ ‬المسار‭ ‬الوثائقي‭ ‬المرتبط‮ ‬‭ ‬بالمنتوج‭ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬المصالح‭ ‬الضريبية،‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬جل‭ ‬مهنيي‭ ‬القطاع‭ ‬يتمسّكون‭ ‬بنسب‭ ‬الأرباح‭ ‬السابقة‭ ‬ويعتبرونها‭ ‬حقا‭ ‬مكتسبا‭. ‬أو‭ ‬عند‭ ‬الإقتضاء،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المصالح‭ ‬الأخرى‭ ‬المعنية‭ ‬بالفوترة‭ ‬وإعلان‭ ‬الأثمان‭.‬‮ ‬